مقالات

د. علي الصلابي يكتب: البيت الإبراهيمي بيت النبوة

صرّح القرآن بأن الله تعالى جعل النبوة في ذرية كلٍّ من إبراهيم عليه السلام، إذ قال تعالى: ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)﴾ [العنكبوت: 26 -27]؛ فالله وهب لإبراهيم كلًّا من إسحاق ويعقوب، عليهم جميعاً السلام. وكان ذلك بعد أن هاجر إلى الله، وغادر العراق إلى الأرض المقدسة.

وقد تفرع عن شجرة النبوة الإبراهيمية الآتي:

– الفرع الإسماعيلي:

المتمثل في إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، وهذا الفرع خُتم بخاتم الأنبياء والمرسلين محمد ﷺ، سيّد ولد إسماعيل، بل سيد ولد آدم، وأفضل المخلوقين جميعاً، وأحبهم إلى الله.

– الفرع الإسرائيلي:

المتمثل بإسرائيل (يعقوب) حفيد إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، وهو أبو بني إسرائيل، وأصل أسباطهم، وكل أنبيائهم من ابنه يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، حتى عيسى ابن مريم من ذرية يعقوب بن إسحاق، من جهة الأم؛ لأنه لا أب له عليه الصلاة والسلام. ولهذا الاعتبار ورد ذكر إسرائيل معطوفاً على إبراهيم عليهما السلام في الآية: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ﴾ [مريم: 58].

1- أنبياء الفرع الإسرائيلي:

جعل الله النبوة والكتاب في ذرية إبراهيم وحفيده يعقوب عليهما الصلاة والسلام، والراجح أنّ ضمير الغائب في قوله ﴿فِي ذُرِّيَّتِهِمَا﴾ يعود إلى إبراهيم ويعقوب. ووجه الترجيح في ذلك ما سبق أن قرّرناه مِن تفرّع فرعَيِ النبوة من الشجرة الإبراهيمية: الفرع الإسرائيلي (فرع إسرائيل وأبنائه)، والفرع الإسماعيلي (فرع إسماعيل وأبنائه).

لقد استمرّت النبوة في فرع نبي الله إسرائيل وأبنائه عدداً من القرون؛ فقد بعث الله أنبياء كُثر إلى بني إسرائيل؛ أولهم نبي الله إسرائيل نفسه (عليه السلام) الذي كان نبياً لأبنائه، ثم ابنه نبيّ الله يوسف (عليه السلام)، ثم الأنبياء الآخرون من بني إسرائيل، مثل موسى وهارون وداوود وسليمان وزكريا ويحيى، وآخرهم عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام.

2- ختم النبوة بالفرع الإسماعيلي:

ختم الله النبوة في الفرع الإسرائيلي بعيسى ابن مريم (عليه السلام)، وهو آخر أنبياء بني إسرائيل الذي خلقه الله خلقاً معجزاً، دون أب، وأظهر على يديه الكثير من المعجزات. وقد شاء الله أن يختم النبوة كلها بنبيٍّ من فرع إسماعيل (عليه السلام)، وهو أفضل الخلق جميعاً، سيد الأولين والآخرين وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد ﷺ.

المراجع 

– علي محمد محمد الصلابي، الأنبياء الملوك، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 25-26.

– صلاح الخالدي، القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، دار القلم، دمشق – الدار الشامية، بيروت، ط1، 1419ه – 1998م، (2/60-61).

د. علي الصلابي

مؤرخ وفقيه ومفكر سياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى