د. خالد سعيد يكتب: تنتظرون المهدي ومهديكم فيكم
يكاد كل أتباع دين ينتظرون «مهديا» أو «مسياً» يمسح الظلم ويقيم العدل وينصر المستضعفين والمظلومين.
وكلما اشتد بالناس القعود عن تحقيق أهدافهم وما يجب عليهم، ازدادت عندهم النزعة «التواكلية»، وارتقبوا نصراً خفياً أو فعلاً غيبياً سماوياً.
وربما عاد أصل الفكرة إلى تبشير الأنبياء بعضهم ببعض، وبشارتهم جميعاً برسول الله ﷺ حتى انتظره المؤمنون جيلاً بعد جيل وفي كل الأمم.
فالأمة الغضبية تنتظر مسيحها الدجال، والأمة الضالة تنتظر «المسيا» وهو النبي الأحمد أي الأعظم في صفاته ومحامده، وقد خرج فكذبوه ﷺ.
بل إن أصحاب بعض الملل الوثنية وعباد الأصنام ربما ينتظرون مخلصاً من نوع ما، ولعل هذا موروث بنفس التسلسل في مللهم قبل انحرافها كما ألحد العرب من قبل في ملة إبراهيم عليه السلام.
وأما أمتنا فلم يعد بعد نبيها ﷺ نبي، وإنما تنتظر مهدياً يملأ الدنيا نوراً وعدلاً بعد إذ ملئت ظلماً وجوراً، فمنها من يؤمن بمولده وبعثه في آخر الزمان، ومنها من يؤمن بغيبته حتى يخرج.
وأما المؤمنون حقاً وأما أولوا الأحلام والنهى فيؤمنون أن مهديهم فيهم، وإمامهم منهم، قال الله ﷻ في محكم التنزيل: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ).
فبيننا كتاب الله فيه الحكم والرشد، وفيه العلم والعمل وفصل الخطاب، وفيه الجهاد والأمر والنهي، وفيه أحكام الدماء والأموال والأعراض، وحتى إن بعث الله في هذه الأمة مهدياً -وأنا أومن بهذا- فهدايته إنما هي بعلم الكتاب.
وصدق من قال:
وإن كتاب الله أوثق شافع // وأغنى غناء واهبا متفضلا
أيها المؤمنون إنما مهديكم اليوم في غزة وغداً يتحرك إلى بيت المقدس، فهل أنتم ناصروه!