(29)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “ما ثبت بالشرع مقدم على ما ثبت بالشرط”.
ومعناها: أنَّ ما أثبته الشرع يجب تقديمه على ما ثبت بغيره.
ومثالها: من لم يحج حجة الإسلام إذا أحرم بتطوع أو نذر.. وقع إحرامه عن حجة الإسلام؛ لأنه يتعلق بالشرع، ووقوعه عن التطوع والنذر متعلق بإيقاعه عنهما والأول أقوى.
(30)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “ما أوجب أعظم الأمرين بخصوصه لا يوجب أهونهما بعمومه”.
ومعناها: إذا اجتمع حكمان شرعيان أحدهما أعظم من الآخر.. فالاعتبار لأعظم الأمرين بخصوصه، فيجب فعله، وأما أهون الأمرين فلا يجب فعله؛ لأنه دخل في الأمر الأعظم.
ومثالها: إذا اجتمع حد القتل مع حد الزنا أو حد الزنا أو حد السرقة أو حد الشرب.. أقيم على الجاني حد القتل فقط.
(31)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “إذا اجتمع السبب – أو الغرور – والمباشرة قُدِّمت المباشرة”.
ومعناها: إذا اجتمع في حادثة: مباشر، ومتسبب.. كان الضمان على المباشر؛ لأنه الفاعل الحقيقي، وإذا اجتمع مباشر ومغرّر.. كان الضمان كذلك على المباشر دون المغرِّر.
ومثالها: لو دلَّ شخصٌ لصًّا على مال لثالث فسرقه اللص.. فالضمان يكون على السارق المباشر لا الدالِّ المتسبِّب.
(32)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “ما حرم استعماله حرم اتخاذه”.
ومعناها: أن كل ما حرم الشرع على المسلم استعماله واستخدامه حرم عليه كذلك اقتناءه وادّخاره.
ومثالها: يحرم اقتناء آلات الملاهي؛ لأنه يحرم استعمالها فيحرم اتخاذها واقتناؤها.
(33)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “لا عبرة بالظن البين خطؤه”.
ومعناها: إذا بنينا فعلًا على ظن ثم تبين لنا خطأ ذلك الظن.. يجب إلغاء هذا الظن ولا تترتب عليه آثاره الشرعية وإنما يجب الحكم بحسب الواقع.
ومثالها: لو دفع الزكاة إلى من يظنه مستحقًّا ثم بان خلاف ذلك.. لا تجزئ عنه.
(34)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “ما حرم أخذه حرم إعطاؤه”.
ومعناها: أن الشيء المحرم الذي لا يجوز لأحد أن يأخذه ويستفيد منه.. يحرم عليه أيضًا أن يقدمه لغيره ويعطيه إياه.
ومثالها: الربا، أخذه حرام، وكذلك إعطاؤه حرام؛ لأن في إعطائه تشجيعًا للربا ونشرًا له في المجتمع المسلم.
(35)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “المشغول لا يُشغل”.
ومعناها: أن الشيء إذا تعلق به حكم شرعي لم يصح أن يشغل بحكم آخر غيره، حتى يفرغ من الحكم الأول.
ومثالها: العين الموقوفة لا تباع ولا توهب ولا ترهن؛ لانشغالها بالوقف.
(36)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “من استعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه”.
ومعناها: أنّ من توسّل بالوسائل غير المشروعة تعجُّلًا منه للحصول على مقصوده المستحق له.. فإن الشرع يعامله بضد مقصوده فيوجب حرمانه جزاء استعجاله هذا.
ومثالها: لو قتل إنسان مورثه.. يحرم الشرع القاتل نصيبه من الميراث.
(37)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “الاشتغال بغير المقصود إعراض عن المقصود”.
ومعناها: إذا كان الواقع يملي على الشخص أن يكون له قصد معين ثم إنه اشتغل بغير هذا المقصود فيفهم من ذلك أنه معرض عن مقصوده ملتفت إلى ذلك الغير وعليه أن يتحمل نتائج ذلك.
ومثالها: لو قال مستحق الشفعة للمشتري عند لقائه اشتريت رخيصًا.. سقط حقه.
(38)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “المكبَّر لا يكبَّر”.
ومعناها: إذا ورد حكم شرعي مشدَّدًا لعلة، فلا يزاد عليه شيء مما يمكن زيادته وتضعيفه على الأحكام العدليَّة؛ لأنَّ الشيء إذا انتهى نهايته في التغليظ لا يقبل التغليظ..
ومثالها: لا يشرع التثليث في غسلات نجاسة الكلب؛ لأنها في الأصل مغلظة.
(39)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرَّج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “يغتفر في الوسائل ما لا يغتفر في المقاصد”.
ومعناها: أنَّ الأحكام الشرعية بعضها مقاصد، أي: مقصودة لذاتها، وبعضها وسائل يتوصَّل بها إلى غيرها، ولما كانت الوسائل أخفض رتبة من المقاصد تسامح الشرع وتساهل في إيجادها ما لم يتسامح أو يتساهل في المقاصد.
ومثالها: يجوز توقيت الكفالة بالنَّفس؛ لأنَّ الكفالة بالنَّفس التزام بالوسيلة، بخلاف ضمان المال فلا يجوز توقيته؛ لأن الضمان التزام للمقصود وهو المال.
(40)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرَّج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “ما لا يقبل التبعيض فاختيار بعضه كاختيار كله، وإسقاط بعضه كإسقاط كله”.
ومعناها: أنَّ بعض الأحكام الشرعية لا تتجزأ، لعدم إمكان ذلك فيها، فلهذا كان اختيار جزئها كاختيار كلِّها وإسقاط جزئها كإسقاط كلها.
ومثالها: إذا قال: أنت طالق نصف طلقة أو ربع طلقة.. وقع عليها طلقة كاملة؛ لأنها مما لا يتجزأ، وإذا عفا مستحق القصاص عن بعضه، أو عفا بعض المستحقين.. سقط كله؛ لأنه مما لا يتجزأ.
(41)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرَّج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة”.
ومعناها: إن اجتمعت الولايتان الخاصة – مثل: ولي المرأة في النكاح – والعامة – مثل: القاضي والسلطان – فإن الولاية الخاصة تكون مقدَّمة على الولاية العامة.
ومثالها: القاضي لا ولاية له مع وجود الأب والجد.
(42)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “الواجب لا يترك إلا لواجب”.
ومعناها: أنَّ الواجب لا يجوز تركه دون فعله، إلا لواجب مثله، وأنَّه لا يجوز تركه لسنَّة أو مندوب أو مستحب؛ لأنَّ الفرض والواجب أفضل وأهم من النَّفل، كما سبق.
ومثالها: قطع الصلاة لإنقاذ إنسان أوشك على الغرق واجب، فجاز ترك الصلاة الواجبة لإنقاذ حياة إنسان.
(43)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “الحر لا يدخل تحت اليد”.
ومعناها: أنَّ الحرَّ لا يدخل في ملك آخر ولا يقع تحت سلطته وتصرفه؛ فلا يكون مالًا يباع ويشترى ولا يضمن كما تضمن الممتلكات.
ومثالها: من استأجر حرًّا لعمل ما؛ فليس لمستأجره أن يؤجِّره من غيره، ولا تقرَّر أجرته بالتسليم؛ لأن منافعه لا تدخل تحت اليد.
(44)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “الحريم له حكم ما هو حريم له”.
ومعناها: أنَّ ما يحيط بالشيء ويتبعه ويتوقف الانتفاع بالشيء عليه.. يأخذ نفس حكم هذا الشيء.
ومثالها: يحرم الاستمتاع بما بين السرة والركبة في الحيض؛ لحرمة الفرج، فالحريم له حكم ما هو حريم له.
(45)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “إذا اجتمع أمران من جنس واحد ولم يختلف مقصودهما دخل أحدهما في حكم الآخر غالبًا”.
ومعناها: إذا تعلق بذمة المكلف واجبان أو أكثر، أو لزمه حدَّان أو أكثر، أو اجتمع في وقت واحد واجب ومندوب أو أكثر، أو نحو ذلك، وكانت هذه الواجبات، أو الحدود ونحوها من جنس واحد، ومقصودها والمراد منها واحدًا.. فإن أحدهما يدخل في الآخر غالبًا، فإن كانت رتبها مختلفة.. دخل الأدنى منها في الأعلى وأغنى فعله عن فعل الأدنى، وإن كانت متساوية أغنى فعل أحدها عن غيره.
ومثالها: إذا اجتمع حدث وجنابة كفى الغسل، ولو اجتمع جنابة وحيض.. فتكتفي بنية الجنابة عن الحيض والجنابة، وعكسه، أو اجتمع غسل جمعة وعيد، فيكتفي بنية غسل العيد عن نية غسل الجمعة، ولو دخل المسجد وصلى الفرض.. دخلت فيه تحية المسجد.
(46)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة”.
ومعناها: أنّ من ولي شيئًا من أمور المسلمين يجب أن يكون تصرفه لمصلحتهم، أي: بما فيه نفع لعموم مَن تحت أيديهم، وما لم يكن كذلك.. لم يكن التصرف صحيحًا ولا نافذًا شرعًا.
ومثالها: لا يجوز للوالي أو القاضي أو الناظر أو الوصي أن يهب أموال الوقف أو أموال الصغير؛ لأن تصرفه فيها يجب أن يكون مقيدًا بالمصلحة.
(48)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “إذا تعذَّرت الحقيقة يُصار إلى المجاز”.
ومعناها: أن المجاز خلف عن الحقيقة، فإذا تعذرت الحقيقة، أو تعسرت، أو هجرت.. يصار إلى المجاز؛ لأنه عندئذ يتعين طريقًا لإعمال الكلام واجتناب إهماله، كما سبق معنا في قاعدة: إعمال الكلام أولى من إهماله.
ومثالها: لو أوصى لأولاده وليس له أولاد من الصلب أحياء.. تصرف لأولادهم.
(49)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “إذا تعذر إعمال الكلام يُهمل”.
ومعناها: يعمل بالكلام ما أمكن، حقيقة أو مجازًا، فإن تعذر ذلك فإنه يُهمل.
ومثالها: لو أوصى لأولاده وليس له أولاد، ولا أولاد أولاد، فهنا تعذرت الحقيقة والمجاز، فلذا يُعَدّ الكلام ملغى، وتبطل الوصية هذه.
(50)
من القواعد الفقهية الكلية التي يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية قاعدة: “المطلق يجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد نصًّا أو دلالة”.
ومعناها: أن الكلام المطلق يبقى على إطلاقه ما لم يكن هناك ما يقيده من صفة أو حال أو عادة.
ومثالها: لو وكّل شخص آخر بشراء شاة للأضحية فاشتراها له حمراء، فقال الموكل: إنما أردتها سوداء.. يُلزم بما اشتراه الوكيل؛ لأن كلامه مطلق، فيجري على إطلاقه، فلو قال شاة حمراء.. لم يُلزم إلا بها، ولو جاءه بها بعد مرور أيام العيد.. لم تلزمه؛ لأن دلالة الحال تقتضي شراءها قبل العيد أو في العيد.