مقالات

د. وصفي أبو زيد يكتب: المعاني الحضارية المكتسبة من «طوفان الأقصى» (5)

«5» ظهور تغيرات على الساحة الدولية:

إن ظهور التغيرات التي رأيناها على الساحة الدولية والميادين العالمية لم يكن يخطر على بال مطلقا؛ فمن كان منا يتصور أن تنتفض الشعوب الغربية في ألمانيا وإنجلترا وأوروبا كلها، وأميركا بولاياتها، ضد حكوماتها؛ فتقف هذه الحكومات في طرف دعم هذا الكيان اللقيط، وتقف الشعوب موقفا حرا شجاعا ضد وحشية العدو الصهيوني، وضد أنظمتها التي تتعاون على الإثم والعدوان؛ لردعها عن تأييد الظلم والقتل البشع، والتدمير الشامل والإبادة الجماعية.

وقد رأينا رموزا إعلامية غربية، ومشاهير في الفن والأدب والرياضة، وسياسيين سابقين، ودبلوماسيين سابقين أيضا، حتى من «إسرائيل» نفسها، تنتقد التصرفات الصادرة عن مجلس الحرب، وتنقد نتنياهو نفسه، مما زاد الهوة بين مجلس الحرب بعضه وبعض، والشعب مع حكومته من ناحية أخرى، وهذه الرموز العالمية ووقوفها مع قضية عادلة ضد همجية ووحشية هذا الكيان كان لها تأثير كبير في تغذية هذه التغيرات الدولية والانتفاضة الشعبية في ميادين أوروبا وأميركا.

وكان ختام هذه التغيرات هو هذا الحراك الطلابي الأكبر في القرن الأخير؛ حيث انتفضت جامعات أميركا وأوروبا ضد أنظمتها، وجعلت هذه الجامعات ترضخ لمطالب الطلاب، ومنها: قطع أي تعاون أكاديمي أو اقتصادي بين هذه الجامعات والكيان الصهيوني، وهي مكاسب عظيمة ماديا ومعنويا لم يكن من المتوقع حصولها.

وإنني أرى هذا الحراك الشعبي والطلابي مؤذن بتغيير كبير عالميا، لا أقول في المستقبل البعيد، ولكن في المستقبل القريب؛ فإن هذا التغيير الكبير الذي أنتج هذا الحراك الشعبي والطلابي سيفرز قيادات سياسية جديدة لصالح القضايا العادلة عالميا، وهذا لا شك سيكون في صالح الإسلام والمسلمين.

د. وصفي أبو زيد

أستاذ مقاصد الشريعة الإسلامية، ورئيس مركز الشهود الحضاري للدراسات الشرعية والمستقبلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى