مقالات

د. عبد العزيز كامل يكتب: متى نوقن {أَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ}؟!

ما نسمعه ونشاهده من تهاوي الكثير من قوى الجبروت والعدوان في غزوة غزة الأبية الحالية، هو إيذان بالمزيد من تصديق السنن الإلهية القاضية بأن الله ينصر من ينصره بتثبيت أقدامهم، مع الوعد الدائم بتوهين كيد الكافرين وإحباط مكرهم.

تصديق هذه السنة الربانية جرى للمرة الأولى في عهد النبوة عندما مكن الله المؤمنين في غزوة بدر ورمى عنهم حتى انهزم الكافرون وولوا الأدبار، بعد أن أبلى المسلمون بلاء حسنا في الكفار، فظفروا بهم وأسروا الكثير منهم. وفي هذا قال الله تعالى: (ذلكم) أي هذا فعلناه؛ إنما كان بسنة الله القدرية في {أَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} حيث يضعف مكرهم -كما قال الطبري- حتى يَذِلُّوا وينقادوا للحق وأهله أو يُهْلَكوا.

 وفي قراءة (ذلكم وأَنَّ اللَّهَ مُوَهِّنٌ ) بالتشديد والتنوين، وهي تفيد المبالغة في التشتيت والتبديد.

وقد أضاف ابن كثير معنى آخر في قوله {ذلكم وأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} فقال: «هذه بشارة أخرى مع ما حصل من النصر؛ أنه أعلمهم تعالى بأنه مضعف كيد الكافرين فيما يستقبل ، مصغرا أمرهم ، وأنهم وكل ما لهم في تبار ودمار».

لذلك نقول موقنين، بأنه بقدر مكر الأمريكان وحلفائهم، وبحسب كيد اليهود وأوليائهم.. سيكون مكر الله بهم وكيده لهم. فقد قال القوي العزيز سبحانه عن أمثالهم: ﴿وأُمْلِي لَهم إنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ [الأعراف /١٨٣].

وقال: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا (١٦) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (١٧)}

[سورة الأعلى].

قال ابن القيم (رحمه الله) : «إن المؤمن المتوكل على الله إذا كاده الخَلْق فإن الله يكيد له وينتصـر لـه، بغير حول منه ولا قوة». 

إعلام الموقعين (٢٢٠/٣).

فاللهم عزَّ جارك، وجلَّ ثناؤك، وتقدَّست أسماؤك، ولا إله غيرك، اللهم إنا نعوذ بك من شر كل جبَّار عنيد، وكل شيطان مريد، ونعوذ بك من شرِّ كل دابة أنت آخذ بناصيتها، فارفع البلاء عن غزة وأهلها، وادفع مكر الماكرين وكيد الكائدين عن سائر بلاد المسلمين، يا رب العالمين.

د. عبد العزيز كامل

‏دكتوراة في أصول الدين‏ في ‏جامعة الأزهر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى