قضى 70 شخصا جراء الكوليرا في العاصمة السودانية، على ما أعلن مسؤولو الصحة، في وقت تكافح الخرطوم التفشي المتسارع للمرض وسط انهيار الخدمات الأساسية.
وأعلنت وزارة الصحة في ولاية الخرطوم تسجيل 942 حالة إصابة جديدة و25 وفاة، الأربعاء، غداة تسجيل 1177 حالة إصابة و45 وفاة الثلاثاء.
وكانت الوزارة أعلنت الثلاثاء في بيان ارتفاعا حادا في حالات الكوليرا. وشهدت ولاية الخرطوم وحدها 90% من الإصابات الجديدة، بحسب المصدر ذاته.
وأشار تقرير سابق إلى أنّ 51 شخصا لقوا مصرعهم في الأسابيع الثلاثة الأولى من مايو (أيار) في البلد الغارق في الحرب، حيث نزح 70% من السكان وأصبح 90% من محطات ضخ المياه خارج الخدمة، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
ودقّت نقابة أطباء السودان ناقوس الخطر، الثلاثاء، معتبرة أن عدد الضحايا “أكبر بكثير” مع مئات الوفيات في العاصمة وحدها.
وفي بيان شدّدت النقابة على أنّ مستشفيات العاصمة تعاني من نقص حاد في “المحاليل الوريدية” ومصادر المياه النظيفة ومن غياب شبه تام لأجهزة التعقيم.
وقبل انسحابها الأسبوع الماضي، نفّذت قوات الدعم السريع ضربات عدة بمسيّرات، لا سيّما في ولاية الخرطوم ضد ثلاث محطات كهرباء، ما أدّى إلى حرمان العاصمة من الكهرباء لأيام.
وقال المنسّق الطبي لمنظمة “أطباء بلا حدود” في الخرطوم سليمان عمار الجمعة “انقطعت الكهرباء عن محطات معالجة المياه ولم يعد بإمكانها توفير المياه النظيفة من النيل”.
وقال بشير محمد، أحد سكّان أم درمان بولاية الخرطوم، لوكالة فرانس برس “أصبحنا نستجلب المياه من النيل مباشرة، حيث نشتريها من عربات تجرها الحمير وتأتي بها في براميل من النيل مباشرة”.
وقال طبيب في مستشفى النو في أم درمان لوكالة فرانس برس إن هذه المياه غير المعالجة هي “السبب الرئيسي لانتشار” الوباء.
الكوليرا مرض متوطن أصلا في السودان، لكن العدوى أصبحت أكثر تواترا وضراوة بسبب انهيار المنشآت الصحية والأضرار الناجمة عن الحرب.
تنتشر هذه العدوى المعوية الحادة عن طريق الطعام والماء الملوثين ببكتيريا ضمة الكوليرا، وغالبا من خلال البراز. ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة خلال ساعات إذا تُركت من دون علاج.
وفي مواجهة التدفق الهائل للمرضى، أطلق المتطوعون في غرف الطوارئ نداءً عاجلا للمتخصصين في الرعاية الصحية من ذوي الخبرة لتعزيز الفرق الطبية في المستشفيات.
وقال أحد المتطوعين الذين اتصلت بهم وكالة فرانس برس إن “أعداد المرضى أكبر من طاقة المستشفيات وأعداد الكوادر الطبية لا تكفي. بعض المرضى على الأرض في ممرّات المستشفى”.
وبحسب نقابة الأطباء، اضطر ما يصل إلى 90% من مستشفيات البلاد إلى الإغلاق مؤقتا في وقت ما بسبب الاشتباكات.
وقدّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في أبريل (نيسان) أنّ ما 70% إلى 80% من المرافق الصحية في المناطق المتضررة أصبحت خارج الخدمة مؤقتا.
وقد أدّت الحرب التي دخلت عامها الثالث إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح 13 مليون شخص، وتسببت بما وصفته الأمم المتحدة بأنه “أسوأ أزمة إنسانية” لا تزال قائمة في العالم.