بحوث ودراسات

د. ياسر عبد التواب يكتب: خواطر في الاقتصاد والنهضة في مصر «2»

خبراء من مصر ومن دول العالم يشهدون أن مصر لا يمكن أن يحدث لها انهيار اقتصادي في الوقت الحالي ولا بالظروف الحالية فلديها خيرات كثيرة لو أحسن استغلالها لعوضت مصر عن كل مشاكلها وسأضرب أمثلة ببعض أقوالهم

في حديث تلفزيوني أجرته المذيعة جميلة إسماعيل مع الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد المقدم أكد على أن هناك عدة علامات على الانهيار الاقتصادي وهي ليست موجودة بحال في مصر ولله الحمد ومن أهم تلك العلامات انعدام الاحتياطي النقدي

وأن يكون الاحتياطي سالبا وهذا غير موجود في بلدنا حتى لو قل الاحتياطي عن سابق حاله

وضرب أمثلة باليونان فقد اضمحل الاحتياطي حتى انتهى ولا قدرة لديهم في الوقت المنظور لاستعادة العافية

كما أن من وصل لتلك الحال فليس بعيدا عليه أن يتعافى مادام يحسن استغلال ما لديه منخبرات وإمكانات وضرب مثلا بنهوض انجلترا من أزمة ألمت بها إبان حكم مرجريت تاتشر وقد استطاعت في سنوات عديدة أن تحقق نهضة لا أن تخرج من الأزمة فقط

بينما بلادنا لها ولله الحمد إمكانات ضخمة يمكن ترشيدها -مع إبعاد شبح الفساد والسرقة- لتخرج البلد من مشكلاتها وتعود بها لمستواها اللائق بها

ولنضرب أمثلة أخرى من أقوال الخبراء فقد أكد المهندس بهي الدين أحمد محمود خبير المناجم المصري ورئيس مجلس إدارة شركة سيناء للمنجنيز السابق أن صناعة التعدين في مصر لها أثر كبير في دعم الاقتصاد القومي؛ حيث توفر هذه الصناعة الخامات الأولية اللازمة للصناعات المحلية بالإضافة إلى توفيرها للعملات الصعبة.

وحث خبير المناجم المسئولين عن هذه الصناعة في مصر بالاستفادة من تقدم العلوم والتكنولوجيا في دعم عمليات التنقيب عن هذه الخامات وكذلك دعم عمليات ودراسات تحويل المواد منخفضة الرتبة وتطويرها إلى موارد يمكن الاستفادة منها اقتصاديا.

وأشار إلى أن الأراضي المصرية غنية بالعديد من الخامات والرواسب المعدنية التي تتميز بتنوعها الكبير في الصحاري، لافتا إلى أن هذه الخامات لم تستغل بالقدر الكافي بعد والذي يحقق أقصى استفادة وعائد منها.

وأضاف: «أن من أهم هذه الخامات وأكثرها في القيمة الاقتصادية خامات الحديد والذهب ومعادن الرمال السوداء والفوسفات والكولين والفحم والكوارتز وغيرها من الخامات».

وتابع: «أن الاحتياطات القابلة للاستغلال في مناجم الحديد تبلغ نحو 140 مليون طن فيما قدر الاحتياطي من معادن الرمال السوداء الموجودة شرقي رشيد بحوالي 9 ملايين طن ويجرى فصلها على نطاق ضيق، مشيرا إلى أهمية تقييم مواقع الذهب القديمة المنتشرة في الصحاري المصرية طبقا للاتجاهات الحديثة في نظريات تواجده والتقدم التكنولوجي في عمليات استخلاصه خاصة مع الارتفاع الملحوظ الذي شهدته الأسواق العالمية في أسعار الذهب».

وقال الدكتور أحمد عاطف دردير رئيس هيئة المساحة الجيولوجية الأسبق إنه يمكن الاعتماد على ثروة مصر المعدنية لدفع عملية التنمية، وان التنوع الذي تتمتع به مصر في ثروتها من الصخور والمعادن والاحجار يمكن ان يكون وسيلة كافية تماماً لإقالة مصر من عثرتها.

وأضاف ان هذه الموارد الطبيعية المعدنية «الرمل والزلط والحجر الجيري والرخام والجرانيت والملح» لها سوقها القائم فعلا، وأن الاستغلال المثل لهذه الموارد يحقق الاكتفاء الذاتي للسوق المحلي المصري، ويصدر للسوق العالمي ويدر العملة الصعبة التي نحن بحاجة اليها الآن.

وإضافة لذلك فتحتوي مصر على عديد من الثروات المعدنية والحضارية.

فالثروات المعدنية منها الحديد والذهب حيث يوجد أكثر من 9. منجما قديما فضلا عن منجم السكري وهو ثالث أكبر منجم عالمي ومع ذلك فالضبابية تتكثف حوله

**

هل تعطش أو تجوع بلد بها نهر من أطول أنهار العالم ويبلغ طول نهر النيل في مصر 153. كم. وتبلغ مساحة حوضه 3.1 ملايين متر مربع. ويبلغ إيراد النهر نحو 163. مليار متر مكعب سنويا لا تستغل منه الا 1.% فقط والباقي مفقود.

هذا وتمثل المياه الجوفية موردا هاما للمياه العذبة في مصر، وتتعاظم أهميتها في كونها المورد الوحيد بل والأساسي في صحاري مصر والتي تمثل حوالي 95% من إجمالي المساحة الكلية للبلاد. وتتميز المياه الجوفية بإنه يمكن استخدامها مباشرة دون أي معالجة حيث انها لم تتعرض للتلوث وكذلك ثبات درجة حرارتها على مدى العام، وبذلك فهي مورد آمن ونظيف يمكن استخدامه في أغراض الشرب.

وبالنسبة للثروات المائية فيوجد العديد من المسطحات المائية ولا يتم استغلالها جيداً حيث يجب ان يستفاد منها في تنمية الثروة السمكية والحيوانية.

ولقد بلغ الفساد في العهد السابق ان الصيد في شواطئنا لا يسمح لصيادينا بممارسته لأن الحقوق مباعة لآخرين لذا تبرز دائما مشاكل تسلل الصيادين المصريين لشواطئ الآخرين الدولية.. بدأ من ليبيا وحتى الصومال

فهل يعي ذلك المخذلون!

ومصر واحدة من بين 10 دول في العالم التي تمتلك ما يكفيها من مصادر الطاقة، بترول وغاز وحتى الطاقة الشمسية والمائية متوفرة بشكل كبير وتحتاج فقط لمن يخطط وينفذ بإخلاص فالحضارة تنشأ أينما تكون الطاقة

وهذا ما قاله الدكتور أحمد زويل في محاضرة بثت جزءا منها الإذاعة المصرية وضرب المثل باستفادة ألمانيا من الطاقة الشمسية واعتمادها عليها في كثير من الأجهزة

وهذه وحدها من مجالات التصنيع وتوفير الطاقة من جهتين متكاملتين، فماذا لو ركزنا على هذا الجانب أيضا؟

**

وبالنسبة للسياحة فهناك العديد من الجواذب في مصر والتي تجلب السياح من شتي انحاء العالم وتسهم بقدر كبير من دخل المواطن المصري

ولكن السياحة في بلدنا بها أخطاء كثيرة.. منها عدم عدالة التسعير لما يقدم من خدمات وهذا يطرد السياح مع تولد شعور غير حضاري بالابتزاز

ومنها إهمال الخدمات السياحية مثل: تواجد حدائق عامة – لوحات إرشادية بلغات مختلفة – أماكن للاستعلامات والخدمات، فضلا عن إهمال جوانب كثيرة من السياحة: تخطيطا وتنفيذا.

مثل السياحة العلاجية (ولدينا فيها عوامل نهضة كبيرة كالأطباء المميزين وأماكن الاستشفاء) – التعليمية (لاسيما مع الإخوة العرب والمسلمين وراغبي تعلم العربية والإسلام منهم ولدينا خبرات كثيرة لإقامة دورات تعليمية في مجالات شتى) ولا توجد تصورات عن تلك الأنواع من السياحة.

بالإضافة الي انه هناك قناة السويس وهي ايضاً لها نصيب الاسد في زيادة الدخل وكان النظام السابق يستغلها ولم يكن يعود على المواطن نسبة قليلة من أرباحها.

 ولا أدري لم لا تقام على ضفتي القناة مشاريع استثمارية وسياحية تجارية مثلنا في هذا مثل الشقيقة (دبي) بل فرصتنا أفضل لأن السفن تمر لدينا دون تكلف فهذا يعني رخص النقل للبضائع فلو أقيمت منطقة حرة لجذبت الاستثمارات لها مع الجمال الطبيعي لتلك المنطقة التي تشجع على السياحة بها أيضا، وما لا يتم استغلاله أيضاً تلك المساحات الواسعة من الصحاري والتي لو تم استغلالها لأضحت مصر من أهم دول العالم جذباً للاستمارات والمستثمرين.

ونحتاج لجذب الاستثمارات لقوانين واضحة، وسياسات شفافة فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي، وإذا لم تكن تلك القوانين، فإنه لن يحدث تدفق للاستثمارات الأجنبية إلى بلادنا.

**

حل أزماتنا الاقتصادية وغيرها يكمن في نقاط أربع تعد شروطا لأي مشروع نهضوي نزمع إقامته:

الشرط الأول هو الإخلاص لله ثم للوطن واستحضار ذلك في كل ما يلي من أعمال

الشرط الثاني هو التخطيط المدروس من قبل الخبراء والمختصين دون استثناء والقائم على أسس إدارية سليمة مثل التنظيم – التوجيه – الاتصال – الرقابة – التدريب (وكلها معروفة عند من يدرس علوم وأسس إدارة المؤسسات)

الشرط الثالث هو العمل الدؤوب وتشجيع قيم العمل ومكافئة العاملين وتعديل رواتبهم وتحسين ظروفهم بما يشجعهم على العمل

الشرط الرابع هو الرقابة الصارمة المنطلقة من الشفافية وعدم حجب المعلومات وتطبيق أسس الرقابة بكل معانيها (التنبؤية – المصاحبة – التغذية الراجعة)

ومن ثم إعادة التقييم للعمل وسد الثغرات وحل المشكلات

إن حققنا تلك الشروط فإننا نحقق النهضة بإذن الله تعالى وما ذلك على الله بعزيز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى