ربيع عبد الرؤوف الزواوي يكتب: {لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا}
في الآية ٦٠ من سورة العنكبوت: {وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} عادة يشغلنا معنى قوله تبارك وتعالى: {لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} والذي يدور حول ثلاثة معانٍ:
– أي: لا تحمل همّ رزقها
– أي: لا تطيق حمل رزقها لضعفها
– أي: لا تدَّخره وإنما تصبح ولا شيء عندها
والمعنى في الآية الكريمة يحتمل كل هذا وزيادة..
ثم إنها ومع كل ما تقدّم؛ فالله سبحانه يرزقها مع ضعفها وتوكّلها وإيّاكم مع قوتكم واجتهادكم.. فكأن الآية الكريمة تقول لنا: فلا تخافوا على معايشكم وأرزاقكم مع قوتكم بالنسبة لها واجتهادكم..
لكنّ ختام الآية الكريمة عجيب؛ {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} وليس (وهو الرّزّاق الكريم) مثلا، أو (وهو الغني الحميد) من الأسماء الحسنى والصفات العليا لله سبحانه وتعالى؛ التي تناسب مقام الرزق والكرم والجود والعطاء..
فكأني بختام الآية هذا؛ يقول لنا سبحانه وتعالى: إني أنا {السَّمِيعُ} لما تخوضون فيه وتتكلمون به من أجل معايشكم، {العَلِيمُ} بما يدور في نفوسكم من هموم تبيتون بها وعليها تصبحون من أجل الرزق..
ولعلّ ما أتصوره أو أدندن حوله في ختام هذه الآية الكريمة هو عينه ما أثبته الواحدي رحمه الله في أسباب النزول، والقرطبي رحمه الله في تفسيره في سبب نزول هذه الآية الكريمة؛ من أنّ بعضهم لما أُمروا بالهجرة قالوا: كيف نقدم بلدة ليس لنا فيها معايش؟! أي وسائل للرِّزق والاكتساب! فنزلت الآية.
فهو سبحانه {السميع} لقولهم هذا ولمن يقول مثله إلى يوم القيامة.. وهو سبحانه {العليم} بما يدور في نفوسكم وتكتمونه في ضمائركم..
فطيبوا نفسًا وخذوا بأسباب الرزق الحلال ولا تحملوا همًّا ولا تخافوا فقرًا ولا عيلةً.. واسألوه من واسع فضله فهو سبحانه {السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.. وسّع الله علينا وعليكم وعلى جميع المسلمين. آمين