د. أحمد زكريا يكتب: وعي الأمة في خطر!
إن أخوف ما يخاف على أمة ويعرضها لكل خطر ويجعلها فريسة للمنافقين ولعبة للعابثين هو فقدان الوعى في هذه الأمة، وافتتانها بكل دعوة واندفاعها إلى كل موجة وخضوعها لكل متسلط وسكوتها على كل فظيعة وتحملها لكل ضيم، وأن لا تعقل الأمور ولا تضعها في مواضعها ولا تميز بين الصديق والعدو وبين الناصح والغاش وأن تلدغ من جحر مرة بعد مرة ولا تنصحها الحوادث، ولا تروعها التجارب، ولا تنتفع بالكوارث، ولا تزال تولى قيادها من جربت عليه الغش والخديعة والخيانة والأثرة والأنانية ، ولا تزال تضع ثقتها فيه وتمكنه من نفسها وأموالها وأعراضها ومفاتيح ملكها وتنسى سريعاً ما لاقت على يده الخسائر والنكبات فيجترئ بذلك السياسيون المحترفون، والقادة الخائنون ويأمنون سخط الأمة ومحاسبتها ويتمادون فى غيهم ويسترسلون في خياناتهم وعبثهم ثقة ببلاهة الأمة وسذاجة الشعب وفقدان الوعى.
وما غياب الوعي والنضج عن فهم القضايا الشائكة في مسيرة الأمة المعاصرة إلا دليل واضح على ذلك، دون فهم لمقاصد الشريعة، وتحقيق مصالح الأمة، فيحل التفكير الانفعالي والعاطفة الغالبة على الفهم والوعي.
وتجد فئاما كثيرة من الأمة تنساق وراء فكرة مبتورة تؤثر سلبا على مسار قضايا الأمة الخالدة كقضية القدس، وقضايا تحرير الأمة، فنجد. الجهل الواضح بسلم الموالاة والمعادة، فيؤدي ذلك إلى تغييب الوعي وإشغال الأمة بالقضايا الفرعية وتهميش القضايا الأصلية الثابتة.