كشفت دراسة بحثية مزلزلة النقاب عن كارثة مناخية غير مسبوقة تنفجر في قلب العالم فالبصمة الكربونية لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة خلال خمسة عشر شهراً فقط تجاوزت تلوث مئة دولة مجتمعة في عام كامل هذه الأرقام الفلكية ليست مجرد إحصاءات باردة بل هي شهادة إدانة على جريمة مزدوجة تدفع ثمنها البشرية جمعاء فبينما يموت أطفال غزة تحت القصف والجوع يختنق الكوكب بدخان آلة الحرب التي تغذيها أمريكا وبريطانيا
لقد حوّل الدمار الشامل لغزة القطاع إلى قنبلة مناخية موقوتة إذ تتجاوز التكلفة البيئية طويلة المدى لتطهير الأنقاض السامة وإعادة البناء 31 مليون طن من الكربون وهو رقم يفوق انبعاثات دول بأكملها لكن المفارقة الأكثر إيلاماً تكمن في تفاصيل هذه الجريمة المناخية فبينما أنتجت صواريخ المقاومة 3 آلاف طن فقط من الانبعاثات أي ما يعادل 02 بالمائة من المجموع جاء 99 بالمائة من الآلة العسكرية الإسرائيلية المدعومة غربياً
ثلاثون بالمئة من سحابة الكربون الكثيفة نتجت عن شحنات الأسلحة الأمريكية التي عبرت المحيطات عشرون بالمئة انبعثت من دبابات الاحتلال المحترقة لأوكسجين الأرض أربعون بالمئة صدرت من شاحنات المساعدات المزعومة التي حولتها إسرائيل إلى أدوات تلويث في لعبة إنسانية مسمومة لقد دمر الاحتلال عمداً نظام الطاقة الشمسية المتقدم الذي كان يولد ربع كهرباء غزة محولا القطاع إلى سجن يعتمد على مولدات الديزل الخانقة
الآن تقبع غزة تحت 60 مليون طن من الأنقاض الملوثة التي ستتطلب إزالتها قوافل شاحنات تكفي للف حول الكرة الأرضية مرة ونصف المرة عملية إعادة بناء 436 ألف شقة مدمرة و700 مدرسة مهدومة ستطلق في الغلاف الجوي انبعاثات تعادل مجمل تلوث أفغانستان لعام كامل الأنقاض السامة ستتسرب إلى المياه الجوفية لتسمم الأجيال القادمة والتربة لعقود
لكن الدمار لم يقتصر على غزة فحرب الإبادة أشعلت حرائق مناخية في المنطقة كلها إغلاق الحوثيين للبحر الأحمر بعد القصف الإسرائيلي المتكرر زاد انبعاثات الشحن العالمي 63 بالمئة قصف لبنان الشقيق خلّف تلوثاً يعادل انبعاثات جزيرة كاملة التبادل الصاروخي مع إيران أنتج 5000 طن كربون حملت إسرائيل وحدها 80 بالمئة منها
في المشهد الأكثر قسوة تتحول طائرات الشحن الأمريكية المحملة بالذخائر إلى قطارات للموت المناخي بينما تتحول الدبابات الإسرائيلية إلى مصانع متحركة لحرق وقود الأحفوري وحرق مستقبل الأطفال معاً صمت المجتمع الدولي يشكل الوقود الذي يغذي هذه المحرقة الكوكبية فبينما تغرم الحكومات المواطن على انبعاثات فردية تطلق إسرائيل 31 مليون طن كربون دون محاسبة
الأطفال الذين ينتظرون قطرة ماء تحت الخيام الممزقة في رفح لن يعرفوا أنهم ضحايا مزدوجون ضحايا لقذائف اليوم وضحايا لحرائق الغد البيئية كل قنبلة إسرائيلية لا تمزق جسد طفل فلسطيني فقط بل تمزق أوزون الأرض كل صاروخ أمريكي لا يقتل إنساناً في خان يونس بل يسخن محيطات الكوكب كل صمت دولي لا يخون ضمير الإنسانية فحسب بل يسرع نهاية الحياة على هذا الكوكب
هذه الحرب ليست معركة غزة وحدها إنها جريمة ضد الأرض نفسها ضد الهواء الذي نتنفسه والمستقبل الذي نتمناه لأطفالنا غزة المحترقة تحذير مصيري فإما أن تستفيق البشرية لتوقف آلة الحرب المجنونة أو تستعد لوداع نهائي لكوكب أصبح رهينة لدخان المعارك وصمت الظالمين