الاستقرار المالي في منطقة اليورو يدفع لمزيد من التحسن
تحليل: محمد إبراهيم*
تستمر منطقة اليورو في تقديم المزيد من الإشارات الإيجابية وتؤكد من جديد على قدرتها على التماسك في وجه جملة العوامل السلبية والتي كان أبرزها بيئة الائتمان المتشددة للغاية.
أطلعنا البنك المركزي الأوروبي اليوم على تقرير مراجعة الاستقرار المالي (FSR)، والذي تحدث بشكل معمق حول كيفية تأثير معدلات الفائدة المرتفعة والتشديد النقدي والمخاطر المحيطة في مختلف جوانب اقتصاد المنطقة.
فيما أكد التقرير من جديد على قدرة النظام المصرفي من منطقة اليورو على التماسك وتجنب الانهيارات كما التي حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا. لا بل أيضاً أشار إلى أن معدلات الفائدة المرتفعة قد دفعت ربحية المصارف إلى مستويات قياسية خلال العام الحالي وذلك مع ارتفاع صافي دخل الفوائد (NII) بشكل رئيسي.
تحدث التقرير عن أن متانة سوق العمل على الرغم من الظروف الصعبة قد ساعدت النظام المصرفي على تجنب ارتفاع نسبة الديون غير العاملة (NPL) والتي لا تزال بدورها منخفضة للغاية، كما أن الدعم الحكومي للأسر وأصحاب العمل قد ساهم بذلك بشكل كبير أيضاً. فيما أشادت كريستين لاغارد منذ بضعة أيام أيضاً بمتانة سوق العمل والتي دعمت متانة النظام المصرفي وذلك على الرغم من التضخم المرتفع.
في مقابل ذلك، لم يخفي التقرير، منذ بدايته، مخاوف مسئولي السياسة النقدية من المخاطر المحيطة باقتصاد المنطقة. إذ أن الصراع المتفاقم في الشرق الأوسط والمخاطر الصعودية للتضخم – بدعم إمكانية ارتفاع أسعار الطاقة على نحو شديد مجدداً – لا يزالان يشكل مصدر قلق كبير قد يهدد النمو المستدام واستقرار النظام المصرفي.
على الرغم أيضاً من ارتفاع ربحية البنوك نتيجة ارتفاع صافي دخل الفوائد، إلا أن السياسة النقدية المتشددة وأسعار الفائدة المرتفعة والتي ترافقت مع النظرة المستقبلية السلبية حول مستقبل النمو وإمكانية بقاء المعدلات الحالية مرتفعة لتفرة أطول من المتوقع قد قلصت الطلب على الائتمان كما تسببت في الحاق الضرر في محافظ المستثمرين خصوصاً في القطاع غير المصرفي، وخصوصاً شركات التأمين. حيث قد عانت تلك الشركات من انخفاض في تقييم محافظها الاستثمارية (خصوصاً تلك التي تتركز في أدوات الدخل الثابت) من انخفاض التقييم بسبب الارتفاع القياسي لعوائد السندات وارتفاع مخاطر التخلف عن السداد على نحو ملحوظ. كما لا تزال تهدد هذه المعنويات السلبية إضافة إلى ظروف الائتمان الصعبة السوق العقاري والذي يعاني من تراجع الأسعار على في ظل تراجع الطلب وارتفاع التكاليف.
كما أكد التقرير على أن عودة ارتفاع التضخم قد يهدد قدرة المقترضين على الالتزام بالسداد بما قد يهدد سلامة النظام المصرفي مجدداً خصوصاً في البلدان التي لديها نسبة عالية من القروض ذات معدل الفائدة المتغير.
على ما يبدو أن اقتصاد منطقة اليورو قد قدم اليوم المزيد من الإشارات المطمئنة حول سلامته وعزز لدى المعنويات الإيجابية لدى الأسواق، والتي استمرت على تسعير ذلك على نحو مستمر هذا العام وذلك مع التفاؤل بقرب انتهاء مسيرة التشديد النقدي وتحقيق الهبوط الناعم للتضخم.
كانت هذه التوقعات الإيجابية قد تعززت بالفعل مع قد شهدناه عبر سلسلة البيانات الاقتصادية خلال شهرين نوفمبر وأكتوبر، سواء من أرقام مديري المشتريات الأخذة في التحسن شيئاً فشيئا والاتجاه للتخلص من التقلص المستمر في أنشطة التصنيع والخدمات إضافة إلى عودة الثقة من قبل المستثمرين المؤسسين في اقتصاد المنطقة وقدرته على التعافي عبر تقارير المعنويات الاقتصادية ZEW لألمانيا ومنطقة اليورو.
—————————
* الرئيس التنفيذي لمجموعة إكس أس العالمية