كنت في محاضرة تتعلق بمقارنة الأديان، وهو علم أصبحت له مقررات خاصة في الجامعات الإسلامية وبهذا العنوان (مقارنة الأديان) كما هو معلوم.
استوقفني أحد الطلاب ليسأل سؤال المستغرب وربما المستنكر: هل هو دين واحد أو أديان متعددة؟
السؤال بحد ذاته خطأ من الناحية العلمية، لأننا نأخذ في هذا المقرر الأديان المختلفة (اليهو دية والنصرانية والبوذية والهندوسية والكونفوشية) وغيرها، وهي ديانات موجودة على أرض الواقع، ويتعبّد بها ملايين البشر، وهي ديانات مختلفة أشد الاختلاف ولا يمكن أن تكون كلها دينا واحدا.
وفي تقديري أن هذا الخطأ ربما كان بسبب أن بعض الدعاة ردّد كثيرا (أن الدين واحد، وإنما الخلاف في الشرائع)، وهذه العبارة يمكن أن تفهم بشكل صحيح، ويمكن أن تفهم بشكل خطأ، فإذا فهمت؛ أن الدين الذي جاء به رسل الله من نوح إلى محمد عليهم الصلاة والسلام دين واحد، وإن اختلفت شرائعهم التفصيلية، فهذا الفهم صحيح (إن الدين عند الله الإسلام).
وإذا فهمت بأن الديانات الأخرى سواء التي وضعت من قبل البشر كالبوذية، أو تدخل البشر في تحريفها كالنصرانية، أنها لا تسمّى (أديانا) فهذا خطأ بلا شك، وهو مخالف لصريح القرآن، اقرأ مثلا
-كيف يسمّي الله تعالى الشرك دينا، فيقول (لكم دينكم ولي دين) والخطاب للمشركين، فهاهنا دينان؛ دين التوحيد، ودين الشرك.
-وفي قصة سيدنا يوسف قال: (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) فهنا دينان أيضا؛ دين الله الذي جاء به سيدنا يوسف، ودين الملك.
والعبرة يا إخواني أن الذي يسمع كلام العلماء والدعاة وهو ليس من أهل العلم عليه أن يحرص على فهم كلامهم بشكل دقيق، لأني رأيت كثيرا من الشباب يتبنى مقولة سمعها فعلقت بذهنه فأصبحت كأنها النص، فأخذ يجادل بها وينكر على من يخالفه في فهمها، علما أنها قد لا تكون من مسائل الخلاف أصلا.
ربما سأتناول مقولة أخرى سمعتها منذ أيام أعجبت بعض الشباب فأخذتهم بعيدا عن الصواب، والله تعالى أسأل أن يفقهنا في ديننا ويحسن خاتمتنا.
وصلى الله تعالى وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.