الأثنين سبتمبر 30, 2024
الشاعر محمود شحاتة الأمة الثقافية

وصَارَ الحُرُّ في وطنى غَريبًا…يَخَافُ من المؤذِّنِ إذ يُنَادي

“أخِـي”.. شعر: محمود شحاتة

وقفنا يا أخي والعُمرُ يَمضي

وَيَقطَعُ بالبريَّةِ كُلَّ قَاصِ

نُؤمِّلُ أن نَرى للنورِ طيفاً

ونَعرفَ منه أسبابَ الخَلاصِ

فقادتنا السَّـــبيلُ إلى هَلاكٍ 

وذاقَ رجَالُنَا بَأسَ الرَّصاصِ

فمنَّا من أطاعَ الخَوفَ حِرصًا

ومِنَّا قاهرٌ للخــــوفِ عاصِ

يُؤمِّلُ أن يَـــرُدَّ البَغي يَومًا

ويَحلمُ بَعدَ حــينٍ بالقِصَاصِ

****

كبرنا يا أخي والحــبُّ يربو

 ويُزهرُ مثلَ أفنانِ الخميــلة

وينشرُ في سماء الكونِ عِطراً

ويعرفُ منه في الدُّنيا دليلَه

تمَلَّكَ مُهجتي شَغَفٌ خَــفيٌّ 

وما لي يا أخي في الحُبِّ حيلَة

عَلامَ يُلامُ مُشتاقٌ جَـــريحٌ

 وَصَبٌّ لم يَكد يَروي غَليلَه

يَعيشُ حيَاتَهُ ما بَينَ قـــومٍ 

يَرَونَ الحُبَّ في الدنيا رذيلَة

****

أحنُّ إليكِ أيَّامًــــــــا تَوَلَّت

وَعُمراً كم قطفتُ جَنَاهُ شَهدا

وطفلاً يَرتدي ثَوبَ الأماني

 فلم تَحفَظ له الأيَّــامُ عَهدا

تتابعت السُّنون على صِبَاه

وَفَارقَ في زَمَانِ البُؤسِ مَهدا

وأضحَى بعدمَا ضَاعَت مُناه

وَجَفَّت أعينُ العُشَّاقِ سُهدا

شَقيًّا لا يَرَى للحُبِّ لَونًا

يَعَافُ اللهوَ والأحداثَ زُهدا

****

فَيَا أمَلاً تَوَلَّى مثلَ طَيفٍ 

يُراودُني على الأيَّامِ نورُك

وأحـــيَا كُلمَّا فَارقــــتُ ظَنِّي 

ويَدفعُني إلى الذكرى شُعُورُك

فَهذي جَنَّةُ الأحـــــــلام تَدنو

وتلك عَرائسُ الآمالُ حُورُك

تَبَدَّت في ضَميرِ الغَيبِ سِرًّا

حَوَتها مَرَّةً أخرى قصُورُك

فأنتِ مَحَجَّةٌ للخُلدِ يَهوي

إليها من أتَى مُضنىً يزورُك

****

فلا تَعجبْ إذا ما جئتُ أشكو

وأسكبُ عَبرتي في كُلِّ وادِ

فقد فَاضَت مِيَاهُ النيلِ دمعًا

وجَفَّت أرضُنَا قبلَ الحَصَادِ

تَمَرَّدَ يا أخي من كَانَ فينا

 ذليلاً لا يُعَـــادَى أو يُعَــادِي

وصَارَ الحُرُّ في وطنى غَريبًا

يَخَافُ من المؤذِّنِ إذ يُنَادي

إلى أن ثارَ إعصارِ المَعَالي

يَرِنُّ بِمَسمَعِ الدُّنيا .. بلادي

****

أخي والحَقُّ بَاقٍ ليس يَفنَى

يُرافِقُنا وإن طـــــالَ الغِيَابُ

يَمُرُّ الدَّهرُ والأحداثُ تَمضي

بقسوتِهَا وَيَنقشِعُ الضَّبابُ

أتَذكرُ حِينَ لاحَ النُّورُ ليلاً

على الدُّنيا وفارقَنَا الغُرَابُ

وَعَادَت حِقبَةُ الأوجاعِ ذِكرَى

تُراودُنا وَيَطويـــها العِتَابُ

وَحَقِّك يا أخي ما كنتُ أدري

 بأنَّ المَـــجدَ يَصنَعُهُ الشَّبابُ

****

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب