كتاب “الله أو الدمار” من تأليف الدكتور سعد جمعة، رئيس وزراء الأردن الأسبق، يُعد من أبرز الأعمال الفكرية التي تناولت أزمة الإنسان المعاصر من منظور ديني وأخلاقي.
نُشر الكتاب عام 1973م، ويقع في 431 صفحة، ويُعد من أبرز أعمال جمعة الفكرية التي تعكس رؤيته العميقة لمستقبل الأمة العربية والإسلامية في ظل التحديات الحضارية والسياسية.
الفكرة المحورية
يطرح المؤلف في هذا الكتاب رؤية حاسمة: إما العودة إلى الله والإيمان كمنهج حياة، أو مواجهة الدمار الأخلاقي والحضاري.
يرى جمعة أن غياب الإيمان بالله يؤدي إلى انحطاط الإنسان وتحوله إلى كائن مادي فاقد للمعنى، مما يجعله عرضة للانهيار القيمي والاجتماعي.
ويستشهد بآراء مفكرين عالميين مثل أندريه جيد، الذي أكد أن الإنسان بدون إيمان مهزوم لا محالة.
أبرز المحاور
1- الدين كضمانة أخلاقية:
يؤكد جمعة أن الدين هو المصدر الأساسي للالتزام الأخلاقي، وهو الحافز للنخوة والاستبسال. فالمؤمن وحده يرفض الذل ولا يغرّه الغرور ولا يخضع للإرهاب.
2- نقد الحضارة المادية:
ينتقد المؤلف الحضارة الغربية التي قامت على المادية والعقلانية المجردة، معتبراً أنها أدت إلى فراغ روحي وأخلاقي. ويرى أن هذا الفراغ هو السبب الرئيسي في الأزمات التي تعاني منها المجتمعات الحديثة.
3- الدعوة إلى العودة للقيم الروحية:
يدعو جمعة إلى ضرورة العودة إلى القيم الروحية والإيمان بالله كوسيلة لإنقاذ البشرية من التمزق والتشنج والضياع. ويرى أن الحل الديني هو الملاذ الأخير لإنقاذ البشرية من مآزقها.
أهمية الكتاب
يُعتبر “الله أو الدمار” من الكتب التي تجمع بين التحليل الفكري العميق والرؤية السياسية الثاقبة، حيث يعكس تجربة مؤلفه كرجل دولة ومفكر في آن واحد.
ويُعد الكتاب وثيقة فكرية مهمة لفهم التحديات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية في العصر الحديث.
أبرز أقوال الدكتور سعد جمعة
1- “المؤمن وحده هو الذي يرفض الذل، ولا يزدهيه غرور، ولا يخضع لإرهاب.”
2- “الإنسان بدون الله مهزوم لا محالة.”
3- “الإيمان بالله هو القوة الرادعة والقوة الدافعة، وبغيره لا تكون مروءة ولا يكون شرف.”
4- “لو فهمنا معنى الثأر ووعينا معنى الإيمان، لعلمنا أن قتال المسلم للمسلم كفر، واعتداء العرب على العرب خيانة.”
5- “أزمة الأمة العربية أزمة ثقة وأزمة أخلاق، وفقدان الثقة يؤجّج الأحقاد ويهيّج الكراهية.”
6- “يكاد يجمع كبار مفكري العالم على أن الانحلال الذي يوشك أن يدمر المصير الإنساني، مرده إلى غياب الإيمان بالله.”
7- “الدين هو مصدر الالتزام الأخلاقي، وهو حافز النخوة والاستبسال.”
تُبرز هذه الأقوال فلسفة د. سعد جمعة التي تربط بين الإيمان والأخلاق والسياسة، وتؤكد على أن العودة إلى القيم الروحية هي السبيل لإنقاذ الأمة من التمزق والضياع.

المؤلف د. سعد الدين جمعة
سعد محمد جمعة الأيوبي (1916 – 19 أغسطس 1979م) كان سياسيًا أردنيًا بارزًا، شغل منصب رئيس وزراء الأردن عام 1967م، وهو من أصول كردية.
النشأة والتعليم
وُلد سعد جمعة في مدينة الطفيلة جنوب الأردن عام 1916م، لعائلة من أصول كردية تعود إلى مدينة ديار بكر (تركيا)
أكمل تعليمه الثانوي في مدرسة السلط عام 1929م، ثم التحق بالجامعة السورية (جامعة دمشق) حيث حصل على شهادة الليسانس في الحقوق عام 1947م
المسيرة المهنية والسياسية
بدأ جمعة حياته المهنية في مجال الصحافة، ثم التحق بوزارة الخارجية الأردنية، حيث شغل عدة مناصب منها مدير عام المطبوعات والنشر، ورئيس الشعبة السياسية
كما عمل سكرتيرًا لرئيس مجلس الوزراء بين عامي 1950 و1954م، ثم وكيلاً لوزارة الداخلية بين عامي 1954 و1957م
شغل منصب محافظ عمّان، ثم وكيلاً لوزارة الخارجية، وعمل سفيرًا للأردن في طهران ودمشق وواشنطن
في عام 1965م، عُيّن وزيرًا للبلاط الملكي الهاشمي .
رئاسة الحكومة
في 23 أبريل 1967م، كلفه الملك الحسين بن طلال بتشكيل الحكومة الأردنية، وشغل فيها منصب رئيس الوزراء ووزير الدفاع
استقالت حكومته الأولى في 1 أغسطس 1967 بعد حرب الأيام الستة، وفي 2 أغسطس 1967، شكل حكومة ثانية استمرت حتى 7 أكتوبر 1967م
الفكر والكتابة
كان سعد جمعة مفكرًا وكاتبًا وأديبًا، وله إصدارات عديدة تناولت قضايا الأمة العربية والنكسة التي تعرضت لها .
من أبرز مؤلفاته:
1- “مجتمع الكراهية”
2- “أبناء الأفاعي”
3- “المؤامرة ومعركة المصير”،
4- “الله أو الدمار” .
الوفاة
توفي سعد جمعة في 19 أغسطس 1979م، في لندن إثر نوبة قلبية، ودُفن في عمان
————
يسري الخطيب