خالد الطبلاوي.. أيقونة الحرية، وصدى الوجع، وديوان المرحلة
– مع كل فاجعةٍ تحدث في مصر والأمة الإسلامية.. ومع كل نبضةٍ للأحداث المتلاحقة على الساحة؛ لا يجد الناس إلا الأنشودة، والشعر التأريخي، ويتصدر الشاعر القدير خالد الطبلاوي الصفوف الأولى.. هذا المبدع المعجون بأتراح وأفراح الشعب المصري والأمة كلها…
– سيتوقف المؤرخون والباحثون في العقود القادمة أمام قصائد خالد الطبلاوي، طويلا طويلا، لتوثيق ورصد مرحلتنا هذه بعد أن يتجاوزها الزمن، فهي ديوان المرحلة.
خالد علي أحمد الطبلاوي
اسم الشهرة: خالد الطبلاوي
الميلاد: 1965م، محافظة المنوفية (مصر)
كان أبوه أحد معلمي القرية القدامى، حيث عمل بالتعليم منذ الثلاثينيات، وكان يعد من علماء القرية المشهود لهم بالعلم والخلق الطيب، وكان من محبي اللغة، وهو السبب الرئيس في أن يكون من بين أولاده شاعران هما: د. محمد الطبلاوي، وخالد الطبلاوي
تخرج خالد الطبلاوي في المعهد الفني التجاري، ثم كلية التجارة بجامعة المنوفية، قسم المحاسبة سنة 1988م، ثم حصل على إجازة معهد الدعاة بالجمعية الشرعية فرع تتا بالمنوفية، ثم حصل على دبلومة عليا في الدراسات الإسلامية من معهد الدراسات الإسلامية بالزمالك والذي أسسه الراحل الشيخ الباقوري رحمه الله وأحسن إليه، إلى جانب حصوله على دبلومات ودورات وشهادات في مجال العمل وغيره من المجالات مثل: (ICDL-TOT) – (دبلوم تربوي من جامعة السادات).
عمل خالد الطبلاوي في عدة وظائف منها: معلم في مشروع تعليم الكبار، ثم محاسبًا بإحدى شركات الأدوية، ثم معلمًا للحاسب الآلي بمدرسة كفر داود التجارية التابعة لإدارة السادات التعليمية بمحافظة المنوفية، ثم محررًا بموقع سند للأطفال التابع لرسالة الإسلام .
عمل بعد تعيينه بالتربية والتعليم في تحفيظ القرآن الكريم للأطفال وقد أتم عدد غير قليل منهم حفظ القرآن الكريم كاملًا، بل وأرسل بعضهم لأحد مشايخ القراءات فحصلوا على إجازة في ثلاث قراءات برواياتها المختلفة وذلك كله بتوفيق الله وعونه وفضله.
وهو الآن يعمل مدققًا لغويًّا ومحفظًا لكتاب الله عبر النت.
شارك في الكثير من الندوات والأمسيات منذ صغره وكان ممثلًا لكلية التجارة في مهرجانها الشعري عام 1988م، مع كوكبة من كبار شعراء مصر منهم الشاعر فاروق شوشة وإبراهيم عيسى وطاهر أبو فاشا والعملاق محمد التهامي، وغيرهم .
عضو اتحاد كتاب مصر، وعضو عامل بثقافة المنوفية وعضو منتدى الإبداع الثقافي بالمنوفية، وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية.
كتب خالد الطبلاوي معظم الأجناس الأدبية فهو قاص وقد صدر له مجموعة قصصية بعنوان “عندما يظمأ النهر”، وكاتب للمسرحية الشعرية والنثرية وقد صدرت له مجموعة مسرحية بعنوان “القرية والحاوي”، إلى جانب كتابته للشعر والزجل، وقد صدر له ديوان أزجال بعنوان “صح النوم”، وخمسة دواوين من شعر الفصحى هي: (من أجل فلسطين، بكائية الألم والأمل، ما أجملك، هنا القاهرة، يا عالمي)، ومن أدب الأطفال صدر له “أيام عز الدين”، “بوابة التاريخ”، وله تحت الطبع كتاب سيرة للأطفال بعنوان “ذكريات حروف الهجاء مع سيد الأنبياء” ستصدر عن مؤسسة الجديد النافع بدولة الكويت، و”بوابة التاريخ الجزء الثاني”، و”الهروب إلى المجد” وعدة مجموعات قصصية للأطفال.
عمل مشرفًا لفترة طويلة ببعض المنتديات الأدبية الالكترونية وأهمها منتدى رواء الأدب والتي قدم من خلالها المسابقات الشعرية حول سور القرآن الكريم.
قامت بعض الجامعات الأجنبية بتدريس قصائده الشعرية لغير الناطقين بالعربية
قام خالد الطبلاوي بالكتابة لفرق الإنشاد الإسلامية وصدر من تأليفه عدة شرائط لهذه الفرق.
عُرضت بعض مسرحياته الشعرية للجمهور، كما قامت إحدى الفرق الفنية بالمملكة العربية السعودية بأداء مسرحية الراهب والشيطان على مسرح نادي أبها الثقافي وقد فازت هذه المسرحية بأحسن إخراج وتم تكريم أعضاء الفريق، وقد فازت نفس المسرحية في ديوانية العراق بجائزة أحسن نص.
ترجمت بعض أعماله الشعرية إلى وسائط مرئية منها: هنا القاهرة، إعدام، رسالة من سجين، تهانينا، لا تنتحر، ودعوة من حراء، ويتيم، بالإضافة إلى سلسلة مسحراتي الأطفال مع الصحابة وغيرها.
تظل كلمات ملحمة “هنا القاهرة” للرائع خالد الطبلاوي، التي غنّاها المتميّز “رامي محمد” هي سيدة الأناشيد الثورية، وظل الحقيقة الدامية، وديوان المرحلة.. يرددها الناس مع كل حادثة، يغسلون فيها همومهم، ويهدهدون بها أوجاعهم:
إذا ما نظرت من الطائرة … ستعرفُ أنّ هنا القاهرة
وأن الذي شقها ليس نيلاً … ولكنها طعنةٌ غادرة
هنا ثورةٌ قد محاها الغبــاء … ودنيا تمزّقُ في الآخرة
ومن خلال الشبكة العنكبوتية كان هذا الحوار مع الشاعر خالد الطبلاوي:
أستاذ خالد.. كيف كانت البداية الشعرية ودور النشأة القروية ؟
كانت مبكرة جدا، فقد كتبتُ الشعر مبكرًا في المرحلة الابتدائية كمحاولات تناسب الطفولة، وكانت تلقى تشجيعا من الأسرة؛ وكان للبداية المبكرة عدة عوامل مؤثرة منها:
1- حب الوالد للغة العربية وكثرة ما كان يسمعنا من الشعر.
2- الطبيعة الخلابة حيث نشأتُ في بيئة ريفية تطل على أحد فرعي النيل.
3- الحركة الثقافية التي قادها عدد من شعراء القرية كالدكتور علي خليفة والشاعر مبروك شكر والدكتور عبد الباسط عطايا وما نتج عنها من أمسيات وندوات وفن مسرحي والتي كانت نبض قلب القرية.
ما أسباب هذا العشق الكبير للشعر؟
والدي رحمه الله، وما كانت ترويه أمي عبر قصصها الشعبي المتوارث، ومن ذكرتهم من شعراء قريتي وكيف كان شعرهم يتدفق بين الشباب ثم من التقيتهم بعد ذلك مثل الشاعر حامد عبد السميع رجب، والمهندس وحيد الدهشان، ثم تطور الأمر مع اتساع الاطلاع فكان أبو الطيب المتنبي والشاعر أحمد مطر والشاعر عبد الله البردوني ممن عشقت شعرهم لأني أميل دائما إلى شعر الحكمة وإلى الأدب الساخر، والشعر في حياتي كأنفاسي يفرض نفسه طالما كنت حيًّا، خاصة وأنا أتفاعل مع قضايا الأمة وأحداثها، بالإضافة إلى حياتي الخاصة التي لم تخل من تصوير الشعر لملامحها أفراحًا وأتراحا.
لماذا اتجهت للكتابة للأطفال؟
تمهيدًا؛ لقد كنت أنا وزوجتي أول من أنشأ حضانة للأطفال بقريتي، كذلك أنشأتُ مكتبًا لتحفيظ القرآن، فكان تعاملي مع الأطفال يشغل حيزًا لا بأس به من حياتي، فكان تبسيط القيم للأطفال وغرسها فيهم منذ الصغر يلح عليَّ دائمًا، فيخرج حينًا في شكل قصة وحينًا في قالبٍ شعري، ثم جاء دور العمل كمحرر في قسم سند للأطفال التابع لموقع رسالة الإسلام ليزيد تركيزي في الكتابة للأطفال، هذا إلى جانب الاستكتاب الذي نشأ عنه عدة كتب لم تر النور بعد، وقد نشرت لي دار مبدعون كتابين هما: بوابة التاريخ، وأيام عز الدين.
هل تعترف بمصطلح الأدب الإسلامي؟
في رأيي كل أدب هادف طاهر يحمل قيمةً إيجابية هو أدب إسلامي، ولا أتفق مع من يضيّق المفهوم ليقتصر على ما يتناول قضايا إسلامية.
ولكن بالطبع يوجد الأدب المنتمي والأديب المنتمي الذي ينطلق من فكرٍ بعينه يصبغ أعماله ويؤثر على نظرته.
يقول النقاد الآن: نحن في زمن الرواية وهي ديوان العرب، وصنّاع الدراما يؤكدون أن المسلسلات التليفزيونية ديوان العرب، والعالم الرقمي والتكنولوجي يجزم بأن الفيسبوك ووسائل الاتصال الأخرى هُم مرآة العصر وديوان الحياة.. ما رأيك؟
بلا شك أن الرواية أخذت مساحةً أكبر من ذي قبل، ولعل السبب يرجع إلى سهولة تناولها مع هبوط المستوى الثقافي لكثير من القراء، فأي عرب تعني ومعظم أسماء الروايات الحديثة تبحث عن الغرابة؟
أما المسلسلات ووسائل التواصل فلغة العصر تحكم، فالناس تستسهل، بدليل أن المواد الهابطة المسماه (المهرجانات) تحقق أعلى المشاهدات.
فهي قضية انحطاط تعليمي وثقافي.
ثم إن المرئيات الهابطة أصبحت تصنع وتشكّل أخلاق المجتمع، فهي منتِج ومنتَج في نفس الوقت.
وحين تحمل الأغنية والفيديو الشعر فإنه ينتشر ويعبر عن القضايا ويؤثر.
شاعر القرن الفائت من وجهة نظرك؟
عبد الله البردوني بلا شك
هذا الكتاب أطالب بتدريسه في مدارس المسلمين؟؟
كتاب “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين” لأبي الحسن الندوي (رحمه الله)
دور الكلمة في جهاد غزة الآن، أم انتهى دورها أمام تغوّل المرئيات؟
شعراء كثيرون يسطرون ويسجلون بطولات مجاهدي غزة، ولكن لم تلق أعمالهم من يتبناها فنيًّا ويخرجها للناس في قالب غنائي، فهي نفس المشكلة الميل إلى المرئيات لدى معظم الناس.
هل القصيد المغنّاة أطول عمرا، وأكثر انتشارا مهما كانت جودتها؟
أكثر انتشارًا نعم؛ أما طول عمرها فبحسب جودتها، وبحسب ثقافة المجتمع وارتقائها أو انحطاطها.
هل يستطيع كل شاعر أن يكتب الشعر الغنائي؟
يقول الشاعر أحمد عبد الحفيظ “الشاعر قرار إلهي لا يملك أحد منحه أو إلغاءه”
وأضيف إلى عبارته الذهبية (لاسيما الشاعر الغنائي) فكما أن الطيور كثيرة ومتنوعة ولكنها لا تتميز كلها بجمال التغريد؛ فإن الشاعر الغنائي يمتلك مواهب إضافية كعذوبة الكلمات ومناسبة البحور والأوزان لموضوع الأغنية، وحسن صياغة المعاني الكبيرة في كلمات قليلة قوية وغيرها.
وكل ذلك في غير تكلف، يأتي به مغردا كالطير.
وهذا بالطبع لمن تميز بكتابة الشعر الغنائي وإلا فهناك من الشعراء من غني له بعض أعماله بشكل عارض.
—————–
حاوره: يسري الخطيب