“تجّار العقائد”.. شعر: محمود غنيم

خَطَرٌ تغلغلَ في الحمى بـ اسم المسيحِ ومريما
إني أعيذُ عُرا المودةَ بيننا أن تُفصما
مَن عَقّ مصرًا أن يكون إلى المطامع سلَّما
فلطالما نَشَر السلامَ، وباسمه جَرَت الدِّما
الدينُ مثلُ العرض، لا نرضى له أن يُثلما
حَرَمان، لا سلِمَتْ حياةُ المرء إن لم يسلما!
أفتجرحون شعورَنا فيه ولا نتألما؟
هيهات نسمحُ للدخيل عليه أن يتهجما!
قد تخسرون المسلمين إذا كسَبْتم مسلما
لا يخدعَنَّكم امرُؤٌ في دينه قد سُووِما
هو تاجر بالدين، يسمَحُ حين يربح درهما
إن ينتفع بيسوع، غنَّى بـ اسمه، وترنّما
أو ينتفعْ بمحمدٍ صلَّى عليه وسَلَّما
كم ضمّدوا جُرح الجريح إذا الجريحُ تألمَّا
من بعد ما نفثوا السموم بعقلهِ فتسمَّما
يُغرونَ بالمال اليتيمَ، ويفتنون المعدما
ويعلِّمون ليجذبوا من شاء أن يتعلما
ما ضرَّ لو لم يمزجوا بالسمُّ هذا البلسما؟
لو يفعلون الخير محضًا كان ذلك أقْوما
خلو الأنام على عقائدهم، وإن عبدوا الدُّمى
الدينُ ما ضمن الهداية كان دينًا قيِّما
دين المسيح كدين أحمد لا يؤيِّد مجرما
سيَّان مَن بالشام قدَّس أو بمكة أحرما
الكل في الفردوس يطمع أو يخاف جهنما
ما حرَّم الإسلام حلاَّ أو أباح محرَّما
دينٌ محا جهلاً على شبه الجزيرة خيَّما
ردَّ الخيام مقاصرًا وبنى وشاد ودعَّما
وبنى المدائن حول دَجلةَ والفرات فأحكما
واجتاز بحر الرُّوم في قرنٍ وجاب القُلزُما
ونما لنا شعبًا من البدو الجفاة منظِّما
أقصى ملوكَ الفرس والرومان عن عرشَيْهما
هل ترجعون إلى الوراء إذا الزَّمان تَقدَّما؟
عصر التعصُّب قد تقلَّصَ ظله وتصرَّما
لا تبعثوا من لحده هذا الزمانَ المظلما
أيامَ كان المرء بـ اسم الدين ربًّا منعما
باسم الصليب أو الهلال على الرقاب تحكّما
الله فوَّضَهُ؛ ليُعدل في الورى أو يظلما
وحباه جنَّته؛ ليُعطيَ من يشاء، ويحرما
الآن قد برئت عيونُ الناس من هذا العمى
فليسترحْ من بالبياض أو السواد تعمَّما
قضت العلوم على الخرافاتِ القضاءَ المبرما