أحمد سعد حمد الله يكتب: مراجعات الإخوان المسلمين في قناة العربية
من حسن حظ القائمين على قناة العربية، أن برامج القناة ليست معروفة في مصر، وربما في الوطن العربي، ولو أنها كانت رائجة ومشهورة بين عموم الناس، لجاءت حملاتها الإعلامية بأثر عكسي، ولخدمت الخصوم قبل أن تخدم القناة وأهدافها!!
مؤخرا شاهدت مقتطفات من الحملة الإعلامية التي تقودها القناة حاليا ضد جماعة الإخوان المسلمين، تحت عنوان «مراجعات» تلك الحملة التي تم إسنادها إلى الإعلامي المصري ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، المذيع الحالي بقناة العربية، وفكرتها قائمة على استضافة أحد الضيوف الذين يٌفترض فيهم أنهم كانوا أعضاء سابقين بجماعة الإخوان، وجاءوا إلى هذا البرنامج لإبداء الندم وإعلان التوبة وتبرئة الذمة من جماعة الإخوان المسلمين، حيث يجلس الضيف على كرسي الاعتراف أم المذيع، كاشفا له العديد من الأسرار والخفايا التي يٌفترض أنها تٌذاع لأول مرة، في حين أنها معلومة عن الإخوان بالضرورة، مثل عقد الاجتماعات السرية بالبيوت، وتنظيم المعسكرات على الشواطئ، والحث على الصلاة في المسجد، وإلزام الأطفال بحفظ القرآن، وإجبار الفتيات على الحجاب، وغير ذلك من الأعمال التي اشتهرت عن جماعة الإخوان، منذ أن أسسها الإمام الشهيد حسن البنا قبل 96 عاما، ثم رأت قناة العربية، أنها محتاجة إلى حملة إعلامية ضخمة للكشف عنها والترويج لها، وتخويف الناس منها، وأنها في حاجة لاستضافة العديد من الضيوف الذين يعلنون التراجع عنها، والتنصل منها، دون أن يدري أصحاب الفكرة والمملون لها، أنهم بهذه الحملة يخدمون الإخوان من حيث أرادوا الإساءة إليهم والتشهير بهم، حيث جاءت الحملة لتحي تنظيم الإخوان وهو رميم، بل وفي وقت كادت أن تعود فيه الجماعة سيرتها الأولى التي كان عليها قبل ثورة 25 يناير 2011، وقت أن كانت مجهولة لدى الغالبية العظمى من الناس، بعدما نجح الرئيس الراحل حسني مبارك في إخفاءها معظم فترات حكمه التي دامت 30 سنة، واقتصر ذكرها على الأحكام التي كان يصدرها ضده القضاء العسكري، دون أن يسميها باسمها المعروف وهو جماعة الإخوان المسلمين، إنما باسم «الجماعة المحظورة» كما أن الحملة أتت في وقت تعيش فيه جماعة الإخوان أسوأ فتراتها التاريخية، فالغالبية العظمى من قياداتها الآن بالمعتقلات الآن، والبقية منهم ممن هربوا خارج البلاد، منقسمين على أنفسهم، وجل الأعضاء من الرجال والنساء والشباب والفتيات، أعلنوا الانفصال عنها، أو على الأقل أصبحوا غير ملتزمين بقواعدها، أما البقية الباقية فقد سئمت العمل السياسي، وقررت منذ الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي 2013، تطليق الإخوان واعتزال السياسة، إذن ليس هناك جماعة إخوان على أرض الواقع، كما لا يوجد تنظيم على الورق، وبالتالي فإن الحديث عن الجماعة في الوقت الحالي حتى وإن كان بالشر وليس بالخير، هو إعادة تذكير بها، وإحياء لها، ونفضا للغبار عنها.. فأي غباء هذا؟!!
أما بالنسبة للاسم المختار للحملة وهو «مراجعات» فالواضح أنه مقتبس من الاسم الذي تم الإعلان عنه في فترة التسعينات، عندما أعلن عدد من قيادات الجماعة الإسلامية أثناء اعتقالها، التراجع عن أفكارها التي سُجنت بسببها، والتي كان على رأسها استخدام العنف لتغيير الحاكم، والوصول إلى سدة الحكم، وشتان الفارق بين فكر الجماعات الإسلامية قبل التراجع عن أفكارها، وبين فكر جماعة الإخوان المسلمين الممتد لقرن من الزمان، فجماعة الإخوان لم تنتهج يوما الفكر العنيف لتحقيق أهدافها، حتى تنظيمها الخاص الذي تشكل في الأربعينات وتم حله لاحقا، كان الهدف من وجوده هو الدفاع عن فلسطين، وليس هدفه تغيير النظام أو الوصول للحكم، حتى أن كثيرا من المتشددين، يأخذون على الفكر الإخواني، تساهله الزائد في بعض أمور الدين، والسماحة السياسية الزائدة، والتي تصل في أحايين كثيرة حد الخنوع والخضوع، كما ظهر أثناء فترة حكم الرئيس مرسي، من طريقة التعامل مع الثورة المضادة.. أتصور أن تنظيم الإخوان مطالب بإصدار بيان شكر لقناة العربية!