السيد هاني يكتب: كشمير تحت الاحتلال الهندي الوحشي
في المشهد اليوم.. دماء المسلمين تهدر في فلسطين، وفى كشمير.. وصور أشلاء الضحايا.. ولحم الأطفال المقطع.. والرؤوس المبتورة.. والأكفان.. وصرخات الأطفال والنساء تملأ شاشات الفضائيات.. ونعوش القتلى في فلسطين ترشح دم الشهداء.. حتى أن بعض جثامين الشهداء.. مازالت ملقاة في الشوارع والطرقات.. لا تجد من يحفر لها قبرا ويحملها إليه!
في المشهد اليوم.. عداد الموت في غزة.. قد تجاوز مائتي ألف بين شهيد.. وجريح.. وبقايا إنسان قد بترت أطرافه! وصرخات أطفال غزة تدوي في أذاننا.. تستغيث بمن صموا آذانهم وأغمضوا عيونهم عن مذابح الأطفال.. ومحارق خيام النازحين.. الذين تقصفهم إسرائيل.. فيموتون حرق!
مائتي ألف بين شهيد وجريح.. بينهم أكثر من مائة ألف من الأطفال والنساء.. سقطوا في غزة تحت القصف الإسرائيلي.. بالقنابل والصواريخ الأمريكية.. باعتراف مجرم الحرب الرئيس الأمريكي جو بايدن.. الذي قال بالحرف الواحد: «إن أطفال غزة يقتلون بالقنابل الأمريكية»
الأطفال الرضع وأسرهم يقتلون في غزة بالقنابل الأمريكية.. تقطع أجسادهم تحت الركام.. يحرقون في الخيام تحت القصف الإسرائيلي.. بعد أن خدعهم الصهاينة الأوغاد بالنزوح إلى مناطق.. قالوا لهم إنها آمنة.. ثم استهدفوهم بالصواريخ وقنابل الفوسفور الأبيض..
يالهول المفارقة.. الأطفال الرضع في كل العالم.. يرضعون الألبان والعصائر.. بينما الأطفال فى غزة يحرقون بقنابل الفوسفور الأبيض.!
يوم قهر كشمير
واليوم 5 أغسطس هو ذكرى يوم أسود من أيام الاحتلال الهندي البغيض لولاية جامو وكشمير.. ذلك الاحتلال الذي قتل وجرح وأصاب أكثر من ربع مليون مسلم من سكان الولاية.. منذ دخلتها جحافل الجيش الهندي عام 1947.. لا لشيء إلا لأنهم مسلمون يطالبون بحقوقهم المشروعة التي أقرتها القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة.. وأولها الحق في تقرير المصير..
لكن.. علي أرض كشمير.. كما على أرض فلسطين.. سقطت الشرعية الدولية..
وديست نصوص القانون الدولي بأحذية جنود الجيشين الهندي والإسرائيلي
على أرض كشمير وفلسطين سقطت العدالة..
وديست حقوق الإنسان..
وقتل الأطفال والنساء والشيوخ.. لا لشيء.. سوى أنهم مسلمون…!
أقول الجيشين الهندي والإسرائيلي.. لأنهم «إيد واحدة».. منذ سنوات طويلة!
والدليل على ذلك.. أن ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند بعث بقوات من الجيش الهندي تقاتل إلى جانب الجيش الإسرائيلي في غزة..
يا حكام الدول الإسلامية. انتبهوا.. ناريندرا مودي ونتنياهو «إيد واحدة» في قتل المسلمين في فلسطين وفى كشمير..
أقول بأعلى صوتي.. يا أهل فلسطين.. ويا أهل كشمير.. إذا كانت حكومات الدول الإسلامية قد خذلتكم.. فالشعوب الإسلامية تقف معكم.. تشد على أيديكم.. تقاسمكم الألم والمعاناة.. والصبر على الظلم والعدوان الذي تتعرضون له كل يوم..
أقول للمناضلين في كشمير وفى فلسطين. للجماعات الإسلامية المسلحة التي تقاوم جحافل الجيشين الهندي والإسرائيلي.. أيها المناضلون الشرفاء.. اثبتوا.. وقاوموا.. وحسبكم أن الله معكم.. مطلع على ما تقدمونه من بذل وتضحيات.. ويستقبل شهدائكم في الجنة.. هم الآن أحياء عند ربهم يرزقون كما قال في كتابه الكريم..
وأما هؤلاء الذين يصفونكم بأنكم جماعات إرهابية.. فهم يقلبون الحقائق.. أقول لهم: كيف تصفون المناضلين الشرفاء بأنهم جماعات إرهابية، وهم الذين يناضلون من أجل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية.. الصادرة من الأمم المتحدة.. التي تعطيهم الحق في تقرير المصير.. والحق في المقاومة المسلحة ضد الاحتلال!!
متى يستيقظ الضمير العالمي؟ ومتى يتوقف النفاق العالمي الذي تمارسه الحكومات في قضايا الشعوب الإسلامية. فتنحاز للقوى ضد الضعيف.. وتلقى اللوم على الضحية؟
اليوم.. هو ذكرى أليمة في تاريخ نضال شعب جامو وكشمير..
ذكرى يوم الخامس من أغسطس عام 2019.. الذي أعلنت فيه الهند إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي التي كانت تعطى سكان الولاية وضعا خاصا يصل إلى درجة الحكم الذاتي..
ورغم أن هذه المادة لم تحترم في أي يوم من الأيام.. حيث كانت القوات الهندية لا تتوقف عن التنكيل بسكان الولاية.. قتل وتعذيب.. وانتهاك للحرمات.. وتدمير للممتلكات..
لم تكتف القوات الهندية بذلك..
بل قررت سلب سكان الولاية جميع الحقوق التي كانت تمنحها لهم المادة 370 من الدستور الهندي.
قصة هذه المادة باختصار شديد تعود إلى أن تقسيم شبه القارة الهندية بعد الاستقلال. تم على أساس ديني.. الولايات التي يعيش بها أغلبية هندوسية تضم إلى الهند.. والولايات التي يعيش بها أغلبية مسلمة تضم إلى باكستان..
ولما كان المسلمون يشكلون قرابة 90 بالمائة من سكان ولاية جامو وكشمير.. فكان يجب أن تضم إلى باكستان.. إلا أن الهند قامت بغزوها في 27 أكتوبر 1947 واحتلالها بالقوة العسكرية..
صدرت بعد ذلك عشرات القرارات من الأمم المتحدة.. كلها تطالب الهند بإجراء استفتاء حر ونزيه وشفاف تحت إشراف الأمم المتحدة، لكي يقرر سكان الولاية مصيرهم بأنفسهم.. إما أن يظلوا تحت الإدارة الهندية.. أو ينضموا إلى باكستان.. أو يقيموا دولة مستقلة..
ضربت الهند بكل هذه القرارات عرض الحائط..
استمرت الضغوط الدولية على الحكومة الهندية برئاسة جواهر لال نهرو.. فوضعت المادة 370 بالدستور الهندي.. في محاولة لامتصاص الغضب الدولي جراء احتلال الهند بالقوة العسكرية لولاية جامو وكشمير.. على الرغم من أن أغلبية سكانها يعتنقون الإسلام.. ومن حقهم الانضمام إلى جمهورية باكستان الإسلامية طبقا للقواعد التي تم على أساسها تقسيم شبه القارة الهندية..
ماذا.. «كانت».. تقول المادة 370 في الدستور الهندي؟
هذه المادة، «كانت» تمنح ولاية جامو وكشمير وضعا خاصا.. يصل إلى درجة الحكم الذاتي.. حيث كانت تسمح للولاية بأن يكون لها علما خاصا بها.. وأن تسن قوانينها وتشريعاتها من خلال برلمانها المنتخب.. وأن تكون مستقلة في إدارة شئونها الداخلية.
رغم ذلك لم تتوقف الضغوط الدولية على الحكومة الهندية.. لأن المجتمع الدولي كان يرى في احتلال الهند العسكري لولاية جامو وكشمير.. ما يتعارض مع كل ما يردده رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو في وسائل الإعلام العالمية.. عن حق الشعوب في تقرير مصيرها.. والتحرر من الاستعمار…
في مواجهة هذه الضغوط… قدم نهرو وعودا كثيرة بإجراء الاستفتاء الذي طالبت به الأمم المتحدة في كشمير… بعض هذه الوعود مسجل بصوته في الإذاعات الدولية… وبعضها مسجل بخط يده في رسائل بعثها إلى المسئولين في الأمم المتحدة… والقيادات الباكستانية.
نهرو لم يستطع الوفاء بوعوده…!
لم يستطع الإقدام على إجراء الاستفتاء الذي وعد به.. خشية أن يلقى نفس مصير المهاتما غاندي الذي قتله الهندوس رميا بالرصاص.. لأن غاندي احتج على غزو الجيش الهندي لولاية جامو وكشمير وضمها بالقوة إلى الهند.. أطلق عليه النار شاب هندوسي اسمه «ناثو رام غودس» فقتله.. يوم 25 يناير عام 1948.. قائلا: «إننا لا نستطيع أن نواجه الإسلام وغاندي معا!!»
لذلك أقدم نهرو على خطوة أخرى.. ظن أنها يمكن أن ترضى سكان جامو وكشمير، وتمتص الغضب الدولي، وتطوى ملف هذه القضية…!
ففي 14 مايو عام 1954.. أضاف نهرو بقرار رئاسي منه إلى المادة 370 من الدستور.. الفقرة ” «A 35» التي تزيد من مساحة الحكم الذاتي للولاية..
رغم ذلك ظلت القوات الهندية على مدى العقود الماضية تمارس القمع والقتل والتنكيل ضد سكان الولاية.. ضاربة عرض الحائط بوعود نهرو.. وبقرارات مجلس الأمن.. وبكل نصوص القانون الدولي.. والاتفاقيات الخاصة بحماية حقوق الإنسان في المناطق المحتلة…!
حتى جاءت الى السلطة في الهند حكومة يمينية متطرفة… من حزب «بهاراتيا جاناتا» الهندوسي المتطرف… على رأسها مجرم اسمه «ناريندرا مودي».. قاتل.. ملطخة يديه بدماء أكثر من ألف شهيد مسلم.. عندما كان حاكما لولاية «جوجارات» في الفترة من 2001 إلى 2014.. وقام بتدبير المجزرة الشهيرة التي وقعت في «جوجارات» يوم 28 فبراير عام 2002.. حيث دفع بمجموعة من الهندوس المتطرفين إلى الهجوم على قرية «شامانبورا» التي تقع بالقرب من مدينة أحمد آباد.. وتسكنها أغلبية مسلمة.. فقام الهندوس المتطرفون بإحراق منازل القرية وقتل كل من كانوا بداخلها.. لقد ألقوا ب 35 شخصا وهم أحياء في النار.. كان من بين هؤلاء عضو البرلمان إحسان جفري.. المسلم الذى كان ينتمى إلى حزب المؤتمر الوطني في الهند!
ولقد طالبت جهات دولية عديدة بتقديمه إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمته كمجرم حرب.. وبلغ استنكار العالم لجريمته الشنعاء إلى درجة أن الولايات المتحدة الأمريكية رفضت منحه تأشيرة الدخول إليها في عام 2005 بسبب الدعاوى المقامة ضده في كثير من المحاكم..
لقد بلغت الوقاحة بهذا المجرم الإرهابي… ناريندرا مودى رئيس وزراء الهند الحالي… أن علق على قتل المسلمين في جوجارات… بالقول: «إن كل مسلم لقى حتفه في هذه المذبحة… هو مثل كلب دهسته سيارة»…!!
لقد سعى هذا الكلب الذي يحكم الهند الآن.. منذ جاء إلى السلطة عام 2014 إلى “تصفية” قضية كشمير.. بإجراء تغيير ديموغرافي على الولاية.. حتى يصبح المسلمون فيها أقلية.. فلا يسمع لهم صوت.. ولا يصبح لقرارات مجلس الأمن جدوى.. وذلك بإلغاء المادة 370 من الدستور الهندي، بما تتضمنه الفقرة «A35» التي تنظم حق الإقامة الدائمة في الولاية.. لكي ينهى بذلك الحكم الذاتي لولاية جامو وكشمير.. ويسلب مجلسها التشريعي سلطة تحديد من له حق الإقامة الدائمة.. والعمل وتملك العقارات.. بذلك يفتح أبواب الولاية على مصراعيها أمام الهندوس.. لكي ينتقلوا إليها.. حتى يصبحوا هم الأغلبية بين سكان الولاية..
من هنا نقول لحكومة حزب «بهاراتيا جاناتا» اليمينية المتطرفة التي تحكم الهند الآن.. حيث ترعى الإرهاب.. وتمارس العنصرية.. وتضرب بالقرارات الدولية والقانون الدولي عرض الحائط.. نقول لها : إن الكشميريين ليسوا وحدهم في خندق المقاومة.. نحن معهم.. كتفا بكتف.. نشد أزرهم.. نشجعهم على الصمود والتصدي لجحافل الشر التي يقودها.. المتطرف القاتل..ناريندرا مودى..
بأعلى صوت.. أقولها للدول الغربية التي تتعامل مع قضايا المسلمين بالمعايير المزدوجة..
فلتقطع ألسنة هؤلاء الذين يتشدقون ليل نهار بحقوق الإنسان. فيطالبون بها في بلد.. ويغضون الطرف عنها في بلد آخر..
تتحدث الولايات المتحدة عن اضطهاد الصين للأقلية المسلمة «الإيجور»… ولا تتحدث عن اضطهاد الهند لمسلمي كشمير.. أو حرب الإبادة الجماعية.. والمحارق والمذابح التي ترتكبها إسرائيل في غزة…!
في أي عالم نحن نعيش الآن…؟
عالم المعايير المزدوجة.!!
لابد أن نذكر الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها أن من يلعب بالنار سوف يحترق بها..
فهذه المعايير المزدوجة هي التي تخلق التربة الخصبة لـ«بذرة» التطرف… لكي تنبت… وتنمو… وتكبر…
هي التي تخلق الحاضنة الشعبية للجماعات المسلحة لكي تنشط… وتمارس القتل خارج القانون… عندما استبدلت الشرعية الدولية بشريعة الغاب..
غدا سوف ينجلي الليل..
سوف تتحرر فلسطين وتزول إسرائيل من خارطة الشرق الأوسط
غدا.. سوف تتحرر كشمير.. ويندحر الاحتلال الهندي..
لن تسقط راية الإسلام أبدا..
لن تسقط راية لا إله إلا الله..