محمد فريد.. الزعيم الوطني والثائر الحق
محمد فريد أحمد فريد
(محمد فريد اسم مُركّب، ووالده أحمد فريد اسم مُركّب)
– الميلاد: 20 يناير 1868م، القاهرة
– الوفاة: 15نوفمبر1919م، برلين بألمانيا
– من أخلص وأنقى وأصدق الثوار الوطنيين في تاريخ مصر، فقد أنفق كل ثروته على القضية المصرية
– تخـرّجَ في مدرستَيْ: الحقوق والألسن (حاصل على ليسانس الحقوق + ليسانس الألسن)
– كان محمد فريد بن أحمد فريد، ينتمي لأسرة ثرية جدا، ووالده: أحمد فريد باشا، ناظر الدائرة السنية (يعادل وزير أوقاف الآن)
– عملَ “محمد فريد” في النيابة، وترقّى حتى أصبح (وكيل نيابة) في سنة 1895م، ثم تركها ليتحرر من قيود العمل الحكومي، وتفـرّغ للمحاماة والكتابة
– محامي بارع، ومؤرّخ موسوعي، وزعيم سياسي أسطوري،
– عملَ “محمد فريد” على نشر التعليم في مصر، فأنشأ المدارس الليلية (على نفقته) في الأحياء الشعبية لتعليم الفقراء مجانا..
– أسس جريدة (اللواء) عام 1900م، باللغات: (العربية – الفرنسية – الإنجليزية) للمثقفين والأجانب، ليطرح القضية الوطنية في الأوساط العالمية
– من أشهر مؤلفاته:
1- من مصر إلى مصر
2- “حوادث مصر” من 1891م إلى 1897م (5 أجزاء)
3- تاريخ الدولة العَليّة العثمانية.
4- رحلة إلى بلاد الأندلس ومراكش والجزائر.
5- تاريخ الرومانيين.
6- مجلة الموسوعات
7- الموسوم (تاريخ دولة محمد علي باشا)
بالإضافة إلى مئات المقالات في الصحف المصرية والأجنبية
مؤسس أول نقابة للعمال
– أسسَ “محمّد فريد” أول نقابة للعمال عام 1909م، ليكون هو أساس حركة النقابات، وعرفت مصر على يديه المظاهرات الشعبية المُنظّمة لأول مرة، حيث يجتمع المتظاهرون بحديقة الجزيرة، ثم تسير المظاهرات إلى قلب القاهرة هاتفة بمطالبها،
أول من صنع وقادَ مظاهرات منظّمة في تاريخ مصر
– محمد فريد هو أول من صنع وقادَ مظاهرات منظّمة في تاريخ مصر، وأول من أسس (اتحاد عمالي) وجمعية عمالية، وكان يجمع الثوار من الشوارع والحارات، في مجموعات منظّمة، لكل مجموعة قائد،
– وضعَ “محمّد فريد” صيغة موحّدة للمطالبة بالدستور، وطبعَ منها عشرات النسخ، ودعا الشعب إلى توقيعها وإرسالها إليه ليقدّمها للخديوي عباس حلمي الثاني، ونجحت الحملة، وذهبَ “محمّد فريد” إلى الخديوي ليسلمه التوقيعات بالقصر، حيث وصل عددها إلى 45 ألف توقيع، وتلتها دفعات أخرى.
الزعيم المُجمَع عليه من كل الاتجاهات
يقول المؤرخ الراحل د. محمد الجوادي: (يكاد محمد فريد بك يكون الزعيم المصري المجمع عليه من كل الاتجاهات المختلفة مع بعضها البعض، فالذين يشعرون ببعض الخصومة مع مصطفى كامل باشا لا يشعرون معه بنفس القدر من الخصومة، والذين يشعرون بالخصومة مع سعد زغلول باشا لا يشعرون معه بنفس الخصومة فهو متقبل من الوفديين والشيوعيين ومن الذين يقرأون التاريخ في الكتب المتأثرة بالهوى، وهؤلاء جميعا يصورونه أو يبدون وهم يظنونه أكثر اعتدالا من مصطفى كامل لأن صورة مصطفى كامل في أذهانهم هي الحماس المطلق، مع أن محمد فريد في الحقيقة لا يقل عن مصطفى كامل حماسا كما أنه لا يقل عنه عطاء، لكن العوامل المصورة لحركيات أو ديناميات العمل السياسي لا تلتزم كثيراً لا بالمنطق ولا التاريخ وإنما هي أقرب في طبيعتها إلى انفعالات متوقعة نتيجة مشاعر متولدة عن رواية أو قراءة)
ابن الأمراء والأثرياء
وفي كتابه «محمد فريد، ذكريات لا مذكرات» يقول الأستاذ صبري أبو المجد: (من الشخصيات النادرة الفذة التي تشرق بها صفحات التاريخ من جيل إلي آخر، ولد كما يولد أبناء الأمراء في فمه ملعقة من ذهب، عاش كما يعيش أبناء الحكام الكبار، بين القصور العالية المليئة بالخدم والحشم، لا يعرف وما ينبغي له أن يعرف شيئًا عن الشعب أملًا وألمًا، وتدرج كما يتدرج أبناء الكبراء والحكام الإقطاعيين الكبار في الوظائف التي تقربه من طبقة الحكام، غير أنه بعد فترة طويلة من الدراسات والقراءة والتأمل وطبيعة تكوينه الشخصي والنفسي قربته تمامًا من الشعب وآمال الشعب وآلام الشعب.. ويضيف: كان لوالده ألف ومائتان فدان، وكان له هو قصر في شارع شبرا مساحته 5 أفدنة من أراضي البناء، وعمارتان بشارع الظاهر، وأنفق كل ذلك علي الحركة الوطنية، ومات فقيرًا في غربته)
الثائر الحق
– كان الزعيم محمد فريد متفرّدًا في كل مزاياه، فهو مسلم شديد التديّن، يؤمن بالخلافة الإسلامية، وهو ثوري شديد الثورية، وهو متجرد ومخلص إلى أقصى درجة، وهو منحاز إلى الفقراء والمستضعفين برغم كونه من أسرة ثرية، ثم هو يعطي بلا حدود، فينفق معظم ثروته على العمل الوطني، ويموت في المنفى فقيرًا مريضـًا، حتى تبرّعَ الحاج خليل عفيفي، تاجر قماش من الزقازيق، وسافر إلى ألمانيا، وأتى بجثته لتدفن في مصر، في مايو 1920م
وصية محمد فريد
يقول المؤرخ عبد الرحمن الرافعي: كانت ﻭﺻﻴﺔ ﺍﻟزعيم محمد فريد عندما اشتد عليه المرض في ألمانيا: (ﻟﻘﺪ ﻗﻀﻴﺖ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﻣﺼﺮ ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻮﺍﺕ، ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺖ ﻓﻀﻌﻮني ﻓﻰ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﻭاﺣﻔﻈﻮﻩ ﻓﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺃﻣﻴﻦ، ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺎﺡ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻨﻘﻞ ﺟﺜﺘي ﺇﻟﻰ ﻭطني ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺬﻯ ﺃﻓﺎﺭﻗﻪ ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻭﺩ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﻩ)
ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺣُﻔﻈﺖ ﺟﺜﺘﻪ ﻓي ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺣﺪﻳﺪ ﻓي ﺇﺣﺪﻯ ﻛﻨﺎﺋﺲ ﺑﺮﻟﻴﻦ، وﺭﻓﻀﺖ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺘﻠﺔ ﻟﻤﺼﺮ في ﺫلك ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻋﻮﺩﺓ ﺟﺜﻤﺎﻧﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺼر، ﻭﺃﻣﺮﺕ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﺑﺄﻥ ﻻ ﺗﺪﻓﻊ ﻧﻔﻘﺎﺕ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺠﺜﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﺮﻟﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ، ﻭﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻠﻪ في ﻣﺼﺮ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺩﺭﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺠﺜﻤﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺮ.
الحاج خليل عفيفي
ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺧﻠﻴﻞ ﻋﻔﻴﻔﻰ، ﺗﺎﺟﺮالأﺧﺸﺎﺏ بالزقازيق، ﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻔﻀﻞ في ﺭﺩ الاﻋﺘﺒﺎﺭ ﻟﻠﺰﻋﻴﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺮﻳﺪ ﺍﻟﺬﻯ ﺃﻭﻗﻒ ﻣﺎﻟﻪ ﻭﺣﻴﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻮطني، ﻭﺑﻔﻀﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ حظيَ محمد ﻓﺮﻳﺪ ﺑﻤﻮﻛﺐ ﺟﻨﺎﺋﺰﻯ ﻣﻬﻴﺐ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻟﺘﺎ ﺛﻢ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ،
رفض الحاج خليل عفيفي أن تترك مصر رفاة ابنها “محمد فريد” في الغربة وهو الذي ضحّى بعمره وصحته وماله من أجل مصر، وكان التاجر الوطني يتألم لذلك كثيرا، وقرر أن يفعل المستحيل ويأتي بجثمان الزعيم، ﻭﺳﺎﻓﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻟﻤﺎﻧﻴﺎ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴﻬﻮﻟﺔ..
– بعد ضغوط وطنية شديدة؛ وافقت الحكومة المصرية على منح الحاج خليل عفيفي ترخيصا ﺑﻨﻘﻞ جثمان محمد فريد لمصر،
ﻭﺃﺑﺤﺮ الحاج خليل من الإسكندرية ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ 5 ﻣﺎﺭﺱ 1920م، ﻗﺎﺻﺪًا ﺑﺮﻟﻴﻦ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻓﺮﻧﺴﺎ، وكانت العقبة الرئيسة التي عرفها فور وصوله، هي وجود ﻗﺎﻧﻮﻥ ﻓﻰ ﺃﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ﻳﻤﻨﻊ ﻧﻘﻞ ﺭﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﺃﺧﺮﻯ
ﻟﻢ ﻳﺴﺘﺴﻠﻢ خليل عفيفي، ﻭﻇﻞ ﻳﺴﻌﻰ ﻣﺴﺘﻌﻴﻨﺎً ﺑﺎﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﻳﻦ ﻓﻰ ﺃﻟﻤﺎﻧﻴﺎ، ﻭعندما ﻋﻠﻢ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻓﻘﺖ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﺟﺜﻤﺎﻥ ﺿﺎﺑﻂ ﻟﻬﺎ ﻣﺎﺕ في ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ، ثار على الألمان، وطالب بأن تكون المعاملة بالمثل، ﻭﺃﻗﺴﻢ ﺃﻻ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻻ ﻭﻣﻌﻪ ﺟﺜﻤﺎﻥ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ، ونجح في الحصولة على الموافقة، ﻭﺴﺎﻓﺮ ﺇﻟﻰ ﺳﻮﻳﺴﺮﺍ ﻟﻠﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺧﻴﺺ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻤﺮﻭﺭ ﺟﺜﻤﺎﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﻌﻞ في ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ،
ﺗﺤﺮﻙ ﺍﻟﺠﺜﻤﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﺮﻟﻴﻦ في 21 ﻣﺎﻳﻮ 1920م، وﺃﺑﺮﻕ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺧﻠﻴﻞ عفيفي ﺇﻟﻰ الوطنيين في ﻣﺼﺮ يخبرهم ﺑﻘﺪﻭﻡ ﺍﻟﺠﺜﻤﺎﻥ
نجح ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺧﻠﻴﻞ عفيفي في تلك المهمة المستحيلة بمفرده، وعلى نفقته الشخصية بعد أن باع كل ما يملك، وخاض التحدي وانتصر باقتدار، رغم أنه لا يملك الشهادات العلمية، ولا الباشوية والباكوية، فهو مجرد تاجر وطني مصري حُر..
تم ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺠﺜﻤﺎﻥ ﻓﻰ ﻣﻘﺎﺑﺮ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻧﻔﻴﺴﺔ، ﻭﺑﻌﺪ عام، تم وضع جثمان مصطفى كامل وجثمان محمد فريد في ﺿﺮﻳﺢ ﻭﺍﺣﺪ..
– ﺃﻣﺎ الرجل ﺍﻟﻮطني ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺧﻠﻴﻞ عفيفي ﺍﻟﺬي ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻴﺸﺎﻥ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، ﻓﻘﺪ خلّده التاريخ، وما زال يُضرب به المثل في الوطنية والكرامة، والأصالة والإيثار
لقفد ﺧﺮﺝ فى ﺟﻨﺎﺯة الحاج خليل عفيفي، ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻭﺍﻟﺸﻴﻮﺥ، ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻭﺍلمسيحى، ﻟﻴﻮﺩﻋﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬي أعطى ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﺩﺭﺳﺎ في معنى ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﺔ، ﻭوﺿُﻌﺖ على ﻗﺒﺮﻩ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺧﺎﻡ ﻣﻜﺘﻮﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ: (ﻫﺬﺍ ﻗﺒﺮ ﺍﻟﻮطني ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺮﺣﻮﻡ ﺍﻟﺤﺎﺝ خليل عفيفي ﻧﺎﻗﻞ ﺟﺜﺔ ﺑﻄﻞ ﻣﺼﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺮﻳﺪ)
————-
المصدر:
موسوعة (شموسٌ خلفَ غيوم التأريخ – الجزء الأول – يسري الخطيب)