السبت سبتمبر 28, 2024
بحوث ودراسات

أحمد هلال يكتب: ماذا يعني انتمائي لجماعة الإخوان المسلمون؟ «1»

مشاركة:

كان لابد من تلك المقدمة بين يدي بحث في قراءة الأحداث المتسارعة والتي جعلت المشهد ضبابيا وملتبسا على كثير من الباحثين والمراقبين والإعلاميين من أجل فض الاشتباك حول جماعة الإخوان المسلمين ومن يمثلها ومن له حق التحدث باسمها،

وأن جماعة الإخوان المسلمين جماعة واحدة منبعها واحد وطريقها ومنهجها، ولا تستقيم حركة الجماعة عندما يمثلها قيادات وتوجهات مختلفة.

ولا يجب أن نركن إلى من يدعي أنه مهما ظهر من خلاف فإنه لا خلاف بين الأطراف حركة ومنهجا وسلوكا، لا يستقيم ذلك بأي حال ولا يستويان، وطريق الجماعة وحده هو الصحيح دون زيف أو أدنى تحريف.

من نعم الله علينا أن رزقنا بجماعة الإخوان المسلمين، تلك الجماعة التي أسسها الإمام البنا عليه رحمة الله تعالى عام 1928م، وكل فرد انتمى إلى تلك الجماعة المباركة يجب عليه أولاً الالتزام بمبادئ دعوة الإخوان، وثانيًا العمل داخل الصف بثقة تامة، والقيام بالواجبات، ومن ثمَّ لا بد لكل فرد أن يفهم ماذا يعني انتماؤه للجماعة؟

منهج الدعوة للإخوان هو منهج الإسلام بمفهومه الشامل الواسع وهو منطلق الدعوة في تحديد خططها وبرامجها ومشاريعها الإصلاحية.

وصاحب الدعوة لا بد أن يعلم أن منهج الإسلام الذي اتخذته الدعوة منهجًا لها هو أصح المناهج على الإطلاق.

والدعوة لا يكون لها استقرار بدون التقيد بمبادئها ولوائحها، وليعلم كل فرد في الصف أن التزامه بنظم الجماعة ولوائحها أمر أساسي لحسن سير العمل لتحقيق الأهداف، وأن وفاءه بما يعطيه من عهد وبيعة يعتبر طاعةً لله وتعبدًا لله.

وذات مرة عرض على الهيئة التأسيسية للإخوان فصل خمسة من أعضائها، وصدر القرار بالفصل، فقال الأستاذ حسن الهضيبي: إنهم لم يفصلوا لطعن في دينهم، فقد يكونوا خيرًا منا، ولكن للجماعة نظمًا وقوانين يجب أن تراعى، وأن تنفذ، وقد خالفوها، ففصلوا حتى يأخذ الصف استقراره واستقامته.

 موقف الإخوان من الأفكار الأخرى هو نفس موقف الإسلام منها، والإخوان أشد الناس حرصًا على خير وطنهم وتفانيًا في خدمة قومهم، وهم يتمنون لهذه البلاد كل عزٍّ وتقدم ومجد. ويحترمون قوميتهم باعتبارها الأساس الأول للنهوض المنشود.

إن التشكيك في قرارات القادة والمسئولين عن الدعوة هي من ضعف الانتماء، فلو صدق الانتماء لحسن ظننا بإخواننا وقويت الرابطة بيننا، ويقول الإمام البنا تحت ركن الثقة: وأريد بالثقة اطمئنان الجندي إلى القائد، في كفاءته وإخلاصه، اطمئنانًا عميقًا ينتج عن الحب، والتقدير، والاحترام، والطاعة.

ففي رسالة إلى أي شيء ندعو الناس يقول رحمه الله:

«مهمتنا سيادة الدنيا وإرشاد الإنسانية كلها على نظم الإسلام الصالحة وعالمية الدعوة التي لا يمكن بغيرها أن يسعد الناس».

وفي رسالة بين الأمس واليوم يقول الإمام البنا:

ولذلك فإن أول شيء يجب أن يفعله صاحب هذه الدعوة أن يدرسها؛ فيتعرف على غاية دعوته، فإذا عرفت الغاية من الدعوة. لا بد من النظر في أهدافها ووسائلها وخطواتها، فإذا تم الاقتناع بالغاية والهدف والوسيلة فلا بد من العمل الجاد المتواصل.. للوصول إلى الغاية المنشودة.

وفي اجتماع رؤساء المناطق يقول:

1ـ تصحيح فهم المسلمين لدينهم.

2ـ ثم جمع المسلمين علمياً على مبادئ كتابهم الكريم بتجديد أثره البالغ القوي في النفوس.

3ـ ثم خدمة المجتمعات وتنقيتها بمحاربة الجهل والمرض وتشجيع البر والنفع العام في أيه صورة.

فإذا قيل لماذا التنظيم؟ قلت هو وسيلة وليست غاية للحفاظ على الفكرة واستمرار بقائها، فبقائها مرهون بقيام الدولة الإسلامية وتطبيق شرع الله في الأرض، ولا يعنينا أن يكون الناس من الإخوان أو لا يكونوا فالمهم أن تكون كلمة الله هي العليا.

ولهذا فإن اية مساومة على حل الجماعة دون بلوغ هدفها الواضح هو من المستحيلات التي لا يمكن التنازل عنها مهما تصاعدت الضغوط أو تقاطرت الإغراءات.

والإخوان المسلمون جماعة غنية عن التعريف، وتاريخ حافل بالأحداث والوقائع

وتراث زاخر بالفكر والدعوة وموسوعة حية متجددة غنية بالفكر والعلم واللغة والأدب والرياضة والفن والوطنية والفقه والشريعة والسياسة والاقتصاد والثقافة والتاريخ.. إلخ

وبرغم كل ذلك الوضوح

 وما زالت الجماعة بالنسبة للكثيرين لغزا لم يحل وفكرة غامضة بالرغم من أن الإمام البنا قد قضي سني عمره في تعريف الناس بدعوته وكتب في ذلك عشرات المقالات والرسائل وخطب مئات الخطب في المؤتمرات والحفلات ليشرح للناس ماهية الإخوان وأهدافهم ومبادئهم ومنهجهم.

نعم مازال البعض ينظر إليها بعين الرهبة والحذر على اعتبار أنها البعبع الإسلامي القادم

في حين يعتبرها البعض الآخر مجموعة من الانتهازيين الوصوليين الذين يتسترون بالدين لتحقيق مآرب خبيثة أو إنهم «عالم فاضية» لا هم لهم إلا المظاهرات وحب الظهور والخروج على القانون

وقليل من الناس من يفهم الإخوان على حقيقتهم ويحيط بهم من جميع جوانبهم

5ـ وإذا كانت هذه الأهداف جمعياً لا تتحقق إلا في ظل الدولة الصالحة… فكان لا بد أن تطالبوا بحق الإسلام في إقامة الحكومة التي ترتكز على أصوله وأحكامه وتعاليمه.

6ـ فمن دعوتكم أيها الإخوة الأحبة أن تساهموا في السلام العالمي وفي بناء الحياة الجديدة للناس بإظهارهم على محاسن دينكم وتجلية مبادئه وتعاليمه لهم.

ولما كانت كل الأهداف والمقاصد والغايات المرحلية السابقة إنما هي أهداف سامية ومقاصد عالية وغايات عظمية، قد لا تروق للأنظمة والحكومات، وما يتبع ذلك من مشقة وتعب ونصب وتضحية وإيذاء في سبيل الوصول إليها ونيل تلك المقاصد، فإن الغاية الكبرى التي تعمل من أجلها الدعوة هي إرضاء الله عز وجل ولهذا كان شعار الدعوة: الله غايتنا.

واتخذ الإمام حسن البنا اسما للجماعة، يميزها بصفة يشترك فيها المسلمون جميعا باختلاف طوائفهم وأجناسهم وثقافاتهم ولغاتهم هو «الإخوان المسلمون»

كما أن شعاراتها ومبادئها مستقاة من الإسلام وتصب في خدمة الإسلام والمسلمين فكل من تحققت فيه شمولية الدين وربانيته وعالمية الإسلام فهو من الإخوان فكرا لا تنظيما وهو ما يرمي إليه الإخوان أن يفهم الناس الإسلام فهما صحيحا ويطبقوا تعاليمه تطبيقا شاملا وليسموا أنفسهم ما يشاءون وهذا واضح عند الإمام البنا حين عبر عن دعوة الإخوان بدعوة الإسلام وقال للإخوان :”أنتم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله وصوت داو يعلو مرددا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم (رسالة بين الأمس واليوم ص:101)

الجماعة من الداخل

كذلك والإحاطة والمعرفة بمنهج الدعوة ولوائحها وقوانينها يعطى لمن ألم بهما أفقاً واسعة، ومساحة كبيرة للتحرك بهذه الدعوة، وخاصة إذا حيل بينه وبين الاتصال بقياداته، فإلمامه بالمنهج وضوابطه، وقوانين ولوائح الدعوة المسبقة ستحدد له الأطر العامة التي سينطلق بها، وسيعلم حدود حركته: متى يتوقف، ومتى يواصل السير، وفي أي الاتجاهات يسير.

والإحاطة بالمنهج، ومعرفة منبعه، تُعتبر ضرورة من ضروريات الانتماء الصادق للدعوة، إذ كيف أنتمي إلى دعوة لا أعرف منهجها وبرامجها!! فعلى أي أساس كان انتمائي لها؟!

وللقصة بقية في المقال القادم:

الجماعة بين تيارين

تيار يدعو إلى الانسحاب من الحياة السياسية والذوبان في المجتمع المصري من دون التنظيم!!

وتيار اخر يعمل على تثوير الأوضاع ويدعو إلى المواجهة وكلاهما يتحدثون بإسم جماعة الإخوان المسلمين.

وتسير الجماعة وسط صراع المشروعات التي تضرب في عمق الجماعة!!

انتظرونا.

Please follow and like us:
أحمد هلال
حقوقي وكاتب مصري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب