السبت سبتمبر 21, 2024
السيد نصير الأمة الثقافية سلايدر سير وشخصيات

5 نوفمبر 1990م:

المصري المنسي في سجون أمريكا: السيّد نصير قاتل المجرم كاهانا

33 سنة في سجون أمريكا ..

هل تتذكّرون السيّد نصير؟

– قصيدة تاريخية للدكتور جابر قميحة (رحمه الله) في “السيّد نُصير”

– الكاتب السعودي الراحل “جمال خاشقجي” يحاور السيّد نصير داخل سجنه

– المصري (السيّد نصير) يغتال “مائير كاهانا” مؤسس حركة كاخ اليمينية المتطرفة، وذلك ثأرًا لمذبحة الأقصى في أكتوبر 1990م، والتي ذهب ضحيتها 27 فلسطينيًا، على أيدي قوات شرطة الحدود الإسرائيلية التي كانت تحمي جماعة أمناء جبل الهيكل المتطرفة في محاولتها تدنيس حرم المسجد الأقصى.

(السيد عبد العزيز نصير)

مواليد مدينة “بورسعيد”  (مصر) في 16 نوفمبر 1955م..

– فنان متخصص، حصل على بكالوريوس كلية الفنون التطبيقية من جامعة القاهرة عام 1979م، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1981م، وحصل على الجنسية الأمريكية عام 1989م.

– عملَ السيّد نُصير في أعمال مختلفة بـ نيوجيرسي، ثم مدينة نيويورك التي أصبح مسؤولا فيها عن تصليح مكيّفات الهواء بمبنى المحاكم الجنائية.

السجن مدَى الحياة

السيّد نصير، شاب مصري بورسعيدي، محكوم عليه بالسجن مدى الحياة في سجن لومبوك بولاية كاليفورنيا الأمريكية، ورقمه 054ـ 35074 بالدور الثالث، ومعه في نفس السجن أيضا قياديون أصوليون كانوا في قضية تفجيرات نيويورك عام 1993م، منهم: إبراهيم الجبوني، وفاضل عبد الغني، وطارق الحسن.

أدين السيد نصير بالتورط في قتل الحاخام مائير كاهانا زعيم حركة كاخ المتطرفة في 5 نوفمبر 1990م، وحُكمَ عليه بالسجن مدى الحياة.

هامان باني أهرامات الجيزة

في رسالة لجريدة «الشرق الأوسط» نُشرت بتاريخ 22 مارس 2016م، من سجنه الأميركي شديد الحراسة، قال السيّد نصير:  بأنه يقضي عقوبة السجن مدى الحياة ما بين القراءة والتريض والبحث في معاني القرآن الكريم، ومسموح له بعمل مكالمتين أسبوعيا، كل مكالمة 15 دقيقة، وكذلك التراسل البريدي، مضيفا: منذ اعتقالي مر علي أكثر من 25 عاما في السجن الأميركي، ولكن الحمد لله، أقضي وقتي اليومي بنشاط مستمر، سواء في التريض أو القراءة والرسم، أو الاطلاع على ما يدور من أحداث في العالم الخارجي بواسطة الوسائل السمعية والمرئية المتاحة.

وأوضح نصير وهو فنان متخصص في النحت وخريج كلية الفنون التطبيقية جامعة القاهرة في رسالته المطولة لـ«الشرق الأوسط» ومرفق بها بحث أثري جديد عن بناة الأهرامات، وقال في رسالته التي أرفق بها بحثه الجديد بالعربية والإنجليزية قرأ فيه العشرات من الكتب عن أهرامات الجيزة، حيث ربط في تفسيراته بين بناء الأهرامات الثلاثة، وآيات من القرآن الكريم، باعتبار أن الكتاب المنزل شرح في آياته أحوال من سبقوه من أقوام وشعوب.

وقال نصير بأن باني أهرامات الجيزة هو هامانو كما كشفت البرديات، وتساءل: «هل يذكرك هذا باسم هامان الموجود في القرآن الكريم»، وقال: إن هامان هو شقيق خوفو فرعون مصر من الدولة القديمة، وله تمثال موجود باسمه في المتحف الألماني (مرفق تفسير للآيات المذكورة عن فرعون وهامان من كتاب «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير).

وقال السيّد نصير بأنه يعرف أنه يفتح طاقة من الجدل الحاد بين علماء الآثار والأديان، لأن الجميع تقريبا يعتقدون بأن زمن النبي موسى في مصر، كان في حدود 1430 سنة قبل الميلاد.

وأضاف: «إن هناك آيات قرآنية تكشف أن الأهرامات بنيت أساسا بسبب حدوث زلازل في الزمن القديم، مما استدعى تشييد هذه الأهرامات لتقف ضد ثورات الزلازل». ويستشهد نصير بالآية القرآنية الواردة في سورة النبأ «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا. وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا»، ويقول نفهم من هذه الآية أن الله البديع المصور جعل الأرض مستوية كالفِراش أو البساط، وخلق لنا الجبال لتكون لنا كالأوتاد المخترقة لسطح الأرض، واكتشف العلماء حديثا أن الجبال تقوم بمهام عدة، منها تثبيت الأرض وتسكينها، وتقوم أيضا بمهمة امتصاص الهزات الأرضية، التي تأتي من أعماق باطن الأرض. ويتطرق نصير من خلال تفسيره لآيات سورة ص «كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ»، وآيات سورة الفجر «وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ. الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ». والأوتاد حسب رأي نصير كما نقلها عن العلماء، ومنهم أبو الأعلى المودودي، تعني القوة والعنف أو جيوش الفرعون.

 ويقول نصير: لا أعتبر احتجازي في السجن الأميركي امتحانا وابتلاءً من الله لعباده الصابرين، ولكنه فرصة لالتقاط الأنفاس وقراءة كتب عن التاريخ المصري القديم بالإضافة إلى الغوص في معاني القرآن الكريم، واستكمال ما كنت أبحث عنه من معرفة بعد تخرجي من كلية الفنون التطبيقية عام 1987.

مقتل مائير كاهانا

– تمكّن “السيّد نُصير” من قتل المجرم الصهيوني (مائير كاهانا) المتعصب المتطرف، زعيم حركة “كاخ” الذي كان يصف العرب والفلسطينيين بأنهم أفاعي وحشرات، لذا يجب طردهم، بل القضاء عليهم، وتمكّن “السيد نصير” من إطلاق الرصاص عليه في الولايات المتحدة، فأرداه قتيلا.. وذلك في أحد فنادق نيويورك، في 5 نوفمبر 1990م.

– لم يكن السيد نصير تابعًا أو منتميًا لأي حزب أو جماعة، أو أي تنظيم ديني، أو سياسي،

وكان قراره بقتل مائير كاهنا، نابعًا من ذاته فقط، بعد مذبحة الفلسطينيين في الأقصى.

اعترافه بقتل كاهانا

أنكر السيّد نصير في البداية علاقته بمقتل كاهانا حسب طلب محاميه، لكنه اعترف بعد ذلك متفاخرا بقتل ذلك المجرم وقال في اتصال هاتفي أجراه مع صحيفة «البيان» من سجنه بولاية كاليفورنيا أنه كان يرتدي معطفاً وقت أن كان كاهانا يلقي محاضرة في جمع من اليهود الأمريكيين يحثهم خلالها على الهجرة لإسرائيل في إطار مشروعه «الترانسفير» الذي بمقتضاه يتم طرد الفلسطينيين من أراضيهم وإحلال اليهود محلهم.

وأوضح نصير الذي كان يحمل مسدساً في تلك الأثناء أنه كان متردداً في الإقدام على العملية، غير أن «الحقد الذي كان ينفثه كاهانا ضد العرب والمسلمين» حسم تردده، فخلع المعطف الذي كان يرتديه، ووضعه فوق ذراعه فيما كان بمستوى منخفض عن كاهانا، وأخفى المسدس أسفل المعطف، ثم صوب تجاه الحاخام المتطرف وأطلق الرصاص. وقال نصير «بعدها أطلقت الرصاص على كاهانا قتله الله».

من هو المجرم مائير كاهانا؟

تقول التقارير المنتشرة على المواقع الإليكترونية العربية: كاهانا حاخام إسرائيلي متطرف نشأ في الولايات المتحدة، وُلد في 1 أغسطس 1932م، بولاية نيويورك، واغتيل فيها يوم 5 نوفمبر 1990م،

الابن البكر لأسرة يهودية كانت تقيم في صفد بفلسطين، قبل استقرارها في نيويورك.

تميز بأفكاره العنصرية التي تدعو للعنف ضد العرب والمسلمين، وهو ما عرّضه للمحاكمة في أكثر من مناسبة.

مارس نشاطه السياسي والتلمودي في الولايات المتحدة، وأسس فيها هيئات عدة لنشر أفكاره ومبادئه، واضطر إلى الرحيل إلى إسرائيل بضغط من السلطات الأميركية، وهناك أيضا منع من الترشح للانتخابات بسبب أفكاره العنصرية المتطرفة.

كان والده تشارلز (يحزقيل) الذي درس اللاهوت في بولونيا حاخاما وأحد علماء التلمود المرموقين، كما كان صديقا لفلاديمير غابوتنسكي ومن المنخرطين في ما يعرف بـ”الصهيونية التصحيحية”.

في مراهقته انضم كاهانا لحركة “بيتار” (حركة شبابية شبه عسكرية تابعة لحزب حيروت اليميني) التي أسسها غابوتنسكي بهدف مركزة اليهود والعبرية في “أرض فلسطين التاريخية”.

وفي سن الـ15 حطم نوافذ سيارة إرنست بيفين، وزير الخارجية البريطاني آنذاك، احتجاجا على الانتداب البريطاني في فلسطين، وسُجنَ إثر ذلك في الولايات المتحدة.

عُيّن مائير كاهانا في مطلع شبابه رئيسا لجماعة في كنيس هاورد بيتش بحي من أحياء الطبقة العاملة في كوينز، وحظي بشعبية كبيرة بصفته حاخامًا، بخاصة عند الجماهير الأصغر سنا، لأن بعض البالغين انزعجوا من آرائه التي هاجمت اليهود الأميركيين لابتعادهم عن العقيدة.

في عام 1960م، أقام كاهانا حاجزا ممتدا من الأرض حتى سقف الكنيسة يفصل بين المصلين من الذكور والإناث، فقرر أغلب المصلين أن وقت رحيله قد حان، وهُمّش ووُصف فعله بـ”الهوس الديني المفرط”.

بعد هذه الحادثة سافر كاهانا إلى إسرائيل، ووُبّخ هناك في مدرسة يهودية بسبب تلعثمه في العبرية وضعف معارفه التلمودية، فعاد مجددا إلى نيويورك.

بعد عودته، عمل كاتبا في المجلة اليهودية، ثم في هيئة تحريرها، ثم أصبح رئيسا لتحريرها، وفي تلك الفترة استعاد علاقته بجوزيف شوربا زميله القديم في “بيتار”.

كان شوربا على علاقة وثيقة بأجهزة الأمن الأميركية، فأشرك في نشاطاته كاهانا الذي لقب نفسه آنذاك بـ”مايكل كينغ” (مايكل الملك)، وحشد الدعم اليهودي لمصلحة الولايات المتحدة في حرب فيتنام.

من خلال صياغته لعبارات تؤكد أن “اليهود لن يتجاهلوا محنة إخوتهم الأجانب” وأن “الهولوكوست لن يتكرر مرة أخرى”، استطاع مائير كاهانا أن يجذب الشباب إلى رابطة الدفاع اليهودي (Jewish Defense league) التي أنشأها في نيويورك عام 1968م

تأسس فكر الرابطة على التشبث بأيديولوجية يمينية متشددة، وتتلخص مباديء الرابطة التي أقرّها مائير كاهانا في: حب إسرائيل، وشعب إسرائيل، والفخر بالإرث والتاريخ اليهودي، وضرورة الوحدة اليهودية.

إضافة إلى مبدأ “الحديد”، وهو المبدأ الذي يمثل استخدام القوة والعنف في تحقيق أهداف الرابطة، وهذا المبدأ يمثل فكرة أساسية عند كاهانا، إذ يرى أن انتهاج اليهود للسلام جرّ عليهم العنف، ومن ثم يجب عليهم أن يحققوا أهدافهم بالقوة.

حققت هذه الرابطة انتشارا كبيرا، وعُرف كاهانا بقدرته على إثارة الجماهير بخطاباته العاطفية الحماسية، كما امتازت خطاباته ببعد شعبوي تحريضي بعيدا عن الخطاب الليبرالي الداعي للتعايش، وهكذا كانت أفكار غابوتنسكي التي تغذي بها كاهانا في نشأته.

انتقل مائير كاهانا وعائلته إلى إسرائيل عام 1971م، حيث أسس حزب “كاخ” اليميني المتطرف الذي طالب برنامجه بضم جميع الأراضي المحتلة وتهجير الفلسطينيين قسرا.

اكتشفت قوات الأمن الإسرائيلي في السادس من أكتوبر 1972م، مخبأ أسلحة وقنابل يدوية ومتفجرات داخل قاعدة تل أبيب الجوية، كان كهانا ينوي تهريبها إلى الولايات المتحدة لاستخدامها في الهجوم على الدبلوماسيين السوفيت والعرب.

ترشح كاهانا للكنيست عدة مرات ولم يفز بمقعد حتى عام 1984م، حينئذ قدم اقتراحات عدة تنص في أجزاء منها على إلزام غير اليهود بتحمل رسوم وضرائب وعبودية، وتعريض من لا يلتزم بها للترحيل القسري.

كما اقترح قوانين تسنّ عقوبات على اليهودي الذي يتزوج بغير اليهود تصل إلى 50 عاما، وتعرّض اليهودي الذي تربطه علاقة بغير اليهود للسجن 5 سنوات.

دعا مائير كاهانا إلى تفجير المسجد الأقصى وإعادة بناء الهيكل الثالث، وأكد استعداده الكامل لتنفيذ ذلك.

زادت أعمال العنف ضد الفلسطينيين في الأرض المحتلة بسبب دعوة المجرم كاهانا، حتى كانت مذبحة الأقصى في أكتوبر 1990م، التي جعلت الشاب المصري المهاجر للولايات المتحدة “السيّد نصير” ينتظر الوقت المناسب للانتقام، وجاءت الفرصة في الشهر التالي (5 نوفمبر 1990م)، عندما تسلل السيّد نصير إلى قاعة محاضرات بفندق ماريوت ماركيز بحي مانهاتن في نيويورك، كان يحاضر فيها المجرم كاهانا، ويدعو الصهاينة الذين اكتظت بهم القاعة، إلى قتل العرب والمسلمين، ونجح السيد نصير في قتل ذلك المجرم الصهيوني كاهانا

حوار مع شقيق السيّد نصير

في حواره مع جريدة (المصري اليوم)، بتاريخ 18 مايو 2008م، قال الأستاذ محمد نصير، شقيق السيد نصير المحبوس في أمريكا بتهمة قتل الحاخام الإسرائيلي المتطرف «مائير كاهانا» زعيم حركة «كاخ»، إن شقيقه محبوس انفرادياً منذ أحداث سبتمبر 2001م، في نيويورك، مما جعله لا يستطيع العمل، مشيراً إلي أنه طوال 7 سنوات مضت، وهو يعيش حياة صعبة، حيث كان يعمل من قبل داخل السجن ويكسب أموالاً تمكنه من الاتصال بأهله، إلا أن السلطات الأمريكية ترفض حتي مساعدته في كتابة مذكراته، ويحصل علي قدر ضئيل من الحرية داخل السجن، لكنه يعامل بشكل طيب ـ علي حد قول شقيقه.

وأضاف محمد نصير: إن شقيقه كان يحاول تدبير أي أموال ليقيم دعوى لإعادة محاكمته، لأن أقصي عقوبة للسجن في أمريكا هي 22 سنة، لكنه لم يستطع توفيرها، كما أنه لم يتصل بهم منذ 7 شهور للسبب نفسه.

وناشد محمد نصير الرئيس مبارك بالتدخل لإعطاء شقيقه فرصة للدفاع عن نفسه، وتسهيل تحويل الأموال إليه.

وقال إن شقيقه أرسل استغاثة من محبسه إلي نبيل فهمي، السفير المصري في الولايات المتحدة الأمريكية، لمساعدته، مطالباً بإيجاد طريقة لمراسلة شقيقه، وتحويل أموال إليه حتي يستطيع الدفاع عن نفسه، لوجود مخالفة دستورية في الحكم، وهي براءته أمام محلفين ثم إدانته أمام محلفين آخرين، لافتاً إلي إمكانية حصول شقيقه علي البراءة من خلالها.

وأضاف  إن شقيقه يتضرر من مضايقات اللوبي اليهودي داخل السجون والذين حاولوا من قبل اغتياله ثلاث مرات في أعوام: 1991م، 1992م، 1993م، مشيراً إلي أن السلطات الأمريكية تحرص علي إبقائه حياً ليكون عبرة للعرب، مؤكداً أنه حاول إرسال أموال إليه، لكنه اكتشف إغلاق الحساب الخاص بالسجن.

– كتب الشاعر الراحل الدكتور ”جابر قميحة” قصيدته التاريخية: (رسالة حُب إلى السيد نصير):

ولـمـا رأيـتَ الـخـيـلَ قد ريع سربُها

فـأقـعـت بـهـا أعـرافُـهـا والـقوائمُ/

ومـات الـصـهـيـلُ الـحـرٌّ في لَهَواتها

وأعـمـى مـآقـيـهـا الـذبـابُ المنادمُ/

وعـشّـشَ سـودُ الـبـومِ فـي صـهواتها

ولـيـس لـهـا مـنجى من الكربِ عاصمُ/

وقـيـلَ مـيـاديـن الـعـروبـةِ أقفرت

وإلا فـأيـن الـغـاضـبـون الـضراغمُ/

وبــدّدَ مـيـراثَ الـجـدودِ عـصـابـةٌ

هُـمـو والـخـطـايـا الـفاحشاتُ توائمُ/

فـغـابـت شـهـامـاتٌ، وذُلّـت رجولةٌ

وهـانـت كـرامـاتٌ وغِـيـلـت عمائمُ/

وخـانَ شـقـيـقٌ كـلَّ عـهـدٍ ومـوثقٍ

ولـذّت بـعـيـنـيـه الـدمـاءُ السواجمُ/

وداسَ عـلـى أهـلِ الـقـضـيـةِ غادرٌ

حـقـيـرُ الـهـوى دامـي الأظافرِ غاشمُ/

وقــال دَعِـىٌّ: إن مـصـرًا أعـقـمـت

فـلـيـس بـهـا لـلـغـاشـمين مصادمُ/

وسـاد بـهـا الـشـرُ الـذمـيـمُ سـفاهةً

فـمـاتَ بـهـا جـوعًـا عُـدَيٌ وحـاتمُ/

وبـاتَ صـلاحُ الـديـن فـيـهـا مسهّدًا

وجـافـى حـمـاهـا عـبدُ شمسٍ وهاشمُ/

ونـادى الـمـنـادي”مَن فتى”؟ قلتَ: ”إنني..

إلـى الـكـلـبِ كـاهانِ بن صهيونَ قائمُ”/

* * *

فـمـا هـي إلا غـمـضـةٌ وانـتـبـاهةٌ

وخـرّ الـخـسـيـسُ الـنذلُ والدمُ ساجمُ/

وفـر بـنـو الـحـاخـام من هولِ ما رأوا

فـلـم يـبـق مـنـهـم حـوله من يقاومُ/

وكـيـف يُـصَـد الـحـقٌّ والـحقٌّ غالبٌ

وأنـف الأُلـى عـادوا الـحـقـيقةَ راغم؟”/

رصـاصُـك لـو يـدري بـأنـك يـومها

عـلـى رَمـيّ كـاهـانِ الـصهاينِ عازمُ/

لأخـطـأ عـن عـمـدٍ, إصـابـةَ رأسِـهِ

فـلـيـس لـه إلا الـنـعـالُ الـصوارمُ/

لـذا بـات يـنـعـي حـظـه وهو كاسفٌ

حـزيـنٌ كـسـيـرُ الـقـلبِ غضبانُ لائم/

يـقـولُ بـصـوتٍ عـاتـبٍ: “قد أهنتني

أمَـا كـان غـيـر الـكلبِ مرمَى أصادمُ؟/

* * *

سـألـنـاهـا مـاذا قـد رأيـتِ بـرأسـهِ

وقـد أعـدمـتـهُ الـمُـرديَـاتُ القواصمُ؟/

أجـاب “حـديـثـي لـن يـحيط بما حوى

رأيـتُ بـهِ مـا لـم تـَسَـعـهُ عـوالـمُ/

بـحـورَ جـنـايـاتٍ, وخـزي وخـسـة

وثـمـة لـيـلٌ مـعـتـمُ.. الـدربِ جارمُ/

وفـي مـحـجـر الـعـينين جحرُ ثعالبٍ

ومـجـرى أفـاعٍ سُـمّـهـا الـنذلُ فاحمُ/

وأمـا تـلافـيـفُ الـحُـقـودِ فـمـخٌّـه

أحـابـيـل صـيـدٍ لـلـتـآمـر نـاظمُ/

وفـي الـجـهـةِ الـيـسرى من القاع هوَّةٌ

غـشـاهـا صـديـدٌ مـفـزِعُ البخرِ عارمُ/

حـوالـيـه ذوبـان وشـتـى عـقـاربٍ

عـلـيـهـا مـن الـغـدر الـذميم علائمُ/

وأنَّـى تـسِـر لـم تـلـقَ غـيـرَ كريهةٍ

مـن الـعـار والـحـقـدُ الـمشبَّبُ ضارمُ/

بـكـيـتُ عـلـى نـفـسي فحظيَ عاثرٌ

ومـثـلـي هـواهُ حـيـث تجري الملاحمُ/

* * *

أســيِّــد: إمـا يـسـألـوك بـقـاعـةٍ

مـحـقـقـهـم فـي سـاحـهـا والمُحاكِمُ/

أمـعـتـرفٌ بـالـجُـرمِ؟ أنت رميتَه؟

فـقـل بـيـقـيـن الـحـق والثغرُ باسمُ/

أنـا مـا رمـيـتُ، وإن رمـيتُ ـ وإنما

هــو اللهُ رام لــلـظـلـومِ وقـاصـمُ/

رمـتـهُ دمـاءُ الأبـريـاءِ بـقـدسـنـا

وفـي كـل نـفـسٍ لـلـضـحـايا مآتـمُ/

رمـتـه ثـكـالـى قـد فُـجـعـن بغارةٍ

بـهـا اللهبُ الـعـاتـي غـشـومٌ وجاحمُ/

رمـتـه الأيـادي الـخـضرُ ثارت لدينها

بـأحـجـارهـا تُـردي الـعِـدى وتهاجمُ/

رمـتـه حـقـودٌ حـالـكـاتٌ بـقـلـبهِ

هـي الـلـيـلُ مـشـبـوبُ التعصبِ قاتمُ/

بـل اتـنـحـرَ الـبـاغـي، فلستُ بقاتلٍ

ومـن عـاش ظـلّامًـا رمـتـه الـمظالمُ”/

دفـاعـك لـن يـجـديـكَ شـيـئًـا لأنه

دفـاعٌ عـن الـحـق الـمـضـيـّع حاسمُ/

فـلا تـفـزعَـن إن أنكروا الحق مِن عمًى

فـتـضـيـيـعـهـم لـلحق شرعٌ مداومُ/

ومـثـلـك لا يـأسـي عـلـى عيش ذلةٍ

بـه الـوطـن الـعـربـي عـانٍ, وغـارمُ/

ولـسـتَ تـبـالـي حـيـن تُـقتَل مسلما

فـمـثـلـك لـم يـضـعف وليس يساومُ/

وقـد قـمـت لـلـجـلَّـى بـصدقٍ وهمةٍ

وأنـت عـلـى نـيـل الـشـهـادة عازمُ/

ومَـن يـَنْـوِ أن يـلـقـى الشهادةَ صادقًا

كـمـن نـالـهـا: فـي جـنة الخلد غانمُ/

* * *

رصـاصُـكَ أجـرى فـي الـخيولِ عزيمةً

لـهـا الـغـرب مـخـلـوعُ الفؤاد وواجمُ/

فـبـعـد تـوابـيـتِ الـلـيـاليَ والأسى

سـتـهـتـك سـتـر الـلـيلِ والليلُ جاثمُ/

ويـنـهـض مُـقـعـيـها ويصهلُ خارسٌ

ويـبـصـرُ مـا غـشّـتـهُ فـيها غمائمُ/

وتـهـوي ضـواري الـبومِ عن صهواتها

وتـشـمـخ أعـرافٌ وتـمـضـي قوائمُ/

سـنـابـكـهـا تـرمـي الشرار وضبحُها

هـزيـم رعـودٍ, أجـجـتـهُ مـجـاحـمُ/

فـلـيـس سـوى حـقٍ هـنـالـك غـانمٌ

وبـاطـلـهـم تـحـت الـسـنابك ساهمُ/

يـروِّعـه الـخـسـرانُ مـن كـل جانبٍ

وتــفـضـحـه عـاراتُـه والـهـزائـمُ/

* * *

أسـيـدُ عـشـتَ الـيـوم والـغـدَ سيدا

فـَذِكْـرُكَ حـيٌ فـي الـقـلـوبِ ودائـمُ/

تــقــبـّلـه مـنـا ثـغـورٌ وأعـيـنٌ

ومـنـه عـلـى صـدر الـشـبـاب تمائمُ/

مُـسـمَّـاك مـن إسـم “الـنـصير” حقيقةٌ

عـلـيـهـا مـن الـعـزِّ الأشـمِ مـعالمُ/

أعـدتَ إلـى قـلـبِ الـعـروبـةِ نبضَهُ

ووجـهُ الـعُـلا لـلـنـصـرِ جذلانُ باسمُ/

فـأنـت نـشـيـدٌ وقَّـع الـحـقٌّ لـحنَهُ

وصـاغـت مـعـانـيـه الـكـبارَ مكارمُ/

–––––––––––––––

أقعت: قعدت واسترخت.

الضراغم: الأسود.

السواجم: السائلة.

المرديات القواصم: يقصد بها الرصاصات القاتلة.

 أعقمت: عجزت عن الإنجاب.

النعال الصوارم: الأحذية القوية الشديدة.

كاسف: خجلان.

 الحقود (بضم الحاء) جمع حقد.

جارم: مذنب.

الهزيم: صوت الرعد.

خارس: صامت.

——————

في الصورة: الراحل جمال خاشقجي يحاور السيد نصير داخل سجنه بفلوريدا، جريدة (المسلمون) يناير 1991م

———————-

يسري الخطيب

Please follow and like us:
يسري الخطيب
- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب