حققت مؤسسة تدعمها الولايات المتحدة ومكلفة بتوفير المساعدات لقطاع غزة بداية متعثرة، مع عدم وجود إشارة واضحة إلى أنها قامت بتوزيع الإمدادات التي وعدت بها، بعد يوم واحد من استقالة رئيسها بشكل غير متوقع.
وتأتي خطة المساعدات، التي أقرتها إسرائيل ورفضتها الأمم المتحدة، وسط هجمات إسرائيلية شرسة على القطاع، بما في ذلك على مبنى مدرسة حيث قُتل العشرات من الفلسطينيين الذين كانوا يحتمون في داخلها.
ومع استمرار النقص الحاد في الغذاء بعد حصار دام قرابة ثلاثة أشهر، تقول الولايات المتحدة إنها تعمل على استعادة وقف إطلاق النار بعد أكثر من 19 شهراً من الحرب، لكن التقدم لا يزال بعيد المنال.
قال مسؤول فلسطيني إن حركة حماس وافقت على اقتراح أميركي بهدنة وإطلاق سراح عشرة رهائن إسرائيليين، لكن مسؤولا إسرائيليا رفض الاقتراح ووصفه بأنه غير مقبول، نافيا أن تكون الولايات المتحدة هي التي اقترحته.
ورفض المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف التقارير التي تفيد بأن حماس وافقت على اقتراحه، وقال لرويترز إن ما شاهده “غير مقبول على الإطلاق”.
وواجهت إسرائيل احتجاجات دولية متزايدة هذا الشهر، بما في ذلك من حلفائها الغربيين، عندما شنت هجوما جديدا على غزة التي دمرها القصف الإسرائيلي إلى حد كبير بالفعل، حيث يواجه سكانها البالغ عددهم مليوني نسمة خطر المجاعة.
قالت ألمانيا، الحليف الوثيق لإسرائيل، إن الهجمات الأخيرة على غزة ألحقت خسائر فادحة بالمدنيين ولم يعد من الممكن تبريرها على أنها قتال ضد حماس، التي أشعلت الحرب بهجومها عبر الحدود في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على إسرائيل.
سمحت السلطات الإسرائيلية الأسبوع الماضي بدخول كميات قليلة من المساعدات إلى القطاع الفلسطيني لأول مرة منذ شهر مارس/آذار.
ومع ذلك، فإن المئات من الشاحنات كانت تحمل فقط جزءا صغيرا من الغذاء المطلوب.
وقالت مؤسسة غزة الإنسانية، التي تعتزم استخدام مقاولين من القطاع الخاص يعملون تحت مظلة أمنية إسرائيلية واسعة النطاق، إنها ستبدأ عمليات التسليم اليوم، بهدف الوصول إلى مليون فلسطيني بحلول نهاية الأسبوع.
وقالت في بيان “نخطط للتوسع بسرعة لخدمة السكان بالكامل في الأسابيع المقبلة”.
وأظهرت وسائل إعلام إسرائيلية صورا لصناديق مساعدات مصفوفة في حي تل السلطان في رفح إلى جانب طاولات فارغة يبدو أنها مهيأة لتوزيع المساعدات.
ولم ترد المؤسسة والمسؤولون الإسرائيليون المعنيون على طلبات التعليق.
وقال الفلسطينيون إنهم لم يروا أي إشارة إلى توزيع أي مساعدات اليوم من قبل الشركة الجديدة.
وأعلن المدير التنفيذي للمؤسسة جيك وود استقالته أمس، قائلا إن المؤسسة لا تستطيع الالتزام “بالمبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال”.
وتعرضت المؤسسة المسجلة في سويسرا لانتقادات شديدة من جانب الأمم المتحدة، التي قال مسؤولوها إن خطط توزيع المساعدات التي وضعتها الشركة الخاصة غير كافية للوصول إلى أكثر من مليوني شخص من سكان غزة.
وستعتمد العملية الجديدة على أربعة مراكز توزيع رئيسية في جنوب غزة والتي ستعمل على فحص العائلات بحثًا عن تورطها مع مسلحي حماس، وربما باستخدام تقنية التعرف على الوجه أو التكنولوجيا البيومترية، وفقًا لمسؤولي الإغاثة.
ومع ذلك، لا تزال العديد من التفاصيل حول كيفية عمل العملية غير واضحة، ولم يتضح على الفور ما إذا كانت جماعات الإغاثة التي رفضت التعاون مع المؤسسة ستتمكن من إرسال الشاحنات.
وأدانت حركة حماس النظام الجديد، قائلة إنه “سيستبدل النظام بالفوضى، وينفذ سياسة التجويع المتعمد للمدنيين الفلسطينيين، ويستخدم الغذاء كسلاح أثناء الحرب”.
وتقول إسرائيل إن هذا النظام يهدف إلى فصل المساعدات عن حماس، التي تتهمها بسرقة واستخدام الغذاء لفرض السيطرة على السكان، وهو الاتهام الذي ترفضه حماس، التي تقول إنها تحمي قوافل المساعدات من عصابات اللصوص المسلحين.
وقالت السلطات الصحية المحلية إن الغارات الإسرائيلية أسفرت عن مقتل 45 شخصا على الأقل.
وفي مدينة غزة، قال مسعفون إن 30 فلسطينيا، بينهم نساء وأطفال نازحون كانوا يبحثون عن مأوى في مدرسة، قتلوا في غارة جوية.
وأظهرت صور تم تداولها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي ما يبدو أنها جثث متفحمة بشدة يتم انتشالها من تحت الأنقاض.
وأكد الجيش الإسرائيلي استهداف المدرسة.
وقالت إن المبنى كان يستخدم كمركز من قبل مسلحي حماس والجهاد الإسلامي للتخطيط وتنظيم الهجمات.
وقالت فرح نصير، التي نجت من الهجوم، إن “المتعبين فقط” الذين كانوا بحاجة إلى الطعام والماء كانوا في المدرسة.
وأضافت، وهي تحمل طفلاً في حضنها: “هربنا إلى الجنوب، فقصفونا في الجنوب. عدنا إلى الشمال، فقصفونا في الشمال. جئنا إلى المدارس… لا يوجد أمن ولا أمان، لا في المدارس، ولا في المستشفيات – ولا في أي مكان”.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه استخدم أسلحة دقيقة وعمليات مراقبة وخطوات أخرى للتخفيف من خطر إلحاق الأذى بالمدنيين.
ولم تقدم أدلة على أن المدرسة كانت تستخدم من قبل المسلحين.
أفاد مسعفون بأن غارة أخرى على منزل في جباليا، المجاورة لمدينة غزة، أسفرت عن مقتل 15 شخصًا على الأقل.
وأعلنت السويد أنها ستستدعي السفير الإسرائيلي في ستوكهولم بشأن الوضع الإنساني في غزة.
وصعدت إسرائيل عملياتها العسكرية في القطاع في أوائل مايو/أيار، قائلة إنها تسعى إلى القضاء على القدرات العسكرية والحكمية لحماس وإعادة الرهائن المتبقين.
وقد أدت الحملة، التي قال نتنياهو إنها ستنتهي بسيطرة إسرائيل الكاملة على غزة، إلى تضييق الخناق على السكان في منطقة ضيقة باستمرار في المناطق الساحلية وحول مدينة خان يونس الجنوبية.
لقد أدت الحملة الإسرائيلية، التي بدأت بعد أن اقتحم مسلحون إسلاميون بقيادة حماس المجتمعات الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، إلى تدمير غزة ودفع كل سكانها تقريبا إلى مغادرة منازلهم.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي عن مقتل أكثر من 53 ألف شخص في غزة، أغلبهم من المدنيين، بحسب السلطات الصحية في القطاع.
