محلل سياسي بوركيني: رهان قادة الساحل على الحل العسكري لأزمات دولها يفاقم الأزمة الأمنية
أكد المحلل السياسي البوركيني والخبير في الشئون الإفريقية محمد الأمين سوادغو أن رهان قادة دول الساحل الثلاث على الخيار العسكري لحل مشكلات هذه البلد هو المسئول عن تفاقم الأزمة الأمنية مشيرا إلى أن روسيا وعبر ميليشيات فاجنر تقود حربا على الوجود الغربي في هذه البلدان وما يشغلها فقط هو تعزيز نفوذها في هذه المنطقة دون الوضع في الاعتبار مصالح هذه البلدان والتأثير السلبي لهذا الرهان على امنها واستقرارها.
واستبعد إمكانية تكرار الانقلابات العسكرية في دول الساحل لعدد من الأسباب منها القبضة الأمنية أو العسكرية الواضحة على السلطة وضعف المعارضة السياسية وفشل مشروع الجماعات المسلحة في ظل رفض الشعوب آلافريقية التكيف معها فضلا عن تمرد هذه الشعوب علي التبعية للغرب وخروجها من بيت الطاعة ورغبتها في تحقيق الاستقلال بشكل يجعل ثروات ومقدرات القارة لأبنائها وليس للاستعمار ووكلائها.
صراع النفوذ بين القوي العالمية حول كعكعة الثروات الإفريقية يهدد بإشعال أزمات لا تنتهي |
وشدد في حوار له مع جريدة الأمة الإليكترونية على أن دخول أوكرانيا على خط أزمة الازواديين يضر بشدة بقضيتهم ،فإذا كان المراقبون يأخذون على حكومة مالي الاستعانة بروسيا والفاجنر ،فإن الأمر عينه يتكرر مع التدخل الأوكراني معتبرا أن لحكومة مالي كل الحق في قطع العلاقات مع أوكرانيا ،انطلاقا من كون الأزمة في مالي أزمة داخلية ولا يجب التدخل من قبل كييف في شئون مالي.
ونبه إلى أن تدخل أوكرانيا في الحرب في مالي ليس الا غطاء لتدخل الغرب في شئون المنطقة خصوصا فرنسا التي تقدم الدعم للجماعات المسلحة في بلدان الساحل خصوصا مالي في إطار رغبتها في استعادة نفوذها في المنطقة لافتاإلى أن مقتل المقاتلين الروس والفاجنر في مالي يحمل بصمات غربية أمريكية وفرنسية ،ليس أوكرانيا دور في الأمر من قريب أو بعيد
وحذر من استمرار المشروع الغربي لتقسيم دول الساحل الي دويلات وإعادة ضخ الدماء في عروق هذا المشروع مجددا لافتا الي ان مخطط التقسيم لا يقتصر الي الدول الثلاث أيضا بل يمتد الي الجزائر كذلك بشكل يجعلها منشغلة بأزماتها الداخلية ولا يؤشر لدور مهم الجزائر في أزمة مالي ولا غيرها في ظل الضعف الشديد للاتحاد المغاربي.
الحوار مع المحلل السياسي البوركيني امتدت لعديد من القضايا نرصدها بالتفصيل في السطور التالية:
• لماذا تبدو مشكلة الأمن عصية على الحل في دول الساحل وتبدو عصية على تحقيق اي اختراق مهم وبل تستخدم كأداة للتدخل في شئون دول المنطقة من جانب قوي كبري عالميا وإقليمية.
•• مشكلة الأمن في منطقة الساحل ليست عصية على الحل، لكنها تبدو عصية لأن التحرك الحالي عسكري بحت ، ولا صوت يعلو فوق صوت الرصاص والدورنات، اولقرار المتخذ حاليا إما الحرب أو الحرب، فيما ترفض الحكومات الساحلية عقد حوار مباشرة مع الجماعات المسلحة المتعددة التوجهات والانتماءات في الوقت الراهن، وبعضها إقليمية وقارّية؛ لأنه لن تجدي المفاوضات في مرحلتها الأولى نفعاً، ولهذا قررت تلك البلدان خوض الحرب بكل ثقلها بدعم من روسيا التي تواجه الغرب في أوكرانيا، فالحل حاليا عسكري وفق رؤية قادة بلدان الساحل الافريقي، وستأتي المفاوضات في المرحلة الثانية بعد كسر العظم والسيطرة على المناطق المهمة الرئيسة التي كانت بيد الجماعات المسلحة.
فرنسا وأمريكا يراهنون على الانقلابات العسكرية لاستعادة نفوذهم في القارة السمراء وتحركاتهم مرصودة |
• رغم أن عديدة من دول جرت فيها انقلابات عسكرية مثل مالي بوركينافاسو والنيجر معادية لفرنسا الا ان وتيرة الخلاص من أرض فرنسا تتم بوتيرة بطيئة جدا بل إنها تكاد لم تبدأ في دول مثل السنغال وتشاد؟
•• السنغال بوابة فرنسا إلى غرب أفريقيا، وهي قلبها النابض وعيونها الساهرة في المنطقة، منها كانت تجمع الأفارقة كعبيد في جزيرة غوري سيئة السمعة وينقل الى الغرب، ولهذا تمكنت فرنسا من السيطرة على مفاصلها ومواقفها الفكرية والعسكرية والامنية بشكل محكم جدا، يصعب تحريرها من ربقة الاستعمار الجديد، وهو أحد الأسباب التي أدت الى تغيير رئيس السنغال الحالي بشير جوماي فاي وعثمان سونكو سياستهما الثورية التحررية الساخنة المصطدمة الى الدبلوماسية التقليدية الخشبية المتعارفة عليها في السنغال نحو فرنسا والغرب بشكل كامل،
وكذلك الحال في تشاد، ففرنسا هي التي أتت بإدريس دبي الى السلطة ووقفت معه وموّلته، وتكرر نفس الشيء مع محمد دبي الابن وتقف معه عسكريا وأمنيا وسياسيا ،كي تبقى تشاد إحدى الحدائق الخلفية لفرنسا إلى أن يشاء الله.
لهذه الأسباب تبدو السنغال وتشاد غير قادرة لو مؤقتا للخروج من العباءة الفرنسية |
• هناك تقارير صحفية عكست مخاوف من إمكانية حدوث انقلابات عسكرية في كل من مالي وبوركينافاسو والنيجر تحاول استعادة النفوذ الفرنسي في هذه البلدان كل تدعم هذا الطرح وما الأسباب التي تجعل هذا السيناريو صعبا.
•• سعي فرنسا والغرب لتغيير الأنظمة في بلدان اتحاد دول الساحل AES وارد، وتصريحات القوي المعارضة هذه البلدان واضحة، وتحركاتهم المدعومة من فرنسا مرصودة، لكن القبضة العسكرية والأمنية في هذه البلدان قوية بدعم روسي وتركي قوي، ولهذا يصعب تدبير الانقلابات فيها لعدة أسباب، منها:
1- وقوف الشعوب بشكل صادق وجدي مع قادة هذه البلدان، ورفضه المساس باي واحد منهم، واستعداد حقيقي للتضحية ومواجهة كل من يحاول تدبير انقلاب عسكري في دولAES، اقتنع الشعوب بتوجهات هؤلاء القادة وبمشاريعهم التنموية وسياستهم التحررية، ويرونهم أبطالا وطنيين في وجه الامبريالية الغربية الجديدة.
2- ضعف المعارضة السياسية في دول AES وسقوط مصداقيتها لدى الشعوب، وغياب ضابط عسكري قوي معه كتيبة مسلحة قوية يمكنه تدبير انقلاب عسكري على أحد هؤلاء القادة، بسبب القبضة الأمنية المشددة فيها، فأي انقلاب عسكري يدبرونه لن ينجح وحتى ان قتل أحد قادة دول الساحل
3- تحرير القرى وارجاع المواطنين إليها ورقة مهمة لدى قادة دول وبه أقنعوا الشعوب وربحوا دعمهم وتشجيعهم.
4- الدعم الروسي والتركي الكبيرين لدول الساحل AES المستفيدان ماديا من الوضعي حاليا لتلك الدول، ليس من صالحهما ترك قادة دول AES يسقطون، مع علمنا بإمكانية تغيير اللعبة في اية لحظة، خاصة إذا ما تراجع الغرب في أوكرانيا أو سلموها لروسيا، وسحبوا تهديداتهم ضد الصين، وهذا بعيد المنال حاليا.
لهذه الأسباب تبدو السنغال وتشاد غير قادرة لو مؤقتا للخروج من العباءة الفرنسية |
• تعكس الأزمات التي تمر بها بلدان الساحل صراعا بين القوي الكبري من الحضور الاقتصادي الصيني والإطماع الاقتصادية والدبلوماسية الأمريكية والوجود الأمني الروسي متي تتخلص المنطقة من هذا الكابوس
•• يمكن القول إنّ منطقة الساحل الأفريقي أو منطقة جنوب الصحراء مقبلة على صراعات عميقة، صراعات بين قوى الكبرى على كعكة الساحل، الذهب والنفط واليورانيوم والحديد والكاكاو والبُن وغيرها، فرنسا وأمريكا لن تتنازل لنفوذ روسيا والصين وتركيا وإيران في مستعمراتها السابقة وحدائقها الخلفية
بينما دول الساحل الثلاث قررت المضي قُدما في فسخ علاقتها مع سياسة الغربية التآمرية للساحل الأفريقي، حيث وضعت المشاكل الأمنية في المنطقة على مسئولية الغرب، فالصراعات قادمة وستكون شديدة، وثمة انقلابات عسكرية قادمة، ويمكن تتوقع جميع السيناريوهات في منطقة الساحل،
لكنني مطمئن لعدّةِ مُعطياتٍ واقعيةٍ:
1- وَعْي شباب دول السّاحل مرتفعة، يدركون حجم التحديات القادمة وخطورة المؤامرة على المنطقة، وشعوب المنطقة مع قياداتها ضدّ سياسة الغرب التي تسعى الى تقسيم البلدان ودعم الجماعات الإرهابية المسلحة
2- تمرد الشعوب على أحذية الغرب في دول السّاحل، لم يعد شباب أفريقيا يخافون من المعارضين السياسيين صنيعة الغرب لتركيع أفريقيا، الذين باعوا أفريقيا للغرب مقابل أرواق وشقق في الغرب، الواقع المرير وهجمات المسلحين الإرهابيين جعلهم شجعان لمواجهة الفساد والخنوع للغرب
3- فشل مشاريع الجماعات المسلحة في المنطقة ورفض الشعوب الأفريقية التكيّف معها وقبولها، مما يدل أن المستقبل الواعد للشعوب الواعي، وليس لمن جاء بآلة القتل والتشريد، الممول خارج أفريقيا
التدخل الغربي يضر بقضية الأزواديين ومساعي واشنطن وباريس لاستعادة نفوذها ستبوء بالفشل |
• عكست المواجهات العسكرية التي قوي الإطار الاستراتيجي للدفاع عن الشعب الازاودي وبين الجيش المالي ميليشيات فاجنر فصلا جديدا بين الغرب وروسيا عب دخول أوكرانيا على خط الأحداث ما تأثير هذا التطور على الأوضاع في شمال مالي وهل المجلس العسكري الحاكم وهو المسئول؟
•• رهان المجلس الحاكم على الحل العسكري فقط لتوحيد مالي هو المسئول عن استمرار الأزمة.. كما إن إدخال أوكرانيا في أزمة مالي تضر بالأزواديين قبل غيرهم، فإذا كان بعض الخبراء يرون خطأ الاستعانة بالروس الفاجنر في مالي لمحاربة الجماعات المسلحة الإرهابية وغيرها فإن نفس الخبراء يرون أن دخول أوكرانيا في أزمة مالي الى جانب الأزواديين خطر على قضيتهم، واغتيال غير مباشر لهذه القضية تماما، وطمسها من الوجود، حيث يتداول القضية وتصبح ورقة على طاولة اللعبة العالمية، والخطر ستكون على الانفصاليين،
فالجزائر لن تقبل بدولة قومية اثنية في شمال مالي خوفا من مخاطرها هذا الأمر علي وحدة ترابها في المستقبل مع القبائليين من شمالها بقيادة حركة تقرير مصير منطقة القبائل (الماك)، ولهذا أرى إن الجزائر تعارض انفصال شمال مالي أكثرمن أية دولة جارة في المنطقة لكنها تتحرك بدبلوماسية شديدة خوفا من انفجار الوضع هناك، والدخول في حروب طاحنة يصعب الخروج منها.
5 أسباب تجعل سيناريو تكرار الانقلابات العسكرية في دول الساحل أمرا شديد الصعوبة |
وقطع مالي علاقتها مع أوكرانيا شيء مشروع، لعدة أسباب:
السّبب الأوّل: إنّ الصراع في مالي شأن داخلي، هي حرب بين دولة مالي وجماعات مسلحة متعدّدة التوجهات والانتماءات، منهم حركة تحرير منطقة يطلق عليها “أزواد” والتحالفات التي معها، إضافة إلى جماعات اسلامية متعدّدة عابر القارات، وروسيا شريكة مالي في هذه الحرب حسب تصريحات السلطة المالية والروسية، بينما أوكرانيا تقف إلى صف فرنسا المعادية لدولة مالي.
السّبب الثّاني: وصلت القوات الروسية بعد انسحاب القوات الفرنسية والأممية (برخان) من دولة مالي نهاية 2021 وبداية 2022، وتعود العلاقة المالية الروسية إلى ما قبل نصف القرن من اليوم، حيث افتتحت السفارة السوفيتية في مالي لأول مرة يوم 26 يناير 1961 في باماكو، وتم التوقيع على أول اتفاقية بين الدولتين في 21 فبراير 1961، تشمل ا مجال العسكري والاقتصادي وغيرهما.
وكانت روسيا تمد مالي بالسلاح منذ زمن موديبو كيتيا، ثم ضعفت العلاقة بينهما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وولادة روسيا الحديثة بعد غورباتشف الى روسيا بوتين، لكن لم تنقطع العلاقة كليا، إلا أنها ليست فاعلة وشبه ميتة، نتيجة استحواذ الغرب على مالي وسيطرتهم عليها سياسيا واقتصاديا.
وعادت العلاقة بقوة في 2021 مع وصول العقيد هاشم غويتا ورفقائه الضباط الأربعة، عقدت الدولة المالية شراكة عسكرية مع روسيا مثل أية دولة في العالم، تتضمن حسب تصريحات وزير الدفاع المالي ساديو كمارا تسليح جنود مالي وتدريبهم وتقديم الخدمات اللوجستية لهم، وتقديم المساندة العسكرية لهم في الجبهات،
علما أن لروسيا قواعد عسكرية في عدة بلدان أفريقية وفي الشرق الأوسط، ففي أفريقيا مثلا لها قواعد في مالي وليبيا وجيبوتي والنيجر وبوركينافاسو وأفريقيا الوسطى وغيرها، روسيا تثبت أقدامها في هذه البلدان الأفريقية، عبر قوات الفاغنر التي تحولت إلى الفيلق الأفريقي الروسي مع مشاركة عناصر الافريقية فيها تابعة للقيادة الروسية، لم تعد شركة خاصة كما يعتقده بعض الناس، هي قوات تحت إدارة كرملين مباشرة.
السّبب الثّالث: لم تكن علاقة دولة مالي مع أوكرانيا قوية في القديم والحديث، هي تحوم ضمن القوى الغربية في المنطقة بقيادة فرنسا، بينما علاقة مالي وروسيا قديمة تعود إلى أكثر من نصف قرن كما أسلفتُ، وعادت حاليا بقوة بسبب ملف محاربة الإرهاب، بعد عجز فرنسا تماما خلال 9 سنوات في دعم مالي في حربها على الجماعات المسلحة الإرهابية.
تدخل أوكرانيا المزعوم في مالي مجرد غطاء لمحاولات ضخ الدماء في المشروع عربي لاستعادة النفوذ |
السّبب الرّابع: كانت في مالي منذ 2012 الى يناير 2022 قواعد عسكرية فرنسية الى جانب القواعد الأممية ومعهم الجيش المالي، ومع ذلك فقدت مالي نصف الدولة، سيطرت عليها الجماعات المسلحة الانفصالية والإسلامية، ووصلت هجماتها في العاصمة بماكو، واليوم بدعم روسيا ودول اتحاد الساحل AES سيطرت مالي على 80% من أرضها ولم يتبقى الى 20% فقط، خلال أقل من سنتين فقط، بين 2022و2024
وهو ما يؤكد أن القوات الأممية والفرنسية التي كانت في مالي لم تكن صادقة في خربها على الإرهاب وإنما جاءت لتكريس تقسيم مالي، ولم تكن مع وحدة ترابها، وكان جنود أوكرانيا ضمن القوات الأممية التي طُردت من مالي.
السبب الخامس: تصريحات السفارة الأوكرانية من السنغال وغيرها من التصريحات في الصحف الأوكرانية يعد استفزازا لدولة مالي، وتدخل سافر في شؤونها الداخلية، دولة مالي لم تتدخل في حرب روسيا على حساب أوكرانيا، وليست هي وحدها ممن يتعاون مع الروس هذه الفترة في أفريقيا، سبقتها ليبيا وأفريقيا الوسطى، لماذا تختار أوكرانيا دولة مالي لتصفية الحساب مع روسيا حسب زعمها؟! وهذا تعد لسيادة مالي وتجاوز لا يمكن قبوله.
السبب السادس: تدرك دولة مالي أن ثمة قوى غربية كبرى تدعم الجماعات المسلحة في شمال مالي لتعميق الحرب بينها وتقسيمها، وسبقت أن اتهمت فرنسا في المجلس الأمن الدولي، مؤكدة أنها تملك أدلة قاطعة تدين فرنسا، تلك القوى الغرب تختفي وراء اسم أوكرانيا في مالي، وتعطي صورة عكسية للرأي العام الأفريقي والدولي، وتريد ان تقنع الناس أن قتل الروس في مالي ما هو الا تصفية حسابات بين أوكرانيا ورزدوسيا في غرب أفريقيا،
ولهذا أرى أن بيان أوكرانيا مشاركتها الحرب في مالي ضد الروس مجرد دعاية اعلامية، جاءت ضمن لعبة غربية لإخفاء دور فرنسا وأمريكا في المنطقة، الحرب الأخيرة في تينزاواتين في شمال مالي عند الحدود مع الجزائر والتي راحت ضحيتها قوات روسية ومالية تحمل بصمات غربية وليس أوكرانية.
• عكس الصراع في مالي تراجعا النفوذ الجزائري في هذا البلد الإفريقي وغياب أي تأثير عربي في هذه المنطقة شديدة الأهمية لدول المغرب العربي خصوصا والأمن القوي العربي؟
•• تراجع نفوذ الجزائر في ملف مالي بسبب سوء قراءة الوضع في المنطقة من القيادة الجزائرية، لم تدرك قادة الجزائر حتى الآن طبيعة الشعوب الأفريقية الثائرة، الذين قرروا التخلص الكلي من السياسة الغربية الناهبة لخيرات أفريقيا مع تأجيج الصراعات المسلحة الطائفية والاثنية فيها، الغرب ماض في مشروع تقسيم بلدان أفريقيا الى دويلات قزمية وتفككها وابقائها هشة ضعيفة تحوم في أتون صراعات مسلحة دامية تعيق تنميتها وبنائها بينما الغرب يبني اتحاد الأوروبي ليكون جسما واحد قويا صلبا لخدمة شعوبهم، والجزائر ضمن الدول المستهدفة للتقسيم الى أكثر من دويلة.
من هنا يجب الإشارة إلي أن الاتحاد المغاربي جسم ميت، لم يعد قائما منذ عقود، والسبب فشل الاتحاد في حل الخلافات العميقة بين دول الأعضاء حول عدة ملفات كثيرة وخطيرة، منها ملف البوليساريو وغيرها، ولهذا لن ترى له أثر في ملف مالي ولا غيره.
• كيف تري مساعي واشنطن لتعزيز نفوذها في المنطقة وهل تستطيع مل الفراغ الذي تركته فرنسا وهل ستخلط واشنطن بين العصا والجزيرة لمنع التمدد الروسي الصيني في افريقيا
•• أمريكا تقوم بدور فرنسا في منطقة الساحل، لأن الأخيرة أضعف من أن تواجه الروس في أفريقيا، ولهذا كلفت أمريكا بالقيام بدورها لوأد الروس في مستعمراتها السابقة، لكنهم سيفشلون، لأن شعوب المنطقة قرروا تغيير الأمور وتعديلها، ولن يتراجعوا عن تقرير مصيرهم والتخلص من سياسة الاستغلال التي تنتهجها فرنسا والغرب في غرب أفريقيا.
• هناك انتقادات شديدة توجه لمنظمة الأكواس باعتبار ها جسما فرنسيا كرتونيا ما مستقبل هذه المنظمة وتقييمك لدورها وهل يمكن إصلاحها ام ان استبدالها بمنظمة جديدة تخرج من العباءة الفرنسية هو الخيار الأفضل.
•• لقد تعفنت منظمة الأكواس الكرتونية ولم تعد تستطيع القيام بدورها الذي أسست من أجلها، أصبحت نادي الحكام الفاسدين، أحذية الغرب، تنفذ ما يطلب منهم وزيادة، ولا تهمها أمن وسلامة شعوب المنطقة، تركز على الانقلابات التي تحصل على حكام الأفارقة المدعومين من الغرب.
الأكواس تحول لنادي الحكام الفاسدين وأداة لتمرير الانقلابات العسكرية الموالية لفرنسا |
وبالمقابل تتساهل مع الانقلابات التي تصب في صالح فرنسا، وتعاقب الشعوب الذي يعانوم من الإرهابيين وفيها لاجئين داخليا بالملايين بسبب تغيير الأنظمة التابعة للغرب بدل من دعمهم ومساندتهم، وهذا دليل على فقدان المنظمة مصداقيتها لدى شعوب المنطقة، وتتطلب هدمها كليا وإعادة بنائها بما يتوافق وطموح الشعوب الأفريقية الأمنية والاقتصادية ويستحيل تحقيق ذلك حاليا. ولهذا رأت بلدان دول الساحل AES أن هذه المرحلة الحرجة المصيرية تتطلب منهم توحيد جهودهم لقيادة المرحلة، فأسسوا هذا الجسم الذي سيقف على وجه منظمة الايكواس التي كانت تسعى لإحضار الناتو في المنطقة لمواجهة الروس بينما لم تسعى لتحرير المنطقة من الجماعات المسلحة الإرهابية مع امكانيتها لذلك.