أقلام حرة

أحمد هلال يكتب: حماس وانتصارات في تحرير الأسرى

وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا (9)

ومن عظمة هذا الدين من كان يحاربك بالأمس ويقع تحت يدك أسيرا؛ لا يملك من أمره شيء، وجب عليك أن تطعمه مما تطعم، وتطعمه بالحب أو ربما تؤثره على نفسك، ومن هنا تأتي المشاهد المليئة بالمشاعر بين الأسير والمأسور! إنها عظمة تعاليم ذلك الدين الذي يأسر القلوب. طوفان الأقصى: نموذج متماسك وشفاف ونظيف وعقلاني ومحدد الأهداف. إنه الجهاد في سبيل الله.

ما كان يخشاه نتنياهو من الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة حدث للمرة الثانية حيث وأنه برغم محاولة شيطنة المقاومة الإسلامية حماس فإن الأسرى يخرجون ليبطلوا تلك المزاعم الكاذبة.

استغلت حماس دقائق تسليم الأسرى للصليب الأحمر وقامت بتصوير تلك المشاهد المليئة بالمشاعر بين الأسير والمأسور وكانت عفوية مطلقة فيها دليل على حسن معاملة الأسرى طوال فترة الاحتجاز. وكانت تلك الصور والمشاهد مؤلمة على إسرائيل فلم تستطع العثور على أي دليل تثبت به ادعاء شيطنة المقاومة الإسلامية حماس.

بل زادت من شعبية المقاومة في العالم وقدمت النموذج الإسلامي الراقي فاقت به مواثيق الأمم المتحدة في معاملة الأسرى.

ومن ناحية أخرى تعمدت حماس تسليم الدفعة الثانية من الأسرى في وسط قطاع غزة وفي حضور جماهيري واستعراض عسكري مما يبعث برسالة قوية إلى الجيش الإسرائيلي بقدرة المقاومة في التحكم في المعركة ومسارها حربا وتفاوضا وأنه لا زالت بكل قوتها؛ وشعبيتها وإمكانياتها رغم الضربات الجوية المتصاعدة على قطاع غزة وارتكاب مجازر إنسانية مهولة.

رغم التنبيه على المحررين من عدم الاحتفال بسراحهم حدثت احتفالات تلقائية وعفوية وتزداد شعبية المقاومة في الضفة الغربية بإطلاق سراحهم عبر المقاومة الإسلامية في غزة ومما يزيد من شعبية المقاومة هو تطبيق مبدأ العدالة في خروج الأسرى بالأقدمية المطلقة دون النظر إلى الانتماء وهذا يعزز من شفافية المقاومة واتساع قبولها في كافة أراضي فلسطين المحتلة.

ومن وجهة نظر المحلل العسكري، فإن السنوار الذي يعتبر أن الحرب الحالية هي أيضا استمرار لجولات القتال التي خاضتها حماس مع إسرائيل في الماضي، فقد حقق انتصارا ساحقا بمعركة “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر الماضي.

يقول هرئيل إنه “صلاح الدين الجديد، المنتصر على الصليبيين اليوم”، وهي النظرية والعقيدة التي لا تتغير لدى السنوار وحماس بغض النظر عن نتائج الحرب.

على الرغم من إعلان «الكابينيت» الذي يقود الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أنه وضع خطة انتشار القوات خلال الهدنة وخطة استئناف الحرب بعد انتهائها، وتصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير الدولة بيني غانتس، بالإصرار على استئناف الحرب «حتى لو استمرت الهدنة عشرة أيام»؛ فقد بدأت ترتفع أصوات عديدة تحذر من الحرب الطويلة ومن أن يكون الهدف خدمة مصالح شخصية وليس وطنية، وتطالب هذه الأصوات بالبحث عن وسيلة لوقف الحرب.

وقال محلل الشؤون الاستراتيجية في صحيفة «هآرتس»، أمير أورن، إنه بعد نحو 50 يوماً من الحرب، تم تدمير 10 في المائة فقط من قوة «حماس» المقاتلة، ولم يتم تشخيص أي إنهيار للحركة، كما لم يتم تحرير أي مجموعة من الرهائن بعملية عسكرية.

 وأيضاً لم يتم قتل أي شخصية بارزة في الصف الأول من قيادة «حماس». وأكد المحلل أن حرب غزة تعد من أطول الحروب ومن دون جدوى، «فحرب سيناء 1956 استمرت لأقل من أسبوع، في حين دامت حرب 1967 ستة أيام فقط، وحرب أكتوبر 1973 لم تكمل ثلاثة أسابيع، وبالمجموع فإن الحروب الثلاث الكبرى تلك استغرقت خمسة أسابيع، في حين أن حرب 2023 في غزة يمكن تسميتها اليوم حرب ستة الأسابيع، وإذا لم يحقق نتنياهو مطلبه فيها فقد تصبح حرب ستة الأشهر وربما 12 شهراً؛ أي حتى نوفمبر من العام المقبل».

يوما بعد يوم يتأكد انتصار المقاومة الإسلامية في تلك المواجهات بل ربحت كل أبعاد الحرب في غزة إعلاميا واستخباراتيا وعسكريا ومعلوماتيا وأخلاقيا.

ومن هنا زادت شعبية المقاومة في العالم وأصبحت محل اهتمام كبير لدى شرائح جديده من مكونات المجتمعات الغربية والعربية ولن تستطيع إدارة بايدن تغيير الأحداث وتجاهل المتغيرات الكبرى ومنها الدور الرئيسي والهام للمقاومة ما بعد وقف الحرب.

تلك الضربة الإستباقية الموجعة والمؤلمة فرضت واقعا جديدا على الأرض؛ وغيرت مفاهيم كثيرة لدى شرائح جديده من الشباب الأوروبي والأمريكي حول الدين الإسلامي وتعاليمه وروعته وأهميته للبشرية وقدرته علي الإجابة على كل التساؤلات الحائرة في عقول الشباب.

فرض شروط الهدنة وتنفيذها بتلك الطريقة المبدعة

يشكل حالة من الضغط النفسي الهائل على نتنياهو ومجلس الحرب بسبب المكاسب التي تحصل عليها المقاومة في مقابل خسائر فادحة لمجلس الحرب الذي تم سحب البساط منه كاملا وعدم وجود أي أوراق بيده للضغط على المقاومة الفلسطينية.

سيتم تمديد فترات أخرى للهدنة حتى يتم التفاوض حول طريقة للاتفاق النهائي والإفراج عن باقي الأسرى من الطرفين.

وستخرج المقاومة منتصرة بتنفيذ كل ما فرضته وهو وقف الاعتداء على أهالي الضفة الغربية وانتهاك حرمة القدس الشريف ورفع الحصار اللاإنساني عن قطاع غزة وتبييض السجون والمعتقلات الإسرائيلية من كل المحبوسين لديها.

إننا أمام مشهد جديد ومختلف سوف تتغير الأوضاع داخل إسرائيل وتتفجر مشكلات كبرى يشتعل معها الداخل الإسرائيلي المنهزم وتبدأ عملية الانهيارات المتسارعة والهروب من أرض إسرائيل المليئة بالخوف والرعب وقليل من الأمن والأمان والاستقرار.

وللقصة بقية

أحمد هلال

حقوقي وكاتب مصري

أحمد هلال

حقوقي وكاتب مصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى