شهدت المدن الإيرانية حراكاً اجتماعياً واسعاً، امتدّ من شوارع أصفهان وأهواز إلى كرمانشاه وشوش ويزد، وشمل شرائح مختلفة من المجتمع:
متقاعدون مسحوقون، خبّازون منهكون، أصحاب مصانع في حالة اختناق اقتصادي، وسائقو شاحنات وعمّال طوارئ يصرخون بوجه الصمت الرسمي.
وكانت النقطة المشتركة في كلّ هذه التحركات هي: انعدام الأمل، وانسداد الطرق، وانفجار الغضب المكبوت احتجاجات المتقاعدين في عدّة مدن

في حرارة خانقة تجاوزت 50 درجة، خرج مئات من متقاعدي الضمان الاجتماعي إلى ساحة العامل في حي فرهَنگشهر، مردّدين: “حسين حسين شعارهم، الكذب والنهب عملهم” و “أفقرونا ونهبونا”، في تعبير واضح عن الفقر والإهمال.
تظاهر المتقاعدون أمام مبنى الضمان الاجتماعي في كرمانشاه، بهتافات مثل من يدّعي العدالة… خجِل، خجِل” و*”نحن المتقاعدون… على عهدنا باقون”*، مطالبين بإنصافهم بعد عقود من الخدمة:
في شوش، وقف متقاعدو الضمان الاجتماعي يهتفون: “عملنا طيلة العمر… والآن لا نجد ما نأكل”، معبّرين عن الفقر المدقع الذي يعانون منه وسط تجاهل مطبق لموجة الإضرابات والاعتصامات في القطاعات الإنتاجية.
خيرآباد – أراك: مصنع بلا كهرباء
وأغلق أصحاب المصانع مدخل المدينة الصناعية بخيرآباد احتجاجاً على انقطاع الكهرباء المتكرّر، مشيرين إلى خسائر فادحة وتعطيل خطوط الإنتاج.
شاحنات القلاب جيلان – رستمآباد: وقود غير كافٍ، وأجور مهينة
واصل سائقو شاحنات القلاب في جيلان إضرابهم لليوم الثاني، قائلين: “نعمل بالخسارة… لا أجور، ولا دعم، ولا ردّ من أحد!”
قطاع النسيج – يزد: الصناعة تحت الحصار
احتجّ صُنّاع النسيج في يزد أمام مبنى المحافظة بسبب الانقطاعات المفاجئة، مؤكدين أن ذلك يؤدّي إلى تعطيل الورش، طرد العمّال، ودمار الصناعة.
احتجاجات متفرّقة تعبّر عن عمق الغضب الشعبي
أراك – الخبّازون يصرخون
تظاهر الخبّازون في أراك ضدّ الغلاء وانقطاع الكهرباء، رافعين أصواتهم: “لم نعُد نملك القدرة على الاستمرار!”
قلعهكنج – الغضب يُرمى على باب الكهرباء
في حركة رمزية، ألقى خبّازو قلعهكنج العجين الفاسد على باب شركة الكهرباء، في تعبير عن القهر الناتج عن انقطاع التيار.
انديمشك – لا أحد يسمع الخبّازين
احتجّ أصحاب المخابز في انديمشك قائلين: “الخبّاز خسر خبزه، والشعب خسر خبز مائدته!”
ميناء كُلاهي – حملة عسكرية على أفقر أبناء البلاد… والمافيا الحقيقية فوق القانون
نفّذت القوات النظامية الإيرانية، يوم الأحد، حملة اقتحام عنيفة في ميناء كُلاهي الصيادي الواقع في محافظة سيستان وبلوشستان ذات الغالبية البلوشية، تحت ذريعة “مكافحة تهريب الوقود”.
لكن الواقع على الأرض كان أبعد ما يكون عن “تنفيذ القانون”؛ فقد حاصرت القوات كامل الميناء، ثم شرعت بتفتيش المنازل واحداً تلو الآخر، وكسرت جدران البيوت الطينية، وأرعبت النساء والأطفال، بينما احتمى الناس داخل منازلهم خوفاً من القمع.

وفي وقتٍ يعرف الجميع أن المافيا الحقيقية لتهريب الوقود تديرها شبكات تابعة لـ «حرس النظام الإيراني» ، اختار النظام أن يصبّ غضبه على الفقراء البلوش، الذين لا يملكون سوى قارورة بنزين أو قارب متهالك ليكسبوا لقمة العيش.
بدلاً من مواجهة الشبكات الكبرى التي تسيطر على الحدود والطرق، اختار النظام أن يرسل جنوده لهدم حُرمة البيوت، ودهس كرامة الإنسان البلوشي.
وما جرى في ميناء كُلاهي ليس مجرد مداهمة أمنية… بل رسالة قمع واستباحة ممنهجة لشعب لطالما عانى من التهميش والفقر والعنصرية. وإذا استمرّت هذه السياسات، فإن الانفجار الاجتماعي والتمزّق القومي في جنوب شرق إيران سيكون مسألة وقت فقط.
تصريحات صادمة من رجال الصناعة
أمين بيدي، عضو نقابة البنّائين، صرّح قائلاً: “نجد المخدّرات أسهل من الديزل!”فيما أكّد أن المنتجين يشترون الوقود بـ 20 ألف تومان للتر، وأن المصانع تعمل في الظلام وتفقد السيطرة.
ما شهدته إيران اليوم ليس حالات معزولة، بل فسيفساء غضب شعبي شامل. ومن المتقاعد والخبّاز إلى صاحب المصنع وسائق الشاحنة، الجميع يصرخ… لكن لا أحد يرد.
التضخم، انقطاع الكهرباء، انهيار الصحة، تدمير الإنتاج، وازدراء الكرامة تحوّلت إلى وقود لثورة اجتماعية قادمة.وحتى صحف النظام وخبراؤه بدأوا يحذّرون من انفجار قادم، ويؤكّدون أن المجتمع لم يعُد يحتمل هذا الكمّ من الضغط والفقر والتمييز.
ورغم أن البلاد على فوهة بركان… الا أن النظام لا يزال يصم أذنيه.عن احتجاجات وغضب قطاعات واسعة من الشعب الإيراني