مقالات

أحمد سعد حمد الله يكتب: مبادرة البلشي.. والأسئلة الواجبة

موقف أخلاقي محترم، ذلك الذي أبداه مؤخرا خالد البلشي نقيب الصحفيين المصريين، ألا وهو الخاص باقتراحه، فتح باب الانتساب بالنقابة، أمام الزملاء العاملين في المواقع الإلكترونية..

موقف طيب ويشكر عليه النقيب، بيد أنني رأيت أن هناك ما هو أفضل وأكرم لزملائنا الإلكترونيين، ألا وهو إنشاء نقابة خاصة بهم، يكونوا أصلاء بها، وليسوا منتسبين، أو ضيوف عليها، نقابة تبحث عن حقوقهم، وتعني بشؤونهم، وتحمي حقوقهم، وترعى مصالحهم، فهؤلاء الزملاء حتى وإن كانوا صحفيين فعلا وواقعا، إلا أن طبيعة مهنتهم تختلف بالكلية عن طبيعة مهنة الصحفي الورقي، نظرا للفوارق الجوهرية بين الصحافتين، حيث الصحافة الإلكترونية لا تحكمها نفس القواعد المهنية والأخلاقية، التي تحكم مهنة الصحافة الورقية، فضلا عن أن ممارسي الصحافة الإلكترونية يختلفون فعلا ومضمونا، عن نظرائهم العاملين بالصحافة الورقية، حيث الصحفي الإلكتروني يستطيع ممارسة مهنته وهو نائم في سريره، وبين أهله وأصحابه، أو أثناء رحلته البحرية، أما الصحفي الورقي، فيتحتم عليه إثبات حضوره اليومي بمقر جريدته، لتحرير أخباره، وكتابة موضوعاته بها، بل وأمام رئيسه، وفي كثير من الأحيان، ينتظر حتى يراها طٌبعت على الورق، وهذا يتطلب جهدا جسديا أكبر، وإنفاقا ماليا أكثر، وضغطا عصبيا أشد، أضف إلى ذلك أن الصحفي الورقي تقع عليه مسؤولية مهنية أثقل بكثير من تلك التي تقع على نظيره الإلكتروني، وذلك عند تحرير المواد الصحفية، حيث يحرص الصحفي الورقي على أن تخرج مواده خالية من الأخطاء النحوية والإملائية قدر المستطاع -دعك من الظروف الاستثنائية لمرحلة الفوضى الحالية- أما الإلكتروني فليس مشغولا بأية قواعد نحوية أو إملائية أو حتى مهنية، فضلا عن أن الصحفي الإلكتروني، قادر على تصحيح أخطائه النحوية والإملائية والمعلوماتية، ألاف المرات بعد نشرها، فضلا عن إمكانية محو المادة كلها من الوجود، عكس الصحفي الورقي الذي تظل أخطاؤه معلقة برقبته طول العمر..

ثم إن الإشكالية الأكبر التي أراها ستواجه البلشي، إذا ما صمم على اقتراحه هذا، هو تحديده لماهية الصحفي الإلكتروني، أي تعريفه، هل هو ذلك الذي يحرر الأخبار على المواقع الإلكترونية، أما هو الذي يقدمها على مواقع التواصل الاجتماعي، أم هو صاحب المدونة الخاصة التي تقتصر على مقالاته وأعماله الخاصة، وهل هو الذي يجلبها، ويبلغها للأدمن «مسؤول إدخال المواد الصحفية بالموقع» شفهيا؟ أم هو الشخص الهاوي الذي يتطوع بإرسال أخبار وصور وفيديوهات التقطها بنفسه للمواقع؟ أم هو مالك الموقع، والذي لا يشترط فيه أن يكون صاحب مؤهل علمي من الأساس، ويعجز عن فك الخط؟ ثم هل سيُشترط في قبول عضوية الصحفي الإلكتروني، أن يكون الموقع الإلكتروني الذي يعمل به، موجودا داخل مصر؟ وهل يشترط في الصحفي أن يعمل من الداخل، أم يمكن عمله من الخارج؟

وأسئلة أخرى كثيرة، أتصور أن البلشي في حاجة لطرحها والإجابة عليها، قبل الإقدام على خطوة مهمة كهذه، قد يسئ الناس فهمها، بالاعتقاد أنها مجاملة للأجهزة الأمنية، باعتبارها هي الآن، مالكة لكل المواقع الإلكترونية!

أحمد سعد حمد الله
كاتب صحفي مصري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *