مقالات

مضر أبو الهيجاء يكتب: الأخطر في لقاء الشرع-ترامب هو اتفاقية ابراهام!

إضاءات شرعية سياسية مصيرية

من الطبيعي أن أي رئيس دولة سيلتقي برؤساء الدول المؤثرة في واقع الحال.

من البديهي أن الدول القوية والفاعلة والمؤثرة ستطلب من الدول الأضعف طلبات تحاكي أجنداتها وأهدافها القريبة والمتوسطة والبعيدة.

من غير الطبيعي أن تتجاوب قيادات الدول التي لها هوية ثقافية وخطة سياسية ورؤية حضارية وقيم أخلاقية مع كامل طلبات الخصوم دون فرزها ووضع خطة لكل منها.

فما هي أخطر طلبات الإدارة الأمريكية من الرئيس السوري أحمد الشرع؟

ابتداء فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، الأمر الذي يقودنا إلى سؤال داخلي حول الإدارة الأمريكية وترامب، فهل هو عدو أم صديق أم حليف؟

إن الجواب على هذا السؤال هو ما يحدد ماهية وكنه العقل والتصور والمشروع الذي يحمله ويؤمن به صاحب الجواب نفسه.

أعود فأقول بوضوح:

إن كل طلبات ترامب من الرئيس السوري أحمد الشرع، والتي تتعلق بمصطلح الإرهاب يمكن التعامل معها بمرونة في واقع الحال، سواء ما يتعلق منها بداعش، أو بغير السوريين الذين شكلوا رافدا للثورة السورية -يطلق الغرب عليهم مصطلح الأجانب-، أو بالشخصيات الفلسطينية -التي أطلق عليها ترامب وصف الإرهاب-.

الاتفاقيات الإبراهيمية مع إسرائيل!

إن أخطر مطالب ترامب من الرئيس السوري أحمد الشرع هي الدخول في اتفاقية ابراهام -ومضمونها جملة الاتفاقيات بين إسرائيل والدول العربية-، ولا شك عندي أنها اتفاقية حرام حرام حرام.

إن أي موافقة من حكام سورية الجدد على اتفاقية ابراهام يعني التالي:

1/ سقوط كلي لمعنى ومضمون وأهداف ورسالية الثورة السورية المباركة.

2/ تدجين سورية الجديدة من لحظة نشأتها وتكوينها لتكون في سياق المشروع الأمريكي المعادي.

3/ خيانة دماء شهداء الشام الأبرار، والذين هم حملة رسالة الحق والهدى والدين والعدالة، ولا ريب بأنهم من أحفاد الصحابة المكرمين.

4/ الانتقال السريع والسقوط المريع، من خلال التوافق مع الإدارة الأمريكية والتعامل معها، إلى التعاون معها في ملفات قادمة محرجة ومهلكة.

5/ إسقاط قيمة ومصداقية أحمد الشرع وفريقه الصلب.

وبكلمة يمكن القول إن التوريط الأمريكي لحكام سورية الجدد واسقاطهم في الرذيلة بشكل مباشر من خلال موافقتهم على اتفاقية ابراهام الإسرائيلية، هو بمثابة نحر سريع وحرف كبير ومنعرج خطر في كامل تجربة الشام الواعدة وعلى أرضها المباركة!

وإن حصل هذا -لا سمح الله- فإن واجب الحركات الإسلامية ومنظريها أن يعيدوا الإعتبار لياسر عرفات الذي وقع اتفاقية أوسلو -عندما كانت القضية الفلسطينية في أسوأ أوضاعها السياسية والاقتصادية على إثر الاجتياح العراقي للكويت- واعتباره صحابي هذا العصر، ويكون حينئذ محمود عباس رأس التابعين، لاسيما وهو يمارس التنسيق الأمني مع الإسرائيليين لأجل حفظ ما تبقى من فلسطين وشعبها المستضعف!

كيف يمكن أن يثبت الأخ أحمد الشرع؟ وكيف يمكن أن يخرج من تلك الورطة الحالقة؟

يمكن للرئيس السوري أحمد الشرع أن يثبت على الطريق ويخرج من تلك الورطة من خلال خطوتين رائعتين واجبتين نافذتين مبررتين، فما هما؟

الخطوة الأولى:

الرجوع لمفتي الشام وعالمها الكبير الشيخ أسامة الرفاعي بطلب الفتيا حول جواز أو حرمة الدخول في اتفاقية ابراهام مع الإسرائيليين، -كالإمارات العربية التي انصهرت مع الإسرائيليين المحتلين-.

الخطوة الثانية:

عرض اتفاقية ابراهام على الاستفتاء الشعبي لأهل الشام الكرام، لاسيما أنهم قدموا فلذات أكبادهم وديارهم وأموالهم لأجل استرداد هويتهم وعز دينهم، ولم يقوموا بثورتهم طلبا للخبز والرفاهية والحرية على حساب دينهم وأخلاقهم وانتمائهم ومبادئهم.

اليقين بالله سبحانه.. ولا يجتمع أهل الشام على ضلالة.

لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ومن عدل الله أنه مهما ابتلى المرء فردا أو جماعة بابتلاءات عظيمة، إلا وجعل لها حلولا ومخارج تستوجب البحث والنظر والاستقامة والصبر والثبات.

إن أهل الشام الكرام الذين تحدثت عنهم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين اختصهم الله وأرضهم بالبركة فجعل ديارهم محلا لمعراج رسول الله صلى الله عليه وسلم وموطنا لعودة المسيح عيسى بن مريم ومنطلقا لعودة الخلافة… لا يمكن أن يجتمعوا على ضلالة، فما هو مقصود هذا العرض والكلام؟

إن أحمد الشرع أمام خيارين أولهما فوز وثانيهما نحر وتلف وخسارة:

الخيار الأول:

الرجوع للشعب السوري النبيل والأخذ برأيه بعد تفويضه تفويضا حقيقيا وتحميله المسؤولية التاريخية والشرعية.

الخيار الثاني:

الافتئات على الشعب السوري وثواره الكرام، والتنكر للأمة العربية والإسلامية وعذاباتها وقضاياها الكبرى والمؤثرة، وذلك من خلال التفرد بالرأي والذهاب لما يريده الخصم تحت عناوين المرحلة والمصلحة، وحينها -لا قدر الله- لن يكون هناك فرق بين أبو محمد أحمد عباس وأبو مازن محمود الشرع.

مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 14/5/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى