نظام مير محمدي يكتب: موجة جديدة من الاحتجاجات في إيران
في الأيام الأخيرة، شهدت إيران موجة جديدة من الاحتجاجات الاجتماعية والنقابية، التي اشتدت بشكل خاص بين الممرضين والعاملين في قطاع الصحة. هذه الاحتجاجات التي بدأت في أوائل شهر أغسطس في مدينة شيراز وانتشرت بسرعة إلى مدن أخرى مثل كرج ومشهد وهمدان وأصفهان وغيرها، توسعت بسبب ظروف العمل الصعبة والرواتب غير الكافية التي يواجهها هؤلاء العاملون.
أسباب الاحتجاجات
تشكلت احتجاجات الممرضين والعاملين لأسباب متعددة، أهمها:
الرواتب المنخفضة:
يواجه الممرضون في إيران رواتب لا تتناسب مع تكاليف المعيشة وارتفاع معدلات التضخم. على سبيل المثال، يتقاضى بعض الممرضين فقط 13 إلى 15 مليون تومان شهريًا (ما يعادل 200 إلى 250 دولارًا)، بينما ارتفعت تكاليف المعيشة بشكل كبير. في المقابل، يحصل بعض الأطباء على رواتب تصل إلى مليار تومان شهريًا (ما يقارب 17 ألف دولار). هذه الفجوة الكبيرة في الرواتب بين الأطباء والممرضين تسببت في استياء كبير بين هؤلاء الأخيرين، الذين يشعرون بأنهم لا يتقاضون أجورًا عادلة مقابل جهودهم وتضحياتهم.
ظروف العمل غير المناسبة:
يضطر الممرضون للعمل في ظروف قاسية وتحت ضغط نفسي وجسدي شديد. ساعات العمل الطويلة (أكثر من 29 نوبة في الشهر في بعض الحالات) ونقص الكوادر البشرية تجعلهم يعملون ساعات إضافية بشكل متكرر، لكن رواتبهم عن هذه الساعات الإضافية منخفضة جدًا (20,000 تومان فقط في الساعة الواحدة / يعني ما يعادل ثلث سعر الدولار). هذه الضغوط تؤثر ليس فقط على صحتهم النفسية والجسدية، بل أيضًا على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمرضى. كما أن الوجبات المقدمة لهم في المستشفيات رديئة الجودة للغاية.
عدم الأمان الوظيفي:
يواجه العديد من الممرضين تهديدات من إدارات المستشفيات والجهات الأمنية في حال استمروا في الاحتجاج. هذه التهديدات تجعلهم غير قادرين على الاستمرار في الاحتجاجات والدفاع عن حقوقهم بحرية. في الواقع، يواجه بعض الممرضين خطر الفصل من العمل والملاحقة القانونية بسبب مشاركتهم في التجمعات الاحتجاجية.
التجمعات والشعارات
في الاحتجاجات الأخيرة، رفع الممرضون والعاملون شعارات مثل “الوعود كافية، ليس لدينا خبز”، “التکالیف بالدولار، رواتبنا بالريال”، “لولا وجود الممرض، سيغلق المستشفى”، و”لا نريد صدقات من 20 تومان”. وأكدوا أنهم سيواصلون احتجاجاتهم حتى تُلبى مطالبهم المتمثلة في زيادة الرواتب وتحسين ظروف العمل. على سبيل المثال، في يوم 11 أغسطس، تم الإبلاغ عن أن 90% من الممرضين في مستشفيات شيراز توقفوا عن العمل في إضراب، وبدلاً من أن يتواصل مدراء المستشفيات معهم لحل المشكلة، اتصلت بهم الأجهزة الأمنية وهددتهم بالفصل والملاحقة القضائية. هذا الأمر أظهر عزم الممرضين على المضي قدمًا في احتجاجاتهم رغم التهديدات.
ردود الفعل والدعم
أشادت مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بالممرضين والعاملين في قطاع الصحة، واعتبرتهم أبطالًا حقيقيين يستحقون الدعم والتقدير. وأكدت أن هذه الاحتجاجات تعكس إرادة الشعب الإيراني للخروج من الظلم والفساد وتغيير الوضع القائم. يمكن أن يساعد هذا الدعم الرفيع المستوى في تعزيز روح الممرضين وجذب انتباه المجتمع والرأي العام لمشاكلهم المزمنة.
آفاق المستقبل
لا تقتصر هذه الاحتجاجات على الإشارة إلى المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للممرضين فحسب، بل تتناول أيضًا الوضع العام لنظام الصحة في البلاد. مع العلم أن عددًا كبيرًا من الممرضين المهرة يهاجرون إلى دول الخليج والولايات المتحدة وأوروبا كل عام بحثًا عن ظروف عمل وأجور أفضل، قد يؤدي ذلك إلى انخفاض خطير في جودة الخدمات الصحية والعلاجية في إيران في المستقبل. كما أن زيادة الضغوط على الممرضين قد تؤدي إلى تقليل حماسهم وكفاءتهم في تقديم الرعاية للمرضى.
الخاتمة
إن موجة الاحتجاجات الجديدة في إيران تعكس استياء عميقًا من الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. يمكن أن تؤدي هذه الاستياء إلى تغييرات أكبر في المجتمع الإيراني، حيث يسعى الناس إلى تحسين ظروف حياتهم وعملهم. سيكون للممرضين والعاملين في قطاع الصحة، كأحد أهم أعمدة نظام الصحة، دور رئيسي في هذه التغييرات المرتقبة.
في النهاية، فإن دعم حقوق الممرضين والانتباه لمطالبهم ليس فقط ضروريًا لتحسين ظروف عملهم، بل سيساعد أيضًا في رفع جودة الخدمات الصحية في البلاد. يمكن اعتبار هذه الاحتجاجات علامة على التغييرات القادمة في المجتمع الإيراني، حيث يسعى الناس إلى العدالة والمساواة والحصول على حقوقهم المشروعة.
ووجهت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، التحية للممرضين والممرضات الكادحين المتعاطفين قائلة: “إنهم بمواصلة هذه الاحتجاجات في وجه قمع قوات خامنئي يعكسون الغضب والاستياء العميقين لدى الغالبية العظمى من الشعب الإيراني، بما في ذلك العمال والكادحون، تجاه نظام الملالي. دعم الممرضين والممرضات الأعزاء، الذين يخدمون الشعب الإيراني ليلاً ونهاراً، هو واجب وطني وأخلاقي وإنساني
وأكدت السيدة رجوي: يواجه الممرضون والممرضات الأعزاء أصعب ظروف العمل والمعيشة، بينما تُنهب ثروات البلاد وأموال الشعب من قبل العصابات الإجرامية الحاكمة، أو تُهدر في مشاريع القمع وتصدير الإرهاب وإشعال الحروب، بهدف الحفاظ على النظام البغيض لولاية الفقيه. إن إسقاط الفاشية الدينية وإقامة الديمقراطية وسيادة الشعب هو السبيل الوحيد لإنهاء القهر والظلم الذي تعاني منه فئات مختلفة من شعب إيران.