حشاني زغيدي يكتب: مفارقة عجيبة

أقول: لا تختلطوا بين المبادرة الشخصية وبين مشروع المبادرة المؤسسية إن المقارنة بينهما قتل لروح المبادرة الفردية، وغبط لدور المؤسسة صاحبة المشاريع.
المؤسف أن البعض يخلط بينهما إما لسوء فهم أو لشيء من المكر، فالمبادرة الشخصية والمبادرة المؤسسية تختلفان اختلافا بينا. من عدة أوجه مع أن كلاهما يصب في غاية واحدة هو تحقيق نقلة نوعية ببعث اليقظة الثقافية، وصناعة دافعية لتحريك الركود باتجاه الفعل الثقافي المبدع.
1- المبادرة الشخصية:
تنطلق المبادرة الشخصية من فرد أو مجموعة صغيرة بدافع الغيرة والحماسة حبا للأوطان أو الموطن الذي يعيش فيه المبدع، وتنطلق المبادرة دون دعم رسمي من مؤسسة.
غالبًا ما يكون التجاوب معها عفويا سلسا، يحضنها الجمهور بعفوية ودون خلفيات مسبقة،
وهذه المبادرات غالبا ما يتفاعل معها الجمهور بعفوية تقديرا لصاحب المبادرة، وهذا طبع جيد يجب تشجيعه ودعمه.
يلاحظ على المبادرة الشخصية أن موارد دعمها عفوي يغلب عليه الطابع التضامني المجتمعي وغير رسمي غالبا وقد تلقى مساندة من الإطار الرسمي كالاحتفاء والمرافقة أو التشجيع أو حتى التكريم.
تظل المبادرة الشخصية مطلوبة كونها تصنع جوا من الحيوية من خلال طابعها العفوي،
وفي نفس الوقت تدفع بروح المنافسة بين المبدعين وتظهر الفروق الفردية بين أصحاب المبادرات الخاصة،
لهذا كل من يضيق بالمبادرة الشخصية يساهم في قتل الإبداع الفردي.
2- المبادرة المؤسسية:
دعونا نقف عند نشاط المؤسسة سواء كانت رسمية من قبل مؤسسة رسمية حكومية،
أو نشاط جمعوي غير رسمي، والتي تتحكم فيها الطابع الهيكلي المنظم والتي تحكمها قوانين الجمهورية.
والغالب على نشاط المؤسسات تقيدها بإجراءات واضحة معروفة.
تنجز نشاطات المؤسسات بموارد المؤسسة، وإعانات الدولة وتسخر لها كل الإمكانات البشرية والمادية لإنجاح برامجها وتأخذ طابع الرعاية من الدولة نفسها أو من رؤساء جمعياتها.
تتميز أنشطة المؤسسات أنها ذات صيت واسع حضورا وتمثيلا لخصوصية المؤسسة وقيمتها السيادية،
ومكانة التي تتمتع بها المؤسسة عن المبادرة الشخصية، فنشاط المؤسسة أدوم وأبقى.
خلاصة القول
أن الفعل الثقافي يتنفس بالمبادرة الشخصية والمؤسسية معا، حيث لا يستغني أحدهما عن الآخر،
وتبقى المبادرة الشخصية فعالة في صناعة التنافس بين المبدعين أنفسهم ومن خلالهم تستفيد المؤسسات من الطاقات والمواهب الموجودة في الوسط المجتمعي.