يا رفيقاً لم يَزل يَطوي الليالي
سابحاتٍ مثلَ أوهامِ الخَيَالِ
زهرةُ الدنيا بقلبي قد ذَوَتْ
وخَبَت في الرَّوضِ آياتُ الجَمَالِ
وَمَضَى العُمرُ كأيَّامِ الصِّبَا
بينَ يأسٍ ورَجَاءٍ واحتمَالِ
ودُمُوعٍ أطفأت في مُهجتي
ما بنفسي في شُمُوخٍ وَجَلالِ
لم تَزل في القلبِ نجمَاً سَاطِعَاً
يا حَيَاة النفسِ يافَجرَ الكَمَالِ
*****
أنتَ رُوحٌ في دُجَى الدُّنيا ونُور
يَملأُ الوادي فَيَغشَاهُ السُّرورْ
في رَبيعِ الحُبِّ قلبي هَائمٌ
يَنشُدُ الصُّبحَ كأسرابِ الطُّيورْ
فيهِ آمالٌ على دَربِ الهَوَى
راقصاتٌ في دَلالٍ وحُبُورْ
وبقلبي رَوضُ عِشقٍ خَالدٌ
فيهِ أنهَارٌ وولدانٌ وحُورْ
سَحَبَ الدَّهرُ عليها مَسحَةً
من أسَى الدُّنيا وأنَّاتِ الدُّهورْ
*****
في ضِفافِ الحُبِّ آمالٌ تلوحْ
وعبيرٌ نَشرُهُ عَذبًا يَفوحْ
ضَمَّنا رَوضٌ تَنَاهَى حُسنُهُ
وطُيورُ الأيكِ تَغدو وَتَروحْ
بَينَ مُشتاقٍ يُناجي إلفَهُ
وَكَئيبٍ شَفَّهُ الوَجدُ يَنُوحْ
وَثِمَارٍ أينَعَت في غُصنِهَا
كقُلوبٍ أثَّرت فيها الجُرُوحْ
ذاكَ سِرٌّ لم يَزل فِي خَاطري
وأنا بالسِّرِّ يَومَاً لا أبُوحْ
*****
مَرَّ حُلمٌ ضَائعٌ مَرَّ السَّحَابْ
فِيهِ آمَالٌ وَشَهدٌ وَعَذابْ
يَومَ كُنَّا نَنشُدُ اللهوَ ضُحًى
ونُنَاجي لَذَّةً في كُلِّ بَابْ
كَم سَلَكنَا مِن دُرُوبٍ للهَوَى
وانتَشينا بَينَ أنهَارٍ وَغَاب
يَا رَفيقي والصِّبَا في مَهدِهِ
طَابَت النَّجوَى بِهِ واللهوُ طَاب
ضَاعَت الأحلامُ والدُّنيا مَعَاً
وَتوَلَّت يَومَ أن وَلَّى الشَّباب
*****
في رِحابٍ عَذبةٍ تُحيي النُّفوسْ
يَطَأُ البِشرُ ثَرَاهَا وَيَجوس
قَد شَربنا الحُبَّ كأسَاً عَذبَةً
رَغبةً في الخُلدِ لو تُجدي الكؤوس
فَانتشينَا يَا رفيقي نَشوَةً
في قلوبِ الصَّحبِ تَسري والرُّؤوس
وليالٍ ضَحِكَ الدَّهرُ بِهَا
وعُهودٌ ما بها يَومٌ عَبُوس
يَا لها من ذكرياتٍ سُطِّرَت
في سِجِلِّ الدَّهرِ، لَيسَت في الطّرُوس
*****
يا رفيقَ العُمرِ هَل آن الأوان
فتُواسيني وإن عّزَّ البَيَان
منذُ دَهرٍ والأسى يُغمُرُني
وليالي العُمرِ يَطويها الزَّمان
الشَّبابُ الغَضُّ ولَّى راحلاً
والقَريضُ العَذبُ مثل السِّحرِ بَانْ
لم يَعُد لي غَير أناتٍ الجَوَى
حَينَ غَابَ الوَصلُ عَنِّي والأمَان
هَل تَعودُ اليَومَ لي مُستبشرَاً
أم تَلاشَى حُبُّنا مِثلَ الدُّخَان ؟؟
*****
