بين عامي 2020 و2024 حصلت جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في لبنان على تمويلات خارجية بلغت 6.7 مليار دولار وفقًا لما كشفه تقرير رسمي صادر عن وزارة المالية اللبنانية. من هذا المبلغ، تم تحويل نحو 1.7 مليار دولار إلى الخارج لأغراض متعددة، ليبقى صافي ما استُخدم محليًا داخل لبنان 4.96 مليار دولار، بمتوسط سنوي يصل إلى 992 مليون دولار.
ويشير التقرير إلى أن جزءًا من هذه الأموال خُصّص لدعم اللاجئين السوريين، مما يثير تساؤلات حول التوزيع الفعلي للتمويلات وأولويات الإنفاق بين الفئات اللبنانية الأكثر حاجة واللاجئين.
حصلت جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية العاملة في لبنان على تمويلات خارجية بلغت ستة مليارات وسبعمائة مليون دولار أمريكي بين عامي ألفين وعشرين وألفين وأربعة وعشرين ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة المالية اللبنانية فإن هذه الجمعيات حولت ما يقارب مليار وسبعمائة مليون دولار إلى الخارج بينما استُخدم ما تبقى منها داخل لبنان ليصل صافي ما تم ضخه في الداخل إلى نحو أربعة مليارات وتسعمائة وستين مليون دولار بمتوسط سنوي يقدر بتسعمائة واثنين وتسعين مليون دولار وتشير الأرقام إلى أن جزءا كبيرا من هذا التمويل تم توجيهه لدعم اللاجئين السوريين الذين يعيشون على الأراضي اللبنانية وهو ما يعكس توجهات المانحين الدوليين الذين غالبا ما يربطون التمويل ببرامج خاصة تتعلق باللاجئين دون أن تعود الفائدة المباشرة على الفئات اللبنانية المحتاجة
من الناحية الاقتصادية يمثل هذا الرقم نسبة كبيرة مقارنة بحجم الاقتصاد اللبناني المتراجع خلال السنوات الأخيرة حيث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للبنان حاليا أقل من عشرين مليار دولار سنويا مما يجعل التمويل الخارجي للجمعيات يشكل ما يزيد عن ربع الناتج المحلي ومع ذلك لم يُلحظ أثر مباشر لهذا التمويل في تحسين مستوى المعيشة أو توفير فرص عمل أو دعم بنية تحتية مستدامة مما يطرح علامات استفهام حول كفاءة إدارة هذه الأموال كما أن تحويل جزء كبير من الأموال إلى الخارج يثير شكوكًا حول طبيعة التعاقدات التي تقوم بها الجمعيات مع مؤسسات دولية ومقرات خارجية غالبا ما تستنزف جزءا مهما من التمويل على شكل نفقات إدارية أو عقود استشارية لا يستفيد منها المواطن اللبناني بشكل مباشر
أما على الصعيد الاجتماعي فقد أدى تركيز الدعم على اللاجئين إلى تصاعد مشاعر التهميش داخل شريحة واسعة من اللبنانيين خصوصا في المناطق الفقيرة حيث يشعر الكثيرون بأنهم خارج أولويات المساعدات في الوقت الذي يعانون فيه من انهيار اقتصادي ومعيشي خانق كما أن غياب الرقابة الصارمة من قبل الدولة على أنشطة هذه الجمعيات فتح المجال أمام تكرار الشكاوى المتعلقة بعدم العدالة في توزيع المساعدات وظهور ما يُشبه الطبقة المستفيدة من المانحين داخل الأطر التنظيمية للجمعيات نفسها وهو ما يعزز الزبائنية ويكرس اعتماد المجتمع على المساعدات لا على بناء آليات إنتاج أو تنمية حقيقية
وفي ظل ضعف الدولة وتراجع مؤسساتها الأساسية باتت الجمعيات تؤدي أدوارا محورية في توفير خدمات أساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والغذاء وهو ما يكرس دورها كبديل للدولة لكنه في الوقت نفسه يطرح تساؤلات عميقة حول مستقبل الحوكمة والاستقلالية في السياسات التنموية في لبنان كما أن الاعتماد المفرط على الخارج في تمويل هذه الجمعيات يجعلها في كثير من الأحيان خاضعة لتوجهات المانحين وشروطهم وهو ما قد لا يتوافق دائمًا مع أولويات المجتمع اللبناني
لذلك فإن استمرار هذا الواقع يتطلب مراجعة شاملة لإطار عمل المجتمع المدني في لبنان تضمن الشفافية والمساءلة وربط التمويل الدولي بخطط تنموية محلية واضحة وشاملة وتفعيل الدور الرقابي للدولة من أجل ضمان أن تصل المساعدات إلى مستحقيها الحقيقيين وأن تُستخدم في مشاريع ذات أثر اجتماعي واقتصادي مستدام يساهم في تخفيف الأزمات المتراكمة بدلًا من تعميقها