صدق القرءان الكريم فى ما قاله عن اليهود حين قال الله تعالى فى كتابه الشريف “
﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾ صدق الله العظيم . سورة الحشر آية 14 .
وتفسير الآية يقول لا يواجهكم اليهود بقتال مجتمعين إلا في قرى محصنة بالأسوار والخنادق، أو من خلف الحيطان، عداوتهم فيما بينهم شديدة، تظن أنهم مجتمعون على كلمة واحدة، ولكن قلوبهم متفرقة؛ وذلك بسبب أنهم قوم لا يعقلون أمر الله ولا يتدبرون آياته.
وفى نفس السياق نشرت وكالة أسوشيتد برس، تقريرا صحفيا قام به صحفيوها فى غزة وكشفوا فيه شهادات مروعة عن ممارسة منهجية تقوم بها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، تتمثل في إجبار المدنيين الفلسطينيين على العمل كدروع بشرية خلال العمليات العسكرية، في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني.
بحسب التقرير، قال الفلسطيني أيمن أبو حمدان (36 عامًا) إنه اعتُقل في شمال غزة خلال صيف عام 2023، وفُصل عن أسرته ثم أُجبر على المشاركة في ما وصفه بـ”مهمة خاصة”، تمثلت في دخول المنازل والأنفاق بحثًا عن متفجرات أو مسلحين، بينما كان الجنود يتمركزون خلفه. وأضاف أن الوحدات العسكرية كانت تتناوبه فيما بينها، ولم يُفك قيده أو يُزال العصابة عن عينيه إلا أثناء هذه المهام القسرية، موضحًا: “قالوا لي: إمّا أن تفعل هذا أو نقتلك.”
ونقلت أسوشيتد برس عن ضابط إسرائيلي – فضّل عدم الكشف عن هويته – قوله إن مثل هذه الأوامر كثيرًا ما تأتي من رتب عليا، وأن بعض الوحدات كانت تستخدم فلسطينيين بشكل منتظم لتفتيش المواقع المشبوهة.
كما تحدثت الوكالة إلى سبعة فلسطينيين قالوا إنهم استخدموا كدروع بشرية، بالإضافة إلى جنديين إسرائيليين شاركا في هذه الممارسات، حيث أكدوا أن هذه الظاهرة أصبحت شائعة بشكل غير مسبوق منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، وبلغت ذروتها بحلول منتصف عام 2024.
تحقيقات إسرائيلية وتصريحات رسمية
وفي ردها على الاتهامات، قالت القوات المسلحة الإسرائيلية في بيان لـأسوشيتد برس إنها تحظر تمامًا استخدام المدنيين في المهام العسكرية أو كدروع بشرية، مشيرة إلى أنها تقوم بتأكيد هذه التعليمات بشكل دوري على الجنود. وأضاف البيان أن هناك تحقيقات جارية في عدد من الحالات، لكنها لم تقدم تفاصيل إضافية، ولم تجب عن الأسئلة المتعلقة بمدى انتشار الظاهرة أو صدور أوامر بها من القادة.
روايات أخرى ودلالات خطيرة
منظمات حقوق الإنسان عبّرت عن قلقها البالغ، معتبرة أن استخدام المدنيين كدروع بشرية بات “إجراءً شائعًا”، رغم أن المحكمة العليا الإسرائيلية كانت قد حظرت هذه الممارسة في عام 2005. وقال نداف وايمان، المدير التنفيذي لمنظمة “كسر الصمت”، إن هذه ليست حالات فردية، بل تدل على “فشل منهجي وانهيار أخلاقي خطير”.
وتحدث أحد الجنود الإسرائيليين عن تعليمات داخلية صدرت تحت اسم “بروتوكول البعوض”، حيث كان يُطلق على المدني الفلسطيني لقب “الزنبور”، ويُطلب من الجنود “إحضار بعوضة” للمشاركة في المهام العسكرية.
ووثّق أحد الضباط مقتل فلسطيني بطريق الخطأ بعد أن استخدمته وحدة أخرى كدرع، دون تنسيق بين الوحدات، مما أدى إلى إطلاق النار عليه. كما أشار إلى وفاة فلسطيني آخر فقد وعيه أثناء تفتيش نفق، ولم تُقدَّم له الإسعافات.
حالات من غزة والضفة الغربية
قال مسعود أبو سعيد، 36 عامًا، إنه أُجبر في مارس 2024 على تفتيش مبانٍ ومستشفى في خان يونس. وأضاف: “قلت لأحد الجنود: هذا خطر جدًا. لدي أطفال وأريد العودة إليهم.” وفي إحدى العمليات، التقى بشقيقه الذي كان يُستخدم كدرع بشري من قبل وحدة أخرى.
في الضفة الغربية، قالت حَزَار إستيتي من مخيم جنين إن جنودًا استولوا على منزلها في نوفمبر، وأجبروها على تصوير وتفتيش شقق سكنية، بينما توسلت للعودة إلى طفلها البالغ من العمر 21 شهرًا، دون جدوى. وأردفت: “كنت خائفة جدًا من أن يقتلوني… وأنني لن أرى طفلي مجددًا.”
رفض ومقاومة داخلية محدودة
قال أحد الجنود إن وحدته حاولت رفض تنفيذ أوامر استخدام المدنيين كدروع بشرية، إلا أن ضابطًا رفيعًا أبلغهم بأن “لا خيار آخر”. وأكد الرقيب – الذي رفض ذكر اسمه – أن وحدته استخدمت فتى يبلغ من العمر 16 عامًا ورجلًا آخر لعدة أيام، وكانا يرتجفان ويرددان “رفح” – المدينة التي لجأ إليها أكثر من مليون فلسطيني جنوب غزة.
صراع أخلاقي
علق مايكل شميت، أستاذ القانون الدولي في أكاديمية “ويست بوينت” العسكرية الأميركية، قائلاً إن من الصعب على الجنود الالتزام بالقانون الدولي بينما يرون الطرف الآخر – في إشارة إلى حماس – يستخدم المدنيين لأغراض عسكرية. وأضاف: “من الصعب جدًا أن تطلب من جنودك الالتزام بالقانون في مثل هذه الظروف.”
ورغم إدانات إسرائيل المستمرة لاستخدام حماس للمدنيين كدروع بشرية، فإن هذا التحقيق الذي نشرته وكالة أسوشيتد برس يلقي الضوء على ممارسات مشابهة تُمارس من الطرف الإسرائيلي، ما يفتح الباب أمام تساؤلات قانونية وأخلاقية أوسع بشأن سلوك القوات في ساحة المعركة.