تهديدات بغلق موقع إعلامي يربط بين ألمانيا والعالم الإسلامي
يلوح في الأفق قلق بين مجموعة من المستشرقين والكتاب العرب المقيمين في ألمانيا من غلق موقع “قنطرة” الذي يشكل جسراً بين ألمانيا والعالم الإسلامي، بعد نقل إدارة هذا الموقع تحريرياً من إذاعة “دويتشه فيله” الألمانية الممولة من البرلمان الألماني إلى معهد العلاقات الخارجية.
أعلن فريق تحرير الموقع منذ بدء هذا الانتقال في شهر مايو الماضي عن تقديم استقالتهم؛ لعدم اقتناعهم بالإدارة الجديدة للموقع، في ظل افتقال المعد الألماني للعلاقات الخارجية إلى الخبرة في إدراة المواقع الإعلامية.
سبب آخر لم يرد على لسان فريق التحرير، ولكنه يتضح من السياسة التحريرية التي تنتهجها مؤسسة “دويتشه فيله” منذ بداية العدوان على غزة في السابع من أكتوبر الماضي.
تقف “دويتشه فيله” بوضوح إلى جانب دولة الاحتلال، وتعد تقريراً لتبرير عملياتها العسكرية التي راح ضحيتها نحو 40 ألف مواطن. وتتعمد المؤسسة أن تصف المقاومة بـ”الإرهاب”. وسبق وأن أقالت المؤسسة الألمانية مجموعة من الموظفين العرب والمسلمين، عندما أبدوا تضامنهم مع فلسطين على وسائل التواصل الاجتماعي، بزعم “معادتهم للسامية”.
في حين، تستهدف “قنطرة” التقارب مع العالم الإسلامي، الذي -بالتأكيد- يدعم غزة، ويعارض -شعوباً ومن دون قادة في الغالب- الاحتلال حتى لو كان الوجه الوحيد للتعبير عن المعارضة يقتصر على الكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وجدت “قنطرة” نفسها بين المطرقة والسندان؛ فهي وإن اتبعت خطى دويتشه فيله، ستتنازل عن رؤيتها، وإن التزمت بخطها التحريري الخاص، ستصبح “دويتشه فيله” متهمة بإزدواجية المعايير.
هنا، كان لا بد من نقل تبعية موقع “قنطرة”، الذي تتوازن مقالاته في تطرقها للحرب على غزة، ويتخذ الموقع موقفاً مطالباً بوقف الحرب، ولا يخشى من أن يصف ما يحدث في غزة بـ “الإبادة الجماعية”، وهو المصطلح الذي تتحفظ “دويتشه فيله” في استخدامه بشكل صريح، وتستخدم بدلاً منه مصطلحات؛ مثل: “الحرب بين إسرائيل وحماس”، و”الحرب التي أعقبت هجوم حماس على إسرائيل”، وغيرهما من المصطلحات التي تحمل إدانة لفصائل المقاومة.
وفي هذا الإطار، قدم مجموعة من كتاب الموقع رسالة إلى الخارجية الألمانية التي ترعى الموقع، مطالبين فيه بضرورة الحفاظ على الموقع؛ لما له من مكانة رفيعة في عالم الإعلام الموجه للخارج، ولكونه وسيلة الإعلام الوحيدة الرامية لربط الشرق الإسلامي بأوروبا.
وجاء في نص الرسالة: “نحن مؤلفو موقع قنطرة ننظر بقلق بالغ إلى نقل المشروع من دويتشه فيله (DW) إلى معهد العلاقات الخارجية (IFA). نحن نتضامن مع مكتب التحرير السابق الذي أعلن استقالته نهاية الشهر بعد عملية انتقالية ناجحة”.
وأضافوا “لدينا شك في أن المعهد لديه القدرات التحريرية اللازمة لمواصلة مثل هذا المشروع المعقد بنجاح والذي تم بناؤه على مدى سنوات عديدة ولجميع المهتمين بالشرق الأوسط وكذلك العلماء.
هناك مخاوف فورية من أن يتم تدمير الأرشيف، الذي كان واسع النطاق على مدى سنوات عديدة، من خلال حذف عدد لا يحصى من المشاركات التي لا يملك IFA حقوق استخدامها، لا نرى كيف يمكن للمشروع أن يستفيد من النقل إلى المعهد بأي شكل من الأشكال. ولذلك، فإننا نسأل أنفسنا ما هي الدوافع وراء اتخاذ هذه الخطوة على الإطلاق، في وقت أصبحت فيه المعلومات الواقعية والمتباينة حول المنطقة والتبادل معها أكثر أهمية من أي وقت مضى”.
واختتم “نحن نرى الخطر الحقيقي المتمثل في ضرورة التعامل مع مشروع قنطرة بصورة ملائمة، فهو وإن يسمح بتنوع الآراء في مناقشاته، فهو يشكك أيضًا في الواقع في السياسة الخارجية والثقافية الألمانية. وبينما تقود وزارة الخارجية مشروع القنطرة إلى طريق مسدود، فإنها تنهي المناقشات التي تعتبر في غاية الأهمية للتبادل الديمقراطي. لم يعد هناك أي مجال يمكن أن يعيش فيه الحوار بين العالمين الإسلامي والعربي وألمانيا. إن حقيقة أن مكتب تحرير قنطرة يفترض أن البوابة لم تعد قادرة على العمل كوسيلة مستقلة ونقدية عند دمجها في المعهد، يسلط الضوء على صحة شكوكنا”.