بحوث ودراسات

يسري الخطيب يكتب: هل توجد ألفاظ أعجمية في القرآن الكريم؟

تقول صفحة مجمع اللغة العربية السعودي: (لا توجد في الكلمات العربية كلمةً تشبه: (البطاقة)، لن تجد منها: فعلًا، ولا اسم فاعل، ولا اسم مفعول، ولا اسم مكان، ولا اسم زمان، ولا أي مشتقّ آخَر.

فقط هي «بطاقة»، رغم ورودها في جميع المعاجم العربية القديمة والحديثة؛

البعض يقول إنها كلمة فرعونية مصرية الأصل..

جاء في (الصحاح في اللغة): البِطاقَةُ بالكسر: رُقَيْعَةٌ (تصغير رُقْعَة) تُوضَع في الثوب فيها رَقْم الثَّمَن بلغة أهل مصر..)

– ويقال – والعهدة على الرواة – بأن اللغة العربية اتسعت لكثير من الألفاظ غير العربية (أسماء وأعلام فقط) حتى إن كثيرًا من الألفاظ الأعجمية وردت في القرآن الكريم، مثل “اليمّ” المصرية (ولم ترد إلا في قصة موسى وفرعون)، و”إستبرق” الفارسية، وغيرهما،

– أوردت دائرة المعارف الإسلامية أمثلة ذكرها السيوطي عن الكلمات الأعجمية في القرآن: “الكلمات التي تعتبر غير عربية على الإطلاق ومن المحال ردها إلى جذور عربية مثل:

1ـ إستبرق:

(أعلى أنواع الحرير)، وهو لباس أهل الجنة، قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ﴾ [الكهف:31]

2ـ الزنجبيل:

(وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا).. [سورة الإنسان:17]

3ـ الفردوس:

الجمع: فَرَاديس

الفِرْدَوْسُ: البستانُ الجامعُ لكلِّ ما يكونُ في البساتين.

قرآنيًّا هو أعلى درجات الجنة.

(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا) {107: الكهف}

– بعض الأمثلة للألفاظ (الأسماء) الأعجمية في القرآن: من كتاب (البرهان في علوم القرآن للزركشي- جزء 1، ص 288)، وكتاب (الإتقان في علوم القرآن للسيوطي- ج1 ص139).. وقد رد الشيخ الشعراوي على تلك الادّعاءات، وقال إن تلك الألفاظ كانت في الشعر العربي الجاهلي، ومن قبل ظهور الإسلام بقرون..

1- الطور (سريانية)= الجبل.

سورة البقرة: “وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ”

2 – طفِقا (رومية) = قصدا.

سورة الأعراف: “وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ”

3 – الرقيم (رومية)= اللوح.

سورة الكهف: “أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا”

4 – هدنا (عبرانية)= تُبْنا.

سورة الأعراف: “وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ”

5 – طه (عبرانية)= طأْ يا رَجُل.

سورة طه: “طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى”

6 – سينين (سيريانية)= حَسَن.

سورة التين: “وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ”

قال القرطبي في تفسيره: سينين: حَسنٌ مبارك

وقال مقاتل والكلبي: سينين: كل جبل فيه شجر مثمر، حسن المظهر.

7 – السجلّ (فارسية)= الكتاب.

سورة الأنبياء: “يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ”

8 – الإستبرق (فارسية)= الغليظ.

سورة الدخان: “يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ”

9 – السندس (هندية) الرقيق من الستر.

سورة الدخان: “يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ”

10- السرىُّ (يونانية)= النهر الصغير.

سورة مريم: “فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا”

11 – المشكاة (حبشية)= الكوّة (وفي العامية المصرية = الطاقة)

سورة النور: “اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ”

12 – الدُّرّيّ (حبشية)= المضيء.

سورة النور: “الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ. الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ”

13 – ناشئة الليل (حبشية)= قام من الليل

سورة المزمل: “إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا”

14 – كِفْلين (حبشية)= ضعفين.

سورة الحديد: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ”

15 – القَسْوَرَة (حبشية)= الأسد.

سورة المدثر: “فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ”

16 – الملة الأخرى (قبطية)= الأولى.

سورة ص: “مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ”

17 – وراءهم (قبطية)= أمامهم

الكهف18: 79 “وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا” (الطبري: وَكَانَ أَمَامهمْ مَلِك)

18 – بطائنها (قبطية)= ظواهرها.

سورة الرحمن: “مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ”

19- أباريق (فارسية)= أواني.

سورة الواقعة.

20 – إنجيل (يونانية)= بشارة.

سورة آل عمران.

21 – تابوت (قبطية)= صندوق.

سورة البقرة.

22 – جهنم (عبرية)= النار.

سورة الأنفال.

23 – زكاة (عبرية)= حصة من المال.

سورة البقرة.

24 – زنجبيل (بهلوية)= نبات.

سورة الإنسان.

25 – سجَّيل (بهلوية)= الطين المتحجر.

سورة الفيل.

26 – سرادق (فارسية)= الفسطاط.

سورة الكهف

27 – سورة (سريانية)= فصل.

سورة التوبة.

28 – طاغوت (حبشية)= الأنداد

سورة البقرة.

29 – فردوس (بهلوية)= البستان

سورة الكهف.

30 – ماعون (عبرية)= الـقِـدْر.

سورة الماعون.

لكن…

1- وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [سورة الشعراء:192-195].

المقصود باللسان العربي= ما نطق به العرب، ودار على ألسنتهم، وصار من لغتهم، ولذا كان قول الله عز وجل واضحا، ولم يقل: بكلامٍ عربي

2- لم يعارض العرب الذين عاصروا نزول القرآن، وعارضوا دعوة الإسلام، تلك الألفاظ، ولم يخرج أحدهم ويقول إن في القرآن كلمات غير عربية، وهم كانوا أولى من غيرهم في نفي ذلك لو كان، وهم أجدر أن يعلموا ما فيه من كلمات أعجمية لا يفهمونها، أو ليست من نسيج لسانهم العربي المبين، ولو كان شيء من ذلك القبيل، لوجدوا ضالتهم في الرد على دعوة الإسلام، ومدافعة ما جاء به القرآن؛ أَمَا وإنهم لم يفعلوا ذلك، فقد دل ذلك على تهافت هذه الدعوة، وسقوطها من أساسها جملة وتفصيلاً.

3- إن التوافق والتداخل والاشتراك بين اللغات في بعض الكلمات، أمر شائع ومعروف ومألوف، وهو أمر قد قرره دارسو علم اللغات أنفسهم قديمًا وحديثًا؛ فاللغة العبرية تشتمل على عدد غير قليل من الكلمات التي أصلها عربي، ومع ذلك لا يقال عن الناطق بتلك اللغة: إنه لا يتكلم العبرية؛ وكذلك الشأن في اللغة التركية، إذ تحتوي على العديد من المفردات التي أصلها عربي، ومع ذلك لم يقل أحد عنها: إنها ليست لغة تركية؛ وأيضاً فإن اللغة السريانية، تعد عند علماء اللسانيات شقيقة اللغة العربية في مجموعة اللغات السامية، وهي تشترك مع العربية في كلمات وعبارات وقواعد واشتقاقات كثيرة، ليس هذا مكان الخوض فيها. وإذا كان الأمر كذلك، فلا يقال في الكلمات المشتركة والمتداخلة بين اللغات: إن لغة ما أخذتها من الأخرى. ومثل هذه الكلمات المشتركة والمتداخلة يوجد الكثير منها في لغات العالم، وخصوصًا بين الشعوب المتجاورة، وذات الأصل الواحد القريب، ومنها اللغات: (التركية، والكردية، والفارسية) فلديها كلمات مشتركة كثيرة؛ وكذلك بالنسبة إلى اللغات التي أصلها لاتيني، كاللغة الفرنسية والإسبانية، واللغات التي أصلها جرماني، كاللغة الإنجليزية والألمانية.

4- التلاقح بين اللغات والتفاعل فيما بينها عبر العصور والأزمان، أمر واقع ومقرر؛ ومسألة التلاقح والتفاعل بين اللغة العربية واللغات الأخرى مسألة ليست وليدة اليوم، إنما ترقى جذورها إلى العصور الزمنية التي سبقت دعوة الإسلام؛ فقوافل العرب التجارية كانت تشد رحالها في الصحراء قاصدة اليمن والحبشة وبلاد فارس؛ وكثير من الشعراء العرب كانوا ينـزلون بلاطات حكام تلك البلدان، على نحو ما يُذكر من أخبار اتصال النابغة الذبياني (604م) والأعشى الأكبر (629م) بحكام الإمارة الغسانية المتاخمة لبلادهم، واتخاذ ملك الفرس «أبرويز» تراجمه له من العرب، مثل عدي بن زيد (587م) الذي كان مقيمًا في الحيرة.

5- تلك الألفاظ القرآنية، والتي قيل عنها: إنها أعجمية، من باب الأسماء والأعلام؛ وقد اتفق علماء اللغات قديمًا وحديثًا، أن أسماء الأعلام إنما تُنقل من لغة إلى أخرى كما هي، كما يحدث في زماننا هذا، مثل كلمات: تليفون وتليفزيون وإستراتيجية وأجزخانة وطابور.. وعشرات الكلمات الغربية الأخرى التي دخلت المعاجم العربية…

——————–

تمت الاستعانة بمصادر لغوية متخصصة

يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى