(فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ يُسَٰرِعُونَ فِيهِمۡ يَقُولُونَ نَخۡشَىٰٓ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٞۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرٖ مِّنۡ عِندِهِۦ فَيُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ نَٰدِمِينَ) (52 – المائدة)
—————————-
آيةُ الفتحِ شأنُها فضَّاحُ = وبنوها الغدَّاءُ والرَّوَّاحُ
والليالي لسعيهم شاهداتٌ = والأماسي بها الفدا فوَّاحُ
أخبرتْهم أيامُ بَدْرٍ وأُحدٍ = أنَّ في قبضةِ الجهادِ فلاحُ
أرخِصوها للهِ إنَّ قلوبًا = لم تبايعْ فقد جفاها النَّجاحُ
ودعوا مرضى القلوبِ سكارى = أو حيارى لدى العدوِّ استراحوا
وإليهِ يسارعون لخوفٍ = من ضياع وملكُهم يُستباحٌ
وتراهم يخشون دائرةَ السوء = عليهم تسوقُهم أتراحُ
ثمَّ فيها سيندمون ولكنْ = ليس يجدي التحذيرُ والإصلاحُ
فالنفوسُ الوضيعةُ اليومَ خفَّتْ = لمتاعٍ لهم عليه انبطاحُ
فاتهم أنّ ربَّنا لم يدعهم = فالمصيرُ المحتومُ فيه النُّواحُ
والفراعين قبلهم كم تمادوا = وبغوا في حكمِ العبادِ ولاحُوا
فأتاهم من المهيمنِ أمرٌ = وهُمُ مسرفٌ أثيمُ وَقاحُ
أهلكتْهم أقدارُ بارئِنا اجتثَّتْ = أمانيهمُ الحِسانَ الرياحُ
قد نهاهم ربُّ الأنامٍ لكيلا = يتراموا فللعدوِّ جِماحُ
الصليبيُّون العتاةُ وعنهم = ماتناسى التاريخُ والنُّصَّاحُ
واليهود الشُّذِّاذُ باتَ لديهم = لُعِنُوا قتلُ المسلمين يُباحُ
وشهدنا إجرامَهم والمآسي = وبأيديهم تُزهقُ الأرواحُ
غضبُ اللهِ القديرِ عليهم = وعلى مَنْ أعانهم فاستباحوا
حُرماتٍ لمَّا تجدْ مَن حماها = فاستجارتْ فَلبَّتِ الأرواحُ
في حنايا الأباة جندِ حماسٍ = والميامينُ حولها والمُتاحُ
من عتادٍ وعُدَّةٍ واعتزازٍ = بإلهي ، وَلْيَخْسَأ النَّبَّاحُ
ما رأينا من الطغاةِ سوى المكرِ = يُغذِّي جماحَه السَّفَّاحُ
حيثُ تاهَ الحكامُ في غابةِ الذلِّ = فَقَومي للذُّلِّ لم يرتاحُوا
كفروا بالطغاةِ والمجرمين اليومَ = باعوا فللشعوبِ اكتساحُ
وأناخوا لدى اليهودِ وَهانوا = للكراسي، ومنهمُ الطَّوَّاحُ (1)
فأتتهم واللهِ آيةُ فتحٍ = في يديها العهودُ والإيضاحُ
هبةُ اللهِ للشعوبِ لتصحو = من سباتٍ يزيلُه الإصباحُ
إنما الغفلةُ الشَّنيعةُ مقتٌ = وانهزامٌ ركوبُه استقباحُ
إنَّه اللهُ يا شعوبُ فَلَبِّي = لتنالي ما أكرمَ الفتَّاحُ
فهو النصرُ للأُباةِ فكوني = أنتِ أنتِ السَّفينُ والملاَّحُ
وتخطّي جُبْنَ الطغاةِ ومَن هُم = ليس منَّا عرَّاهُمُ استيضاحُ
فاسألي الإعلامَ النظيفَ وأصْغي = ليس في ركنِ ذلِّهم جحجاحُ
فلكِ اللهُ أُمَّتي فاستغيثي = بيديه الخلاصُ والمفتاحُ
وعدُه الحقُّ والأعادي هباءٌ = لا تُخيفَنَّكِ الحشودُ الشِّحاحُ
هم وربِّي : الغثاءُ يُطوى إذا ما = أذنَ اللهُ ، واستُفزَّ الفلاحُ
حينها تخضعُ الرياحُ فَتُسْفي = كلَّ شرٍّ تشكو أذاهُ البطاحُ
فتراءى الطوفانُ يكتبُ نهجًا = وينادي فَلْيُسْمَعِ الصَّدَّاحُ
إنَّها مَن جاءت بمتنِ حديثٍ = نبويٍّ فطيبُه فوَّاحُ (3)
هم وربِّي في غزَّة العزِّ هبُّوا = ظاهرين اليوم انتضوا وانداحوا
كالرياحِ التي تثيرُ إباءً = واعتزازًا فللمدى إفساحُ
صفعتْ وجهَ ملَّةٍ طردتها = من مغاني ابتهاجها الأدواحُ
فتهاوتْ أحلامُهم واستُذلَّتْ = من حشودٍ كذَّابُها لوَّاحُ
صفحةُ المجرمين فيها انبطاحٌ = لطغاةٍ ربانهم ملواحُ (4)
لم يكونوا والله أهلا لمجدٍ = تتباهى بفضلِه الألواحُ
ما رعوها إذِ الكليمُ أتاهم = ولديها نفوسُهم ترتاحُ
وأشاحوا ولم تزدهم يقينا = بل تعاموا وهديُها وضَّاحُ
حقبٌ مارعوا الفضائلَ فيها = فأُهينوا فما لهم مدَّاحُ
وأتتهم يدُ الأباةِ ليُمحى= ويزالَ الكيانُ والنُّزَّاحُ(5)
ربِّ فانصرْ حماسَنا وأنلها = ماينالُ المجاهدُ الرَّواحُ
من هجومٍ مؤيَّدٍ منك ربِّي = وفتوحٍ في ظلِّها ترتاحُ
وَاهدِ ياربِّ أُمَّةً فالمثاني = لبنيها والسُّنَّةُ المسماحُ
ما توانوا عن الجهادِ فهاهم = من بنيهِا المقدامُ والجرَّاحُ
عمليَّاتُهم ضرورةُ شأنٍ = في سِواهُ الأهواءُ والأقداحُ
يومَ هبُّوا إلى الجهادِ أذاقوا = مَن تعالوا وللبلادِ استباحُوا
وأزالتْ زورَ اليهودِ يدُ العزِّ = فهانوا وزُلزلَ السَّفَّاحُ
ذي حماسُ استعادتِ اليومَ عزًّا = واستُذلَّ الملعونُ والذَّبَّاحُ
كم أذاقوا أطفالَنا من مرارٍ = بين خنقٍ إذِ النفوسُ تُباحُ
وهو اللهُ قد يمدُّ لباغٍ = والدواهي للمعتدي تجتاحُ
نكَّسَتْ بأسَه الذي ماتوانى = عن لُهاثٍ فشرُّهُ ملحاحُ
وأهانتْهُ صاغرًا يتلوَّى = إذْ تولاهُ الفارسُ اللَّمَّاحُ
ويخيفون ركبَنا من شِرارٍ= ماحباهم للمكرماتِ وشاحُ
أو عهدناهم للشعوبِ أمانًا = لا وربِّي فللشِّرارِ وِقاحُ
ولنا اللهُ ليس نرضى هوانا = فهو المستغاثُ والفتَّاحُ
—————————–
هوامش :
(1) طوَّاح : طوَّح بصاحبه أي حمله على ركوب المهالك والأهوال .
(2) الجحجاح : هو السَّمح الكريم المبادر للمكرمات .
(3) إشارة إلى الحديث الشريف : قال عبد الله بن الإمام أحمد: وجدت بخط أبي، ثم روى بسنده إلى أبي أمامة قال: قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء ، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس) وأخرجه أيضا الطبراني . قال الهيثمي في المجمع ورجاله ثقات. والله أعلم.
(4) الملواح :الشديد العطش ، البائن الهزال .
(5) النُّزَّاح: هم المستعمرون يتركون بلادهم ليسكنوا بلادا غيرها جديدة ويؤلفون جالية هامة ذات نفوذ وتأثير، كحال الصهاينة في فلسطين اليوم