شهدت بنجلاديش يوما غير مسبوق من العنف والاضطرابات اليوم الأحد حيث قُتل ما لا يقل عن 91 شخصا وأصيب مئات آخرون خلال اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة.
اندلعت أعمال العنف عندما نزل عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع مطالبين باستقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة. وردت الشرطة بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق الحشود، مما أسفر عن أعلى حصيلة قتلى في يوم واحد من الاحتجاجات في تاريخ بنجلاديش الحديث، متجاوزة 67 حالة وفاة تم الإبلاغ عنها في 19 يوليو خلال احتجاجات الطلاب ضد حصص الوظائف الحكومية.
وردًا على تصاعد الاضطرابات، أعلنت الحكومة حظر تجوال غير محدد في جميع أنحاء البلاد بدءًا من الساعة السادسة مساءً بالتوقيت المحلي اليوم الأحد. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اتخاذ مثل هذا الإجراء خلال موجة الاحتجاجات الحالية، التي بدأت الشهر الماضي. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الحكومة عطلة عامة لمدة ثلاثة أيام تبدأ من غذاً الإثنين للحد من الاضطرابات.
انتشرت المظاهرات في مختلف أنحاء البلاد، حيث أطلق الطلاب المحتجون حركة عدم تعاون، فأغلقوا الطرق السريعة الرئيسية وطالبوا باستقالة الحكومة. وأدى العنف إلى إغلاق خدمات الإنترنت، مما يشير إلى محاولة الحكومة السيطرة على تدفق المعلومات والاتصالات بين المحتجين.
ويمثل هذا الوضع تحديا كبيرا لرئيسة الوزراء الشيخة حسينة، التي تولت السلطة لمدة 20 عاما وحصلت مؤخرا على فترة ولاية رابعة على التوالي في انتخابات قاطعتها المعارضة الرئيسية، حزب بنجلاديش الوطني. واتهم المنتقدون، بما في ذلك جماعات حقوق الإنسان، حكومة حسينة باستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين، وهو ادعاء تنفيه هي ووزراؤها.
وبعد اجتماع للجنة الأمن القومي حضره رؤساء الجيش والبحرية والقوات الجوية والشرطة وغيرها من الأجهزة، ألقت رئيسة الوزراء حسينة كلمة إلى الأمة، ووصفت المتظاهرين بالإرهابيين. وقالت حسينة: “إن أولئك الذين يمارسون العنف ليسوا طلاباً بل إرهابيون يسعون إلى زعزعة استقرار الأمة”، وحثت الشعب على “قمع هؤلاء الإرهابيين بيد قوية”.
تحولت الاشتباكات إلى مواجهات دامية في مناطق مختلفة، حيث استهدفت مراكز الشرطة ومكاتب الحزب الحاكم. وفي منطقة سيراجانج الشمالية الغربية، وردت أنباء عن تعرض 13 شرطيًا للضرب حتى الموت. بالإضافة إلى ذلك، قُتل تسعة مدنيين في نفس المنطقة، حيث أضرمت النيران في منازل اثنين من المشرعين.
وفي العاصمة دكا، قُتل 11 شخصًا على الأقل، بينهم طالبان وزعيم الحزب الحاكم، وسط اشتباكات عنيفة. وأفاد شهود عيان بوقوع مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة ونشطاء الحزب الحاكم في عدة مناطق من المدينة.
وفي منطقة مونسيجانج بوسط البلاد، قُتل عاملان في مجال البناء، وأصيب 30 آخرون خلال اشتباك ثلاثي بين المتظاهرين والشرطة وأنصار الحزب الحاكم. وأكد أبو هينا محمد جمال، مشرف مستشفى المنطقة، أن العمال وصلوا إلى المستشفى مصابين بطلقات نارية، رغم أن الشرطة نفت إطلاق الذخيرة الحية.
وفي مكان آخر، في منطقة بابنا الشمالية الشرقية، قُتل ثلاثة أشخاص، وأصيب خمسون آخرون خلال اشتباكات بين المتظاهرين ونشطاء من حزب رابطة عوامي الحاكم الذي تتزعمه حسينة. كما وردت أنباء عن وقوع حوادث مماثلة في فيني، ولاكشميبور، ونارسينجدي، ورانجبور، وماجورا، مما أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى.
أدان وزير الصحة سامانتا لال سين الهجوم على مستشفى كلية الطب في دكا، حيث أشعلت مجموعة من المخربين النار في المركبات، بما في ذلك سيارة إسعاف، وتسببوا في أضرار جسيمة.
للمرة الثانية منذ بدء الاحتجاجات، أوقفت الحكومة خدمات الإنترنت عالية السرعة. وصدرت تعليمات لشركات الاتصالات بتعطيل خدمات الجيل الرابع، مما أدى فعليًا إلى قطع الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وواتساب، حتى عبر اتصالات النطاق العريض.
كشفت مذكرة حكومية سرية حصلت عليها رويترز أن المركز الوطني لمراقبة الاتصالات، وهو وكالة استخبارات حكومية، أصدر التوجيه. وتم تحذير الشركات من إمكانية إلغاء تراخيصها إذا فشلت في الامتثال لهذه الأوامر.
بدأت الاضطرابات في الشهر الماضي عندما احتجت مجموعات طلابية على حصص الوظائف الحكومية، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 150 شخصًا وإصابة الآلاف. توقفت الاحتجاجات مؤقتًا بعد أن ألغت المحكمة العليا معظم الحصص، لكن المظاهرات المتفرقة استؤنفت الأسبوع الماضي، حيث طالب المحتجون بالعدالة للقتلى.
أصدر رئيس أركان الجيش الجنرال واكر الزمان توجيهاته للضباط العسكريين بضمان أمن أرواح الناس وممتلكاتهم والمنشآت الحكومية المهمة. وأكد أن الجيش البنغلاديشي ملتزم بخدمة مصالح الشعب والحفاظ على الاستقرار. وأعلن متحدث باسم الجيش أن الجنرال زمان سيتحدث لوسائل الإعلام غداً الإثنين