السبت سبتمبر 21, 2024
مقالات

من صندوق الذكريات

د. ربيع عبد الرؤوف الزواوي يكتب: إلى البَرِّ بعيدًا عن زحمة الحياة

في ذات ليلة عليلة الهواء صافية السماء من عام ٢٠١٠ اتصل بي صديقي الحبيب أبو سليمان عبد الله الهاشل وأنا في أحد فنادق الرياض وقال بلهجته القصيمية الجميلة: بامُرِك بعد شوي؛ بنطلع للبرّ انتعشَى سوا. وما هي إلا دقائق حتى كتب لي رسالة: أنا تحت.

جاءني أبو سليمان بسيارته المجهّزة؛ ويسمونها (الونيت) والتي نسميها في مصر (ربع نقل)، والسيارة بها كل شيء؛ كل شيء بالمعنى الحرفي للكلمة لا مجازًا؛ فيها كل شيء بترتيب بديع وتنظيم جميل؛ من طعام وشرب وأدوات وفرش وثلاجة.

انطلق بنا أبو سليمان لمكان بديع كأنه هُيّأ على رغبته وأُعدّ على مزاجه، ورُتب على نظامه؛ فأبو سليمان رجل عسكري بالجيش السعودي، وهو نجدي أصيل من القصيم، وهو شديد الانضباط مع بحبوحة ودعابة جميلة لا تفارقه، وقد عرك الحياة في صغره وعركته الأيام وأعدّته التجارب، وكان عمله إلى الرياض تلك الفترة..

وأبو سليمان رجل دقيق فيما يفعل وفيما يتكلم به، وما أجمل أن تراه يعمل شيئا أمامك مهما كان صغيرًا؛ ولو كان ذلك إعداد الشاي أو القهوة، أو طي الفراش، أو ترتيب الطعام!

وكان أبو سليمان قد زارني قبلها بعام في مصر، مع صديق مشترك بيننا من الكويت، فلمست فيه جمالًا روحيًّا عجيبًا، وطيبة فطرية نادرة، وأصالة قلّت هذه الأيام.. وبعدها بأقل من شهر تقريبا لما علم بوجودي في الرياض دعاني للغداء في بيته العامر بجنوب الرياض، وأرسل يومها ابنه سليمان لي في نفس الفندق.

منذ أيام اتصل بي أبو سليمان؛ يبلغني بتقاعده، ويدعوني لزيارته في القصيم، ويغريني بما أحب من الخروج للبر وبما أحب من بساطة وعدم تكلف، بيد أن الصحة والسن والظروف لم يعودوا كما كنا منذ خمسة عشر عامًا.. لكني والله لمشتاق للخروج إلى البر، ليس ليلة واحدة فحسب؛ بل لعدة ليال.. فاللهم إنا نسألك التوفيق وحسن الختام.

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب