مضر أبو الهيجاء يكتب: فك الالتباس في موقفي من حركة حماس (1-5)
الحمد لله وكفى والصلاة على عبده الذي اصطفى وبعد ،،،
نشأة وخلفية حركة حماس
إن حركة المقاومة الإسلامية حماس هي حركة سياسية إسلامية سنية تشكلت من رحم الشعب الفلسطيني الحر، وهي كمثيلاتها من الحركات الإسلامية سواء الإخوانية أم السلفية من حيث استهدافها للدعوة والإصلاح وسعيها لإقامة دين الله في عموم ديار العرب والمسلمين وخصوص فلسطين وفي هذا نتفق أجمعين.
انطلقت الحركة وتشكلت تلبية لواقع الاحتلال وتعبيرا عن الشعب الفلسطيني في طلبه الجهاد بهدف تحرير الأقصى وعموم فلسطين انطلاقا من مرجعية الدين وأحكامه.
حماس والمسيرة الجهادية
أبدعت كتائب القسام و أصاب الحق خطاب الحركة بالدعوة للأعمال الجهادية وذلك من خلال قادة عظام نظروا للجهاد كالشهيد الدكتور الرنتيسي وترجمه المجاهد الكبير يحيى عياش ومحمد الشريف والأخوين عوض الله في الضفة كما عبر عنه كثير من المجاهدين والمقامات العظام في غزة.
وقد اكتسبت الحركة وقادتها مكانة علية بين شعوب الأمة حتى صارت جوهرة التغيير ونموذج الجهاد المطلوب ونافذة الأمة وحركاتها في فلسطين المجاهدة.
حركة حماس وسيلة وليست غاية
لكن كل ذلك التاريخ الدعوي والجهادي المشرف الذي اكتسبته الحركة لم يخرجها عن كونها وسيلة، ولم يحولها إلى غاية وهدف بحد ذاتها الا عند المتعصبين الذين وقعوا في الشرك وأشكاله حين عظموا وقدموا حركاتهم على الحق، والذين أعمتهم العصبية الحزبية التنظيمية فلم يعودوا يميزوا بين الحق والهدى وأحكام الدين كما جاءت في القرآن الكريم والسنة الصحيحة وسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبين قول الشيخ ورأي المسؤول وخيار القائد، للدرجة التي فقدوا فيها الميزان الشرعي، والذي يؤمنون بوجوبه على كل الجماعات والحركات والشخصيات ما عدا حركتهم وقاداتها، وبات كل من عنده شهيد أو كان أسيرا لسنوات طوال من قيادات الحركة يستحق لقب المعصوم في واقع الحال وشكل التعامل دون المقال!
تقييم حركة حماس على أساس الميزان الشرعي
باعتبارنا مسلمين مؤمنين برسالة الإسلام العظيم، ومؤمنين بفرضية الجهاد العينية علينا في فلسطين، كما نؤمن بوجوب سعينا لإقامة الدين .. فإن موقفي وتعاملي مع حركة حماس وقادتها ضمن الميزان الشرعي كما أنظر لسياساتها وخياراتها بمنظار الأمة، وليس بمنظار الوطن أو العشيرة، فالحق أحق أن يتبع عند كل من يعي دلالة التوحيد ومعنى الايمان بالله و أسمائه وصفاته، وكل من يعي سيرة النبي المعلم الأول وخير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، والذي ربى صحابته الكرام الذين نهتدي بأفهامهم وننظر إليهم كالنجوم بين البشر لاسيما وهم نتاج مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم المعدلين بنص القرآن الكريم.
حركة حماس والتصويب الكبير
ومن المهم الإشارة إليه أن حركة حماس جاءت انطلاقتها المباركة لتصوب المسار الفلسطيني الوطني الذي اختل على يد ياسر عرفات لاسيما بعد إنجازه السري لاتفاق أوسلو الذي ضيع القضية الفلسطينية وأدخلها في نفق مظلم حتى اليوم، بل هو المسؤول عن تشريع التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، وقد كان مجيء حركة حماس سببا في إقرار وتقعيد العمل الجهادي، وإخضاع الخيارات السياسية الفلسطينية لميزان الشرع واعتبار عموم أوضاع الأمة!
الشعب الفلسطيني صنع حماس وليس العكس
ومن شدة عطش الشعب الفلسطيني للاستقامة والسوية السياسية لاسيما وقد يئس من أشكال الفساد المالي والسياسي والأخلاقي الذي تجسد بعدد بارز من قيادات السلطة الفلسطينية، فإن عموم الشعب الفلسطيني وخصوص أنصار حركة فتح انتخبوا واختاروا حماس ورجالاتها في الضفة وغزة في الانتخابات البلدية ثم التشريعية في عام 2006.
بداية الانحراف السياسي في حركة حماس
يمكن تأريخ الانحراف السياسي في حركة حماس من لحظة قبولها باتفاق أوسلو في واقع الحال، وذلك بقبولها المشاركة في العملية السياسية في ظل الاحتلال من خلال مشاركتها في الانتخابات التشريعية التي أفضت لفوزها وأصبحت جزءا من كيان السلطة الفلسطينية معتبرة ما تشكل عنه من أطر كالمجلس التشريعي هو ميدان عملها ومعلية من شأن محمود عباس ومعتبرة له رئيس فلسطين الشرعي وبمثابة الأب!
فخ السلطة
وقعت حركة حماس في فخ السلطة كما وقعت فيه حركة فتح، وتشكلت بناء عليه مراكز نفوذ ومصالح وصلاحيات، وبدأت مسيرة الاحتراب بينها وبين فتح دحلان الذي انتهى بتحقيق الإرادة الإسرائيلية وانقسمت فلسطين إلى قسمين، فأخذت حماس 362 كيلومتر مربع هي غزة المنبسطة والمحاصرة من كل جهاتها، وتخلت عمليا عن 6300 كيلومتر مربع للاسرائيليين وهي الضفة الغربية المفتوحة والمليئة بالجبال والطرق الالتفافية، ورضيت بمكسب سلطة كاذبة وفرت لها منابر رئاسية وحظوة بين الدول العربية والإسلامية، وبات المشروع الإسلامي العظيم لتحرير فلسطين محصورا في غزة المحاصرة بفضل حكمة وعظمة عقول من اختاروا هذا الخيار السياسي والذي راكم على تدمير ياسر عرفات فزاد القضية انحرافا وتدميرا!
يتبع