د. حلمي الفقي يكتب: غزوات الرسول ﷺ دفاعية لا هجومية
الإسلام لا يحارب إلا المعتدين الظالمين، ويسالم المسالمين، هذه كلمة الإسلام للعالمين، محاربة الظالمين، ومسالمة المسالمين، والتزاما بهذا المبدأ، كانت كل غزوات الرسول
صلى الله عليه وسلم دفاعية، ولم يكن فيها واحدة قط هجومية، وإلى هذا ذهب أكثر العلماء في القديم والحديث، ونص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الرائع، «قاعدة في قتال الكفار ومهادنتهم وتحريم قتلهم لمجرد كفرهم» حيث قال: «وكانت سيرته: أن كل من هادنه من الكفار لا يقاتله، وهذه كتب السير، والحديث، والتفسير، والفقه، والمغازي تنطق بهذا، وهذا متواتر من سيرته، فهو لم يبدأ أحدا من الكفار بقتال، ولو كان الله أمره أن يقتل كل كافر لكان يبتدئهم بالقتل والقتال»
قال ابن القيم في هداية الحيارى: (وإنما كان يقاتل من يحاربه ويقاتله، وأما من سالمه وهادنه فلم يقاتله … ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تبين له أنه لم يكره أحدا على دينه قط، وأنه إنما قاتل من قاتله”
لكن على الرغم من وضوح هذه المسألة، ذهب البعض إلى القول، بأن غزوات الرسول
صلى الله عليه وسلم وان كانت في الغالب الأعم دفاعية إلا أن بعضها هجومية، كغزوة بدر، وغزوة خيبر، وحصار الطائف،
لكن جماهير العلماء يؤكدون على أن غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم كلها دفاعية بلا استثناء، ولا يوجد فيها واحدة قط هجومية، وتعرضوا لبيان ذلك غزوة غزوة بالتفصيل،
فأما غزوة بدر، فكانت دفاعا عن مظالم وقعت، وأموال صودرت، سطا عليها مشركو مكة، وقد أثبت القرآن الكريم هذه المظالم فقال جل جلاله: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُواْۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصۡرِهِمۡ لَقَدِيرٌ 39 ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيۡرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ﴾ [الحج: 39-40]
فبعد خمسة عشر عاما من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كان القتال فيها محظورا على المسلمين، واستغلت قريش الفرصة فأوقعت بالمسلمين مظالم جسام، وأهوال عظام، عرفتها الدنيا كلها، فنالت المسلمين مظالم تعجز عن حملها الجبال، حتى مات تحت سياط التعذيب ياسر وزوجه سمية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر عليهما وهما يعذبان فيتقطع قلبه كمدا وهما وغيظا، ولا يستطيع أن يدافع عنهما لأن القتال لم يشرع بعد، ولا يملك إلا أن يقول: “صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة»
وتمادت قريش في ظلمها، وتطاولت في كبريائها، فأخرجت المسلمين من ديارهم، واغتصبت أموالهم، فأذن رب العالمين للعصبة المؤمنة بالدفاع عن نفسها، وكانت غزوة بدر ردا على اعتداءات قريش على المسلمين بظلمهم وتعذيبهم، وإخراجهم من ديارهم، فهي بذلك دفاعية لا هجومية، وكذلك كل غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم بلا استثناء كانت دفاعية، وقد تناول شيخ العروبة أحمد زكى باشا توضيح أسباب الغزوات التي تثبت بجلاء أن الغزوات كلها دفاعية ولا يوجد واحدة منها قط هجومية، فقال رحمه الله:
«وﻧﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻏﺰوة ﺑﻨﻲ ﻗﻴﻨﻘﺎع ﻣﻦ ﻳﻬﻮد المدينة؛ ﻓﻘﺪ ﺣﺎرﺑﻬﻢ المسلمون ﻟﻨﻘﻀﻬﻢ اﻟﻌﻬﺪ ﺑﻌﺪ ﻏﺰوة ﺑﺪر اﻟﻜبرى، وﻫﺘﻜﻬﻢ ﺣﺮﻣﺔ ﺳﻴﺪة ﻣﻦ ﻧﺴﺎء اﻷﻧﺼﺎر،
ﺛﻢ ﻏﺰوة ﺑﻨﻲ ﻏﻄﻔﺎن، وﻟﻢ ﻳﺨﺮج المسلمون ﻟﻘﺘﺎﻟﻬﻢ إﻻ ﺑﻌﺪ أن ﻋﻠﻤﻮا أن ﺑﻨﻲ ﺛﻌﻠﺒﺔ وﻣﺤﺎرب ﻣﻦ ﻏﻄﻔﺎن ﺗﺠﻤﻌﻮا ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ دﻋﺜﻮر المحاربي ﻟﻺﻏﺎرة ﻋلى المدينة،
ﺛﻢ سرﻳﺔ ﻋﺎﺻﻢ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ اﻷﻧﺼﺎري وﻛﺎﻧﻮا ﻣﻊ رﻫﻂ ﻋﻀﻞ واﻟﻘﺎرة اﻟﺬﻳﻦ ﺧﺎﻧﻮﻫﻢ ودﻟﻮا ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻫﺬﻳﻼ ًﻗﻮم ﺳﻔﻴﺎن ﺑﻦ ﺧﺎﻟﺪ اﻟﻬﺬلي اﻟﺬي ﻗﺘﻠﻪ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ أﻧﻴﺲ،
ﺛﻢ سرﻳﺔ المنذر ﺑﻦ ﻋﻤﺮو وﻫﻢ ﺳﺒﻌﻮن رﺟﻼ ًﻳُﺴﻤﱠ ﻮن اﻟﻘُﺮﱠاء، أﺧﺬﻫﻢ ﻋﺎﻣﺮ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻣﻼﻋﺐ اﻷﺳﻨﺔ ﻟﻄﻤﻌﻪ في ﻫﺪاﻳﺔ ﻗﻮﻣﻪ وإﻳﻤﺎﻧﻬﻢ، ﻓﻠﻢ ﻳَﺮْع َﻗﻮﻣُﻪ ﺟﻮاره وﻗﺘﻠﻮا اﻟﻘُﺮﱠاء،
ﺛﻢ ﻏﺰوة ﺑﻨﻲ النضير ﻣﻦ ﻳﻬﻮد المدينة؛ وذﻟﻚ ﻟﻨﻘﻀﻬﻢ اﻟﻌﻬﺪ وإﻟﻘﺎﺋﻬﻢ ﺻﺨﺮة ﻋلى اﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وسلم لمّا ﻛﺎن في دﻳﺎرﻫﻢ،
ﺛﻢ ﻏﺰوة دوﻣﺔ اﻟﺠﻨﺪل، وﻟﻢ ﻳﺨﺮج المسلمون إﻻ ﻟَﻤﱠ ﺎ ﻋﻠﻤﻮا أن في ذﻟﻚ المكان أﻋﺮاﺑًﺎ ﻳﻘﻄﻌﻮن اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻋلى المارة وﻳﺮﻳﺪون اﻹﻏﺎرة ﻋلى المدينة،
ﺛﻢ ﻏﺰوة ﺑﻨﻲ المصطلق وﻫﺆﻻء ﻣﻤﻦ ﺳﺎﻋﺪوا المشركين في أُﺣﺪ، وﻟﻢ ﻳﻜﺘﻔﻮا ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻞ أرادوا ﺟﻤﻊ اﻟﺠﻤﻮع ﻟﻺﻏﺎرة ﻋلى المدينة،
ﺛﻢ ﻏﺰوة ﺑﻨﻲ ﻗﺮﻳﻈﺔ ﻣﻦ ﻳﻬﻮد المدينة ﻟﻨﻘﻀﻬﻢ اﻟﻌﻬﺪ واﺟﺘﻤﺎﻋﻬﻢ ﻣﻊ اﻷﺣﺰاب،
ﺛﻢ ﻏﺰوة اﻟﺨﻨﺪق وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻊ اﻷﺣﺰاب اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺎصروا المدﻳﻨﺔ،
ﺛﻢ ﻏﺰوة ﺑﻨﻲ ﻟﺤﻴﺎن ﻟﻘﺘﻠﻬﻢ ﻋﺎﺻﻢ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ وإﺧﻮاﻧﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺰن ﻋﻠﻴﻬﻢ رﺳﻮل ﷲ صلى الله عليه وسلم،
ﺛﻢ ﻏﺰوة اﻟﻐﺎﺑﺔ ﻹﻏﺎرة ﻋﻴﻴﻨﺔ ﺑﻦ ﺣﺼﻦ في أرﺑﻌين راﻛﺒًﺎ ﻋلى ﻟﻘﺎح ﻟﻠﻨﺒﻲ صلى الله عليه وسلم ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻋﻰ اﻟﻐﺎﺑﺔ، ﺛﻢ سرﻳﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻤﺔ إلى اﻟﻘﺼﺔ لما ﺑﻠﻎ المسلمين أن ﺑﺬﻟﻚ الموﺿﻊ ﻧﺎﺳًﺎ ﻳﺮﻳﺪون اﻹﻏﺎرة ﻋلى ﻧَﻌَﻢ المسلمين اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻋﻰ ﺑﺎﻟﻬﻴﻔﺎء،
ﺛﻢ سرﻳﺔ زﻳﺪ ﺑﻦ ﺣﺎرﺛﺔ لمعاﻛﺴﺔ ﺑﻨﻲ ﺳﻠﻴﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ اﻷﺣﺰاب ﻳﻮم اﻟﺨﻨﺪق،
ﺛﻢ سرﻳﺔ زﻳﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻺﻏﺎرة ﻋلى ﺑﻨﻲ ﻓﺰارة اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻌﺮﱠﺿﻮا ﻟﻪ،
ﺛﻢ سرﻳﺔ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب ﻟِﻤَﺎ ﺑﻠﻎ المسلمين ﻣﻦ أن ﺟﻤﻌًﺎ ﻣﻦ ﻫﻮازن ﻳُﻈﻬﺮون اﻟﻌﺪاوة ﻟﻠﻤﺴﻠﻤين،
ﺛﻢ سرﻳﺔ ﺑﺸري ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ ﻟِﻤَﺎ ﺑﻠﻐﻬﻢ ﻣﻦ أن ﻋﻴﻴﻨﺔ ﺑﻦ ﺣﺼﻦ واﻋﺪ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻏﻄﻔﺎن مقيمين ﺑﻘﺮب ﺧﻴبر ﻟﻺﻏﺎرة ﻋلى المدينة،
ﺛﻢ سرﻳﺔ ﻏﺎﻟﺐ اﻟﻠﻴﺜﻲ ﻟﻴﻘﺘﺺ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﻣﺮة ﺑﻔﺪك؛ ﻷﻧﻬﻢ أﺻﺎﺑﻮا سرﻳﺔ ﺑﺸري ﺑﻦ ﺳﻌﺪ،
ﺛﻢ ﻏﺰوة ﻣﺆﺗﺔ وﻛﺎﻧﺖ ﻟﺘﻌﺮﱡض شرﺣﺒﻴﻞ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو اﻟﻐﺴﺎﻧﻲ ﻟﻠﺤﺎرث ﺑﻦ ﻋﻤري اﻷزدي رﺳﻮل اﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وسلم إلى أﻣير ﺑصرى ﻳﺤﻤﻞ ﻛﺘﺎﺑًﺎ وﻗﺘْﻠﻪ إﻳﺎه، وﻟﻢ ﻳُﻘﺘﻞ ﻟﻠﻨﺒﻲ صلى الله عليه وسلم رﺳﻮل غيره ﺣﺘﻰ وﺟﺪ ﻟﺬﻟﻚ وﺟﺪًا ﺷﺪﻳﺪًا،
ﺛﻢ سرﻳﺔ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ اﻟﻌﺎص ﻟِﻤَﺎ ﺑﻠﻐﻬﻢ ﻣﻦ أن ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻗﻀﺎﻋﺔ ﻳﺘﺠﻤﻌﻮن في دﻳﺎرﻫﻢ وراء وادي اﻟﻘﺮى ﻟﻺﻏﺎرة ﻋلى المدينة،
ﺛﻢ سرﻳﺔ ﻋلي ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻟِﻤَﺎ ﺑﻠﻐﻬﻢ ﻣﻦ أن ﺑﻨﻲ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺑﻜﺮ ﻳﺠﻤﻌﻮن اﻟﺠﻤﻮع لمساعدة ﻳﻬﻮد ﺧﻴبر ﻋلى ﺣﺮب المسلمين،
ﺛﻢ ﻏﺰوة ﺧﻴبر؛ ﻷن أﻫﻠﻬﺎ ﻛﺎﻧﻮا أﻋﻈﻢ ﻣﺤﺮﱢض ﻟﻸﺣﺰاب،
ﺛﻢ سرﻳﺔ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ رواﺣﺔ ﻟِﻤَﺎ ﺑﻠﻐﻬﻢ ﻣﻦ أن ﺑﺎﻳﻦ رزام رﺋﻴﺲ اﻟﻴﻬﻮد ﻳﺴﻌﻰ في ﺗﺤﺮﻳﺾ اﻟﻌﺮب ﻋلى ﻗﺘﺎل المسلمين،
ﺛﻢ سرﻳﺔ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ أﻣﻴﺔ اﻟﻀﻤﺮي ﻟﻘﺘﻞ أﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎن ﺟﺰاء إرﺳﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻳﻘﺘﻞ اﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وسلم ﻏﺪرًا، ﺛﻢ ﺣﺮب اﻟﻌﺮاق ﻟِﻤَﺎ ارﺗﻜﺒﻪ ﻛسرى ﻋﻨﺪﻣﺎ أُرﺳﻞ إﻟﻴﻪ ﻛﺘﺎب ﻋُﺮض ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻪ اﻹﺳﻼم،
ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺰق اﻟﻜﺘﺎب وﻛﺘﺐ إلى ﺑﺎزان -أﻣير ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻴﻤﻦ- ﻳﻘﻮل ﻟﻪ: «ﺑَﻠَﻐﻨﻲ أن رﺟﻼ ًﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ ﺧﺮج ﺑﻤﻜﺔ ﻳﺰﻋﻢ أﻧﻪ ﻧﺒﻲ، ﻓَسر ِإﻟﻴﻪ ﻓﺎﺳﺘَﺘِﺒْﻪ ﻓﺈن ﺗﺎب وإﻻ ﻓﺎﺑﻌﺚ إليﱠ ﺑﺮأﺳﻪ؛ أﻳﻜﺘﺐ إليﱠ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب وﻫﻮ ﻋﺒﺪي؟» ﻓﻌﺒﺚ ﺑﺎزان ﺑﻜﺘﺎب ﻛسرى إلى اﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وسلم ﻣﻊ ﻓﺎرﺳَين ﻳﺄﻣﺮه أن ﻳﻨصرف ﻣﻌﻬﻤﺎ إلى ﻛسرى، ﻓﻘﺪﻣﺎ إﻟﻴﻪ وﻗﺎﻻ ﻟﻪ: ﺷﺎﻫﻨﺸﺎه ﺑﻌﺚ إلى الملك ﺑﺎزان ﻳﺄﻣﺮه أن ﻳﺒﻌﺚ إﻟﻴﻚ ﻣﻦ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻚ، وﻗﺪ ﺑﻌﺜﻨﺎ إﻟﻴﻚ ﻓﺈن أﺑﻴﺖ ﻫﻠﻜﺖ وأﻫﻠﻜﺖ ﻗﻮﻣﻚ وﺧﺮﱠﺑﺖ ﺑﻼدك، ﻓﻠﻴﺲ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﺬر ﻟﻠﻤﺴﻠﻤين في اﻣﺘﻨﺎﻋﻬﻢ ﻋﻦ ﺣﺮب اﻟﻔﺮس ﺧﺼﻮﺻًﺎ وﻗﺪ ﻛﺎن ﻟﻠﻌﺮب ﺛﺎرات ﻛﺜيرة في ذﻣﺔ اﻟﻌﺠﻢ ﺛﻢ ﻏﺰوة ﺗﺒﻮك ﻟِﻤَﺎ ﺑﻠﻎ المسلمين ﻣﻦ أن اﻟﺮوم ﺟﻤﻌﺖ اﻟﺠﻤﻮع ﺗﺮﻳﺪ ﻏﺰوﻫﻢ في ﺑﻼدﻫﻢ، وﻗﺪ أﻋﻘﺒﻬﺎ ﻓﺘﺢ اﻟﺸﺎم واﻟﻘﺴﻢ اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ دوﻟﺔ اﻟﺮوم».
فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يبدأ أحدا بقتال قط، وإنما كانت كل غزواته دفاعية مصداقا لقول الله جل جلاله: {وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ 190} [البقرة: 190]
فالإسلام يأمرنا بقتال من قاتلنا فقط، أو ظلمنا أو نقض عهده معنا، وينهانا عن الاعتداء على المسالمين مسلمين أو غير مسلمين، فكانت غزوات النبي صلى الله عليه وسلم ، كلها سبقا حضاريا إسلاميا تقف البشرية كلها امامه تيها وعجبا، وفخرا وافتخارا.