فرض السياق الجيو استراتيجي و التداخل السكاني على طول الحدود الموريتانية المالية الطويلة على صناع القرار في في البلدين احتواء كل مشكلة تطل برأسها على جانبي الحدود وعدم خروج الأوضاع عن السيطرة واحتواء اي خلافات
ويعكس هذا النهج بحسب المحلل السياسي الموريتاني سلطان البان وعيا منهما لكافة أواصر الرحم والمصلحة بينهما وكذا تدافع عوامل الانسجام وأسباب الاختلاف وهو ما جعل الحكمة تتغلب على ما سواها من مضاربات التعاطي مع كل مستجد على الحدود التي ظلت عرفيّة لا رسمية منذ الاستقلال وإلى اليوم ضمن حركة مجال مفتوحة تمليها مصالح الشعبين عبر الحدود المتداخلة.
وكتب البان علي منصة “إكس قائلا “بينما كانت الميكانيكا التي أشرنا إليها سابقا تحكم سلوك وتفكير الحكام في مالي وموريتانيا دائما وأبدا شكل الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد عاصيمي اغويتا الذي منح نفسه مؤخرا رتبة جنرال نقطة تحول مثيرة في السياقات التي تحكم العلاقات بين الدول الجارة
ومضي للقول :ولعل السعي لاستدعاء مشكلة مع الخارج كانت بمثابة ديناميكية سياسية استخدمها الحكام الجدد في باماكو لصرف الأنظار عن سؤال مشروعية الحكم والمشاكل الداخلية المزمنة في الشمال هذا مايفسر التخلص من الحاضنة الديبلوماسية الجزائرية لاستفزازها والتحرش الأمني بالمواطنين الموريتانيين الذي بلغ في بعض الأوقات حدودنا مبالغ فيها.
كانت الحكمة وكذا الفهم العميق لمصالح البلد ولقواعد الاشتباك التي يريد الحكام الجدد في مالي فرضها على موريتانيا هي محددات الموقف الموريتاني الذي زاد من بواعث التريث فيه رئاسته للاتحاد الأفريقي والمصالح الحيوية في منظمة استثمار نهر السنغال والحاجة المتجددة للمواطنين الموريتانيين لعبور الحدود في الإتجاه الآخر بحثا عن المنتجعات
فكان موقف موريتانيا الدائم هو السعي لاقتناص المواقف و الانفعالية لحكّام مالي حتى ولو أدى ذلك لتململ المواطنين العاديين أو لاستغلاله من طرف بعض المعارضين في سياق المشاركة السياسية كما فعل مثلا: الضابط السابق ولد معيوف والوزير السابق سيدن عال ولد محمد خون المعتقل للتصريح في الموضوع.
ويشير البان أنه انطلاقا من المحدثات التي سبق ذكرها والتي لا مجال للقطيعة معها بحكم ضريبة الموقع والمصلحة فإن الحكمة تظل السلاح الأمضى في هذا الاشتباك.الاستراتيجي في الإقليم وحوله.

واستدرك ولكنها حكمة يجب أن تظل مدعومة بالقوة واليقظة الدائمة،وعلى معارضتنا الوطنية التمسك بالمصالح العليا للوطن وعدم استغلال ملفات المرحلة كالهجرة وغيرها للنيل من البلد بقصد النيل من حكومته.
وكانت العلاقات بين نواكشوط وباماكو قد شهدت خلال العام الماضي والأشهر الأولي من العام الحالي توترًا متصاعدًا ثر اتهامات موريتانية “اعتداءات متكررة” على مواطنيها داخل الأراضي المالية على يد الجيش وومقاتلي شركة “فاجنر” الروسية.
وفي هذه الأجواء استدعت نواكشوط السفير المالي لديها وقدمت له مذكرة احتجاج على “اعتداءات” طالت مواطنيها داخل الأراضي المالية، في في ظل تحذيرات من المراقبين بتدهور العلاقات بين البلدين من تدهور الوضع.
وزاد من التوتر ما شهدته الأراضي المالية والمناطق الحدودية بين البلدين من عمليات قتل قام بها الجيش المالي وميليشيا “فادنر” الروسية لمدنيين موريتانيين، وهو ما نفي المجلس العسكري المالي علمه به .
وترددت في هذا السياق أنباء عن تورط جنود من القوات المسلحة المالية بذبح موريتانيين على الشريط الحدودي بين البلدين، وتوالت بعد ذلك أحداث مشابهة من القتل والاختطاف داخل القرى والأراضي المالية،وفق اتهامات الجانب الموريتاني .
ووفقا لتقارير دولية صدرت من منظمة “إكليد” غير الحكومية، فإنّ 43 مدنيًّا موريتانيًّا قتلوا على يد القوات المالية و”فاجنر” منذ 2022، مما فتح الباب أمام فتور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين
كما يجب على الإعلاميين والسياسيين اقتناص الفرص إدراك أن مالي ليس لديها ما تخسره بتأجيج الأوضاع في حين أن موريتانيا ليس لها ماتكسبه من أي تصعيد وهي في وضع استراتيجي مريح نسبيا..