مقالات

مضر أبو الهيجاء يكتب: رؤية غير عاطفية لاستشهاد المجاهد يحيى السنوار

رحل أبو إبراهيم يحيى السنوار -نحسبه شهيدا ولا نزكي على الله أحدا- وذلك بعد أن أكرمه الله بفضل من عنده سبحانه، إذ شاهده العالم في موقف جهاد وصمود وتحد عظيم في مواجهة الغاصبين على أرض فلسطين المباركة، فهنيئا له وللمجاهدين في كل مكان، وما ضر أحدهم إذ لم تصوره العدسات.

إن مشهد أبو إبراهيم البطولي يذكرنا بصور الصمود التي عرفتها حالات وحركات جهادية تترى في العراق ومصر وليبيا واليمن والشام، لتؤكد جميعها بأن أمتنا كبيرة حين يصوغها هذا الدين العظيم بقرآنه الكريم وسنة نبيه الأمين محمد صلى الله عليه وسلم.

وإذا كان الثناء واجب في وصف مشهد الصمود الجهادي للسنوار تقبله الله، فإن النقد واجب في حق أشكال التعاطي العام من قبل بعض القادة والنخب والعلماء والجماعات تجاه خلل المواقف واضطراب المسار!

إن الاستشهاد في سبيل الله أمر عظيم لأنه اصطفاء من الله، ولكن دلالته حصرية في حق الفرد، وهي ليست دلالة قطعية على عصمة المنهج المتبع والطريق!

وإذا كان ذكر محاسن موتى المسلمين وشهدائهم واجب وفضيلة، فإن السكوت عن خلل المسار وعوج المواقف عيب وضعف ورذيلة.

فكيف بمن يمارس الابتزاز الأخلاقي والإرهاب الفكري متسلحا ببريق الشهادة وزكاوة دماء الشهداء، ليكمم بسيفها أفواه المصلحين، ويتجاوز عن خلل المسار ويمنع تصويب المذهب والطريقة؟

وبكلمة أقول إن حالة الإرهاب الفكري التي يعيشها بعض العلماء والدعاة والمصلحين، حين تضعفهم صور الاستشهاد عن تصويب المسار هي دلالة ضعف عقلي وتراجع عن طلب الشهادة، فأول أشكال الشهادة هي أن تشهد بالحق الذي تؤمن به وتصحح أشكال الخلل في مسار مشاريع التغيير وخيارات المجاهدين، وهو ما يعكس دلالة التوحيد والارتباط بالله وجوهر ملة إبراهيم.

مخطئ وضعيف كل من خلط بين هيبة الموت ورفعة المجاهدين وقدسية الشهادة وبين وجوب التناصح في الطريق وأولوية النظر والمراجعة، وذلك ليحيى من بقي حيا على بينة ولنستبين سبيل المجرمين.

إن السنوار -تقبله الله- فرد في جماعة وقد أفضى إلى رب غفور رحيم لطيف بعباده.

السؤال الواجب الآن أين أصاب السنوار وفيم أخطأ عندما قاد تلك الجماعة؟ وما هو الصواب في منهج تلك الجماعة لنتمسك به ونعض عليه بالنواجذ، وأين يكمن الخلل في تصوراتها ومواقفها لنتخلص منه ونسدد المسار.

إن عظمة آلية ومبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كونها سبب حفظ هذا الدين وحفظ سوية أتباعه.

وإذا كنا جميعا نتمنى الشهادة لما يحوزه الشهيد من قرب إلى الله، فإن أعظم ما يقربك إليه سبحانه هو أن تلزم غرز رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن تعمر الأرض بما ينفع الناس، حتى وإن مت على فراشك كما مات أفضل الخلق محمد صلوات الله وسلامه عليه، وهو فهم لا يقلل من إيماننا بوجوب سعينا لجهاد المحتلين وفضل مكانة المجاهدين، وعظيم فعلهم الجهادي ومردوده على الأمة والدين، بل هو يعكس سلوك الصحابة المعدلين.

إن النظر والتعامل مع مسار المجاهدين بالقدسية التي يكتسبها معنى الشهادة سبب في تعاظم الأخطاء وفوات النصر الأكيد، ولذلك فقد حفظ الله لنا في كتابه الكريم أشكالا من العتاب والمراجعة والتصويب لخير الخلق والصحابة.

ما قلت من حق فمن الله وما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان وأستغفر الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *