من الشخصيات البارزة الواعية التي اثّرت فينا وغيرت مصيرنا والهمتنا فكرة معتدلة وثقافة مزدهرة و ناضرة هي شخصية الإمام الداعية الرحالة الأديب الأريب الواعي أبي الحسن علي الحسني الندوي، رحمه الله تعالى، هذه الشخصية العلمية الرحالة الداعية كانت بعيدة عن التطرف والجمود والافراط والتفريط، لهذه المفردات المذكورة تكون تداعيات وخيمة ومضرة تودي إلى إثارة الفتن والفوضي والحروب الشعواء الضروس في صفوف المسلمين، اليوم، التيارات المتطرفة السقيمة أحدثت مخاطر ومشاكل خطيرة في العالم الإسلامي التي أدت إلى تشويه وجه العالم الإسلامي على مرأى و مسمع من العالم ، وفكرة الإرهاب والتطرف هي وليدة ترهات التيارات المتشددة التي تتظاهر بالتدين ، جرت وراءها كل الويل للأمة الإسلامية ،
نظراً إلى هذه التحديات والأزمات المعرقلة العسيرة التي كانت تعاني منها الأمة الإسلامية وتئن منها، جاء الإمام أبو الحسن الندوي بفكرة نيرة صائبة معتدلة كحلول لحل المشاكل والمخاطر التي تولدها فكرة التطرف والتشدد، الفكرة المعتدلة تحمل في طياتها الصلح والهدوء والطمأنينة للمسلمين في كافة الأصعدة، وفكرة التطرف والتشدد كالمدخلية المتطرفة والسلفية الباغية تحمل أنواعا من الخلافات المثيرة للحروب والفوضي والأعمال العنيفة في البلاد،
أما الشيخ الندوي رحمه الله تعالى، كان يتمتع بالمنهج النبوي المعتدل، بعيداً عن التيارات المتشددة،
واستلهم هذا النهج السديد بعد دراسته العميقة وأبحاثه الواسعة ومعرفته وخبرته العالية في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ومعرفته التامة بالتاريخ الإسلامي وسير الدول والحكومات التي كانت تحكم بالعالم الإسلامي وغيره،
هذه الفكرة المعتدلة التي كان يتمتع بها شيخنا رحمه الله هي التي فتحت أمامه أبواب القادة والملوك والعلماء والرموز الإسلامية الكبرى واوصلهم الرسالة السماوية التي وضعها الله تعالى على عاتقه إليهم ونصحهم ووعظهم وذكرهم بالمسؤولية الكبرى التي هم مسؤولون عنها يوم القيامة، الذي يتمتع بالمعرفة الكاملة و الفهم العميق للإسلام يمكنه أن ينجز ما لم يستطع إنجازه مئات من الذين وقعوا في دوامة التطرف والتشدد والتكفير، التعصبات العشوائية التافهة التي يحملها بعض الرجال تجاه الأفكار والتيارات والمكاتب الفكرية التي ينتسبون إليها ويعدون العدول عنها بقدر رأس إبرة كفراً و ارتداداً والعياذ بالله هي التي تسبب في إثارة الفتن والمشاكل الخطيرة في الإسلام.
كأنّهم يريدون البقاء في تلك الأفكار طيلة أعمارهم، ولا يقبلون التجدد والتماشي وفق الحاجات الراهنة والأوضاع التي تحدث يومياً في العالم، هذه الفكرة خلفت كثيراً من المدارس والمعاهد والتيارات النشيطة في العالم الإسلامي عن النمو والازدهار والرقي والعطاء العلمي،
أما شيخنا رحمه الله تعالى والفكرة التي ارتوى منها ونهل من ينابيعها وكسر أقفال هذا الجمود الفكري السائد في العالم الإسلامي وجمع بين الأصالة والمعاصرة، ربى جيلاً بعيداً عن التطرف والجمود والافراط والتفريط، يجمع بين كافة الشعوب المسلمة تحت راية التوحيد النقي والشريعة الإسلامية الغراء التي لا تقبل التطرف والجمود.
بل هي الشريعة الإلهية التي لها كفاءتها وقوتها التي تناسب كافة أطوار الحياة الإنسانية بعيدة عن الجمود والتطرف، بل هي أمة مسلمة معتدلة وسطية، وكانت للإمام الندوي صولات وجولات في أرجاء المعمورة يحمل فيها الفكرة الإسلامية المعتدلة ليوصلها إلى الإنسانية ويعرف لها الإسلامي الحقيقي، كذلك كتبه ومحاضراته وخطبه خير دليل على ما أسطره في هذا المقال الوجيز.