يقدم الدكتور عبدالقادر بغاديد في كتابه الجديد دراسة معمّقة حول حضور نظرية التلقي في التراث النقدي العربي، مركزًا بشكل خاص على جهود الناقد الأندلسي حازم القرطاجني، وخاصة في كتابه المرجعي “منهاج البلغاء وسراج الأدباء”.
هدف الكتاب:
يسعى المؤلف إلى إعادة الاعتبار لإسهامات حازم القرطاجني، وتسليط الضوء على إرهاصات نقدية مبكرة سبقت المنظّرين الغربيين في الاهتمام بالمتلقي كعنصر فعّال في العملية الأدبية، وتحديدًا من خلال مقارنة منهجية مع نظريات ياوس وآيزر.
بنية الكتاب:
يقع العمل في ثلاثة فصول رئيسية:
الفصل الأول: التأسيس الغربي لنظرية التلقي
يعرض لأصول النظرية في السياق الغربي.
يتناول علاقتها بالمدارس النقدية كالماركسية والبنيوية.
يُبرز ركائزها الأساسية وأهم أعلامها (ياوس وآيزر وغيرهم).
الفصل الثاني: التلقي في النقد الغربي والعربي
يتتبع مفاهيم التلقي منذ النقد اليوناني وحتى النقد العربي الحديث.
يوضح تطور المفاهيم من مجرد تذوق إلى وعي نقدي متكامل.
الفصل الثالث: التلقي في نقد حازم القرطاجني
يعيد قراءة “منهاج البلغاء” كمصدر غني برؤى التلقي.
يستخرج الأسس النقدية التي وضعها حازم.
يوضح كيف تقاطعت أفكاره مع نظريات حديثة دون أن يكون معاصرًا لها.
أهم النتائج التي توصل إليها الباحث:
نظرية التلقي مرت بمخاض عسير في الغرب قبل أن تُؤسّس نظريًا، بين إقصاء دور المتلقي في الماركسية وبداية الاهتمام به في البنيوية والوجودية.
النقد العربي تأثر بعمق بالفكر اليوناني، خاصة عبر كتاب “فن الشعر” لأرسطو.
حازم القرطاجني برز كمجدد حقيقي، إذ حاول الدمج بين البلاغة العربية والفلسفة المنطقية اليونانية.
استخدم مفاهيم فلسفية كالمحاكاة والتخييل والوزن لتحليل الأثر في المتلقي، ما يُعد تأسيسًا مبكرًا لنظرية التلقي.
نقده تخطّى الشكلانيات التقليدية كالدوائر العروضية، واهتم بالبنية الشعرية والتفاعل العاطفي والمعنوي بين الشاعر والمتلقي.
إرهاصات التلقي عند حازم تؤكد أن التراث العربي يزخر بأسس نظرية سبقت نظيراتها الغربية في جوانب عديدة.
خلاصة العرض:
الكتاب يُعد مساهمة أكاديمية رصينة تُعيد طرح أسئلة التلقي والنقد من منظور تأصيلي عربي، وتضع حازم القرطاجني في موقعه المستحق كأحد أهم النقاد العرب الذين لامسوا جوهر العلاقة بين النص والمتلقي، قبل أن يتبلور هذا المفهوم في الغرب بقرون.