رغم تجدد قوائم المنع من الدخول التي تضعها بعض الجهات الصهيونية أو الداعمة لإسرائيل، وتطال نشطاء وصحفيين وأكاديميين من دول عدة بسبب مواقفهم العلنية المناهضة للصهيونية، إلا أن مواطني مصر ظلوا إلى حد كبير خارج هذه القوائم، في مفارقة تلفت الانتباه.
ويُعزى هذا الاستثناء، حسب مراقبين، إلى اعتبارات سياسية تتجاوز الموقف من الصهيونية نفسه. فمصر، التي تُعد أول دولة عربية وقّعت اتفاق سلام مع إسرائيل عام 1979، تحتفظ بعلاقات دبلوماسية وأمنية مستقرة معها، ما يجعل إدراج مواطنيها ضمن هذه القوائم أمراً حساساً قد يُفسر كمساس بالتفاهمات السياسية بين الجانبين.
ويضيف محللون أن النظام المصري غالباً ما يتحرك بمرونة في الملف الفلسطيني، فيجمع بين خطاب دعم الحقوق الفلسطينية وبين الحفاظ على قنوات التواصل مع إسرائيل، ما ينعكس – بطريقة غير مباشرة – على طريقة تعاطي المؤسسات الإسرائيلية أو المؤيدة لها مع المصريين الناشطين في هذا الملف.
ورغم أن أصواتاً مصرية بارزة تواصل التعبير عن دعمها للقضية الفلسطينية ومعارضتها للصهيونية على مختلف المنصات، إلا أن هذه المواقف لم تُترجم حتى الآن إلى إجراءات عقابية كتلك التي طالت شخصيات من جنسيات أوروبية أو عربية أخرى، وهو ما يعزز الانطباع بأن المصالح السياسية قد تتقدم – مرة أخرى – على المبادئ المُعلنة.
رأي الخبراء:
يقول الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، د. عمرو الشوبكي: “من غير المرجح أن يتم استهداف شخصيات مصرية، لأن تل أبيب حريصة على عدم المساس بما تعتبره توازناً حساساً في علاقتها مع القاهرة، خاصة في ظل التعاون الأمني والتنسيق المتواصل بشأن غزة وسيناء.”
ويرى الصحفي الفلسطيني سامي أبو زهري أن: “إسرائيل تستخدم قوائم المنع كرسالة ردع موجهة، لكنها تتجنب الدخول في مواجهات مع شخصيات من دول ترتبط معها باتفاقيات أمنية حساسة مثل مصر”.
في الختام يبقى استثناء المصريين من قوائم المنع الصهيونية مثالًا صارخًا على كيف تُملي السياسة حدود العقوبات، حتى في سياق نزاع بالغ الأيديولوجية والرمزية. وبينما تواصل شخصيات مصرية التعبير عن موقفها المناهض للصهيونية، يبدو أن ثمن هذا الموقف – في حالتهم – لا يُدفع بالدخول إلى قوائم المنع، بل يُدار بحسابات دقيقة تحفظ للسياسة أولويتها.