في الجبال المهيبة في آزاد جامو وكشمير، افتُتِحَت ورشة عمل الأمن القومي في كشمير وكأنها قصة تُروى عبر الأجيال، حكاية عن الصمود والوحدة والولاء الأبدي لقضية كشمير.
وعلى مدى أربعة أيام لا تُنسى، أصبحت مظفر آباد، عاصمة المنطقة المحررة، أكثر من مجرد مكان؛ بل تحولت إلى ملتقى للعقول والقلوب، حيث استُحضِرت روح كشمير باحترام وهدف.
جاء الحاضرون من مناطق مختلفة ومن جميع مناحي الحياة ــ قادة عسكريون ودبلوماسيون ومعلمون وتجار وطلاب ودعاة ــ كلهم منسوجون معًا بخيط قديم لا ينكسر مثل الجبال.
افتتح سردار مسعود خان، الرئيس السابق لإقليم آزاد كشمير والدبلوماسي المحترف، الورشة بكلمات بدت أقرب إلى ترنيمة لتمجيد قدسية الشعب الكشميري وليس خطاباً.
فقد ذكرنا بأن كشمير ليست مجرد حدود على الخريطة؛ بل إنها وعد محفور في روح باكستان ذاتها.
وقال: لا يمكننا أن نتراجع عن إخلاصنا”، وكان صوته يحمل ثقل التاريخ وعمق الإدانة.
ولم تكن دعوته إلى الوحدة والمرونة مجرد تذكير، بل كانت صرخة حاشدة تحثنا على الوقوف بقوة في وجه تيارات الدبلوماسية والقوة التي تهدد أحياناً بإضعاف قضية كشمير.
وقال إن دعم كشمير يعني دعم النبض الأخلاقي لباكستان، والحفاظ على سلامة الأمة ومستقبلها.
تجديد الطاقة في الجهود الدبلوماسية
ثم جاءت الدكتورة مليحة لودهي التي لا تقهر، والتي انضمت عبر رابط فيديو، وكان صوتها يحمل الحكمة والإلحاح.
وتحدثت الدكتورة لودهي، المعروفة بموقفها الثابت تجاه مصالح باكستان، عن الحاجة إلى تجديد الطاقة في جهودنا الدبلوماسية، وإعادة إحياء قضية كشمير على الساحة العالمية.
وقالت: كشمير ليست مجرد قضية سياسية بالنسبة لباكستان؛ إنها جوهر هويتنا، وكانت كلماتها مؤثرة للغاية.
وحثت القيادة الباكستانية على تذكر شجاعة وتضحيات الكشميريين، والدفاع عن نضالهم بنفس القوة التي تتمتع بها المثل العليا التأسيسية لباكستان.
كان صوتها بمثابة تذكير وتحدي في الوقت نفسه –
فالدبلوماسية، مثل التفاني، لا يمكن أن تتعثر عندما تكون المخاطر عالية مثل كشمير.
وفي خضم هذه الأصوات القوية، ألقت كلمات مشعل حسين مالك، زوجة الزعيم الكشميري المسجون ياسين مالك، تعويذة مؤثرة على الجمهور.
فقد كانت قصتها، الغنية بالخسارة والتحدي، مرآة تعكس الصراعات التي لا يمكن تصورها والتي يواجهها الكشميريون يوميا.
ولم تتحدث فقط عن تضحيات ياسين، بل تحدثت أيضا عن كل أم وطفل وشيخ مجهولين يتحملون دورة لا هوادة فيها من القمع.
وقالت بصوت ثابت ولكنه مليء بالألم: إن الأمر لا يتعلق بالحدود فحسب؛ بل يتعلق بالإنسانية.
لقد حركت كلماتها كل من في الغرفة، ودعتنا إلى تذكر أن وراء كل سياسة واحتجاج حياة وقصة وتضحية تُبذل باسم الكرامة والحرية.
لمحة عن مستقبل كشمير
تلا ذلك زيارة إلى جامعة آزاد جامو وكشمير، والتي قدمت لمحة عن مستقبل كشمير من خلال شبابها المشرق والمتحمس.
أجاب نائب رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور محمد كليم عباسي على الأسئلة بحكمة المعلم الذي يعرف المخاطر التي تنطوي عليها تشكيل عقول الشباب.
وإلى جانبه، قدم الأستاذ الدكتور سعدات حنيف دار لمحة عامة ملهمة عن إنجازات الجامعة،
موضحًا كيف تقف المؤسسة كمعقل للتفكير النقدي والأمل.
في تلك اللحظة، لم تكن جامعة آزاد جامو وكشمير مجرد جامعة بل ملاذًا لجيل يحمل مصير كشمير بين يديه.
كانت هذه الزيارة بمثابة تذكير بأنه في كل فصل دراسي ومحادثة، يتم نقل إرث كشمير، وينمو أقوى وأعمق وأكثر مرونة.
قضية كشمير.. ووسائل الإعلام
لقد حظيت بشرف التحدث عن «دور وسائل الإعلام في صياغة الرأي وتأثيرها على التماسك الوطني وقضية كشمير»،
وشعرت بخطورة اللحظة أن وسائل الإعلام، كما شاركت، هي سلاح ذو حدين – قادر على تعزيز الوحدة أو خلق الخلاف.
إنها لا تعكس واقعنا فحسب؛ بل إنها تشكله، وتضخمه، وتحدد القضايا التي تعيش في دائرة الضوء، والتي تتلاشى في الصمت.
لقد تحدثت عن قوة التأطير، وكيف يمكن لوسائل الإعلام توحيد الأمة في ظل المآسي المشتركة، مثل زلزال عام 2005،
أو إلهام العزيمة الجماعية، كما فعلت بعد هجوم بيشاور.
ولكن في العصر الرقمي، أصبحت وسائل الإعلام أيضًا أرضًا خصبة لغرف الصدى والمعلومات المضللة،
مما يؤدي إلى تضخيم الانقسامات التي تؤدي إلى تآكل هويتنا الوطنية.
لقد حثثت المشاركين على النظر إلى وسائل الإعلام باعتبارها حارسًا للحقيقة،
وهي القوة التي يمكنها -إذا استخدمت بحكمة- توحيدنا في الغرض وتذكيرنا بقيمنا المشتركة.
لقد تحدث إلينا القادة العسكريون بوضوح وشغف تركا أثراً دائماً.
قال أحد الضباط، الذي وقف بشموخ ولكنه تحدث بتواضع ملحوظ: «إن كشمير في قلب كل جندي باكستاني».
وتردد صدى هذه الكلمات، التي قيلت ببساطة، بعمق كان من المستحيل تجاهله.
وصف الارتباط الثابت للجيش الباكستاني بكشمير، وهو رابط يتجاوز الواجب ويتعمق في التراث.
لقد ذكرنا أن التزام الجنود بكشمير ثابت وشخصي.
وتردد صدى كلماته كتذكير بأن دور الجيش في الدفاع عن كشمير ليس مجرد مهمة بل أمانة توارثتها الأجيال.
الرؤية الخالدة للعلامة إقبال
ومع اقتراب الورشة من نهايتها، استحضر القادة العسكريون الرؤية الخالدة للعلامة إقبال،
الذي لا تزال أشعاره وفلسفته تلهم الهوية الوطنية الباكستانية.
ودعونا إلى اليقظة في الدفاع عن العدالة، والعيش وفقاً لمبادئ الجدارة والمساءلة، وأن نكون حاملي مشعل وعد باكستان.
وذكرونا بأن «الأمم تنهض في قلوب الشعراء، وتسقط في أيدي أولئك الذين يتخلون عن النزاهة».
وفي تلك اللحظة، بدا حلم إقبال أكثر حيوية من أي وقت مضى، وكانت دعوته إلى الوحدة إرثاً كان كل مشارك مكلفاً بحمله إلى الأمام.
لقد كان هناك شعور طاغ بالهدف عند مغادرة المؤتمر.
لقد تحدث المشاركون بحماس عن الحاجة إلى المزيد من مثل هذه التجمعات،
ودعوا إلى عقد ورش عمل للوصول إلى جمهور أوسع، وخاصة الشباب،
الذين يرتبط مستقبلهم ارتباطًا وثيقًا بكشمير. لقد غادر العديد منهم وهم عازمون على أن يصبحوا سفراء لكشمير،
مسلحين ليس فقط بالحقائق ولكن أيضًا بروح لا يمكن لأي قوة أن تقوضها.
معهد كشمير القوة الهادئة والقوية
كان معهد كشمير للإدارة، بقيادة المدير المتفاني طارق بوت، القوة الهادئة والقوية وراء هذا الحدث.
لم تكن رؤيته الثابتة وتخطيطه الدقيق مجرد عمل مدير، بل كان عمل أمين حقيقي على القضية الكشميرية.
أثبت معهد كشمير للإدارة أن المؤسسات ليست مجرد مباني، بل هي تجسيد للغرض والمبادئ والشغف.
وعندما غادرت المكان، كانت روح المؤتمر الثاني لحركة نيو ساوث ويلز كشمير لا تزال ترافقني..
وهي تذكير بأن الطريق إلى حرية كشمير لا يمهد بالسياسات والاحتجاجات فحسب،
بل وأيضاً بالقيم التي نتمسك بها، والمرونة التي نغذيها، والوحدة التي نحميها.
وما زالت قصة كشمير تتكشف، وقد كتبت فصولها بشجاعة وتضحية وإيمان لا ينكسر بقوة العدالة والحقيقة.
وكانت الرسالة واضحة: كشمير ليست قضية يمكن الدفاع عنها مؤقتاً؛ بل هي إرث يجب الحفاظ عليه إلى الأبد.
وفي قلب كل مشارك كان هناك عزم لا يتزعزع على إبقاء هذا الإرث حياً، مهما كانت الظروف.