في زمنٍ، حيث الحدود بين السياسة والثروة والتكنولوجيا تذوب، يبرز صراعٌ غير تقليدي بين عملاقين، دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق الحالى، وزعيم التيار الشعبوي، وإيلون ماسك، أغنى رجل في العالم وسيد التكنولوجيا والفضاء-حسبما يصفه الأمريكيون-، ليست مجرد خلافات شخصية، بل معركة إستراتيجية حول “السلطة، والنفوذ، والهيمنة” على مستقبل أمريكا.، فمن يملك أوراق القوة؟ ومن سينتصر في حرب العمالقة هذه؟
عندما تتصادم قوة السياسة مع سحر المال
“المال هو الدم الذي يجري في عروق العالم الحديث”، هكذا كتبت الكاتبة الأمريكية كيم هاريسون، مؤكدةً أن من يمتلك الثروة يمتلك القرار، لكن ماذا يحدث عندما يصطدم هذا المال بالسياسة، وتتحول العلاقة بين أثرياء العالم وقادته إلى حرب مفتوحة؟ الأكثر إثارةً للقلق هو عندما يكون الخصمان هما: دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي الأكثر جرأةً وتأثيرًا في القرن الحادي والعشرين، وإيلون ماسك، الملياردير الثوري الذي يبدو وكأنه خرج من روايات الخيال العلمي.
هذا ليس مجرد صراع شخصي، بل هو زلزال يهدد الاقتصاد الأمريكي، والأمن القومي، ومستقبل التكنولوجيا العالمية، فمن سينتصر في هذه المعركة؟ ومن سيدفع الثمن؟
جذور العلاقة: من التحالف إلى الافتراق
في بدايات إدارة ترامب عام 2017، كان ماسك عضوًا في مجلسين استشاريين تابعين للرئيس الجمهوري، مايشير إلى تقارب بين رأس المال الطموح والبيت الأبيض، لكن سرعان ما انهار هذا التحالف عندما انسحب ماسك علنًا من المجالس، احتجاجًا على انسحاب أمريكا من اتفاق باريس للمناخ، ومنذ ذلك الحين، أخذ التوتر في التصاعد، حتى باتت العلاقة بين الاثنين أقرب إلى معركة مفتوحة يتبادل فيها الطرفان الانتقادات بشكل مباشر أو عبر المنصات الرقمية.
الفصل الأول.. من الحلفاء إلى الأعداء
قبل أشهر فقط، كان ترامب وماسك، حليفين استراتيجيين، ففي انتخابات 2024، ضخ ماسك أكثر من 250 مليون دولار لدعم حملة ترامب، مما ساعده في العودة إلى البيت الأبيض. في المقابل، عين ترامب ماسك وزيرًا لـ”الكفاءة الحكومية”، وهو منصب غير تقليدي سمح للملياردير بتقليص الإنفاق الفيدرالي وزيادة نفوذه.
لكن الهدنة لم تدم طويلًا، فالخلافات الاقتصادية بدأت تطفو على السطح، خاصةً مع اقتراب ترامب من توقيع “مشروع القانون الكبير”، الذي يهدف إلى إصلاح الضرائب والإنفاق، وما المشكلة؟ هذا القانون يضرب مصالح ماسك مباشرةً، حيث يلغي الإعفاءات الضريبية للسيارات الكهربائية (ضربة لتسلا)، ويقلص دعم الطاقة النظيفة (ضربة لمشاريع ماسك المستقبلية).
عندما تحولت التغريدات إلى تهديدات نووية اقتصادية
ماسك هاجم القانون علنًا على منصة “X”، واصفًا إياه بـ”العار” وداعيًا الشعب الأمريكي إلى رفضه، وترامب ردّ بتهديد صريح: “يمكنني سحب كل العقود الحكومية من شركات ماسك”، في إشارة إلى سبيس إكس، وتسلا، وحتى نيورالينك.
وصعد ماسك وهدد بإيقاف تشغيل مركبة “دراغون” الفضائية، التي تعتمد عليها “ناسا” لإرسال رواد الفضاء إلى المحطة الدولية.
الفصل الثاني: من الأكثر خسارةً؟ تحليل الخسائر الفادحة
خسائر إيلون ماسك:
انهيار أسهم تسلا: خسرت “14%” في يوم واحد، مما أزال “152 مليار دولار” من قيمتها السوقية، وهى ضربة لقانون السيارات الكهربائية، بالإضافة الى إلغاء الإعفاء الضريبي (7500 دولار لكل سيارة) قد يكلف تسلا “1.2 مليار دولار سنويًا”، وسبيس إكس في خطر، وعقود “ناسا والبنتاغون” (بقيمة 22 مليار دولار) مهددة بالإلغاء، ومشروع “الروبوتاكسي” (السيارات ذاتية القيادة) يواجه تدقيقًا حكوميًا متزايدًا، مما قد يؤخر إطلاقه لسنوات.
خسائر ترامب:
انهيار أسهم “ترامب ميديا”: خسرت “44%” من قيمتها، مما كبد ترامب “1.7 مليار دولار”، وهدد ماسك بدعم منافسي ترامب وقال: “سنطرد كل سياسي صوت لصالح هذا القانون”، وهناك أزمة في الحزب الجمهوري حيث العديد من مؤيدي ترامب بدأوا يتساءلون: هل يستحق الصراع مع ماسك كل هذه التكاليف؟
الخاسر الأكبر.. أمريكا نفسها
وكالة ناسا بدون “دراغون”: ستعود إلى الاعتماد على روسيا (سويوز) أو بوينغ (المعطلة تقنيًا)، والبنتاغون في ورطة: شبكة “ستارلينك” العسكرية و”القبة الذهبية” (لمواجهة الصواريخ الروسية والصينية) قد تتأخر، والصين تنتظر في الظل: إذا انهارت تسلا، ستسيطر السيارات الكهربائية الصينية على السوق العالمي.
الفصل الثالث: السيناريوهات المحتملة – من سينجو؟
السيناريو الأول: الحرب تستمر، ومزيد من التصعيد، وتجميد العقود، وتأثير كارثي على الاقتصاد الأمريكي، والخاسر الأكبر: الولايات المتحدة كقوة عظمى.
السيناريو الثاني: هدنة مؤقتة يعدل خلالها ترامب قانون الضرائب لتخفيف الضرر على ماسك، وماسك يتراجع عن تهديداته مقابل تنازلات سياسية.
السيناريو الثالث: الانتقام الخفي، وهو ان ماسك يستخدم نفوذه المالي لدعم خصوم ترامب في الانتخابات المقبلة، فى مقابل ان ترامب يشن حملة تشريعية لتفكيك احتكار ماسك للتكنولوجيا.
أسلحة ترامب: السياسة الشعبوية وجماهير الملايين
يمتلك ترامب ترسانة من الأدوات التي جعلته لا يُقهَر في المعارك العامة، وهى القاعدة الجماهيرية الكبيرة تقريبا 90 مليون متابع على “تروث سوشيال” (Truth Social)، وولاء ملايين الناخبين الذين يرونه صوت “أمريكا الحقيقية”.
ويمتلك أيضا الخطاب الإعلامي المتفجّر، و قدرته على صنع الأزمات بكلمة واحدة، وتحويل أي هجوم عليه إلى حرب ثقافية (مثل اتهامات “ووك بيغ” للجمهوريين)، ويتحكم بنفوزه داخل الحزب الجمهوري بسيطرة شبه كاملة على ترشيحات الكونجرس، ما يجعله “صانع الملوك” وفقا لوصفهم.
أسلحة ماسك، تضم المال والتكنولوجيا وسيطرة على العقل الجمعي، ولديه ما قد يكون أخطر أسلحة العصر الحديث، وهو السيطرة على المنصات الرقمية، وبعد شراء تويتر (X)، أصبح يتحكم في المنصة التي تُشكل الرأي العام العالمي، فتصرفاته (مثل تعليق حسابات أو تغيير سياسات المحتوى) تُغيّر قواعد اللعبة.
كما يمتلك ماسك الثروة غير المحدودة، بقيمة 200 مليار دولار، ويمكنه تمويل مشاريع تُحبط خصومه (مثل كشف تويتر عن تلاعب FBI بالمحتوى).
ويصفه الشارع الأمريكى بأسطورة “العبقري” فصورته كـ”توني ستارك الواقعي” تمنحه حصانة لدى الرأي العام، حتى عندما يهاجمه ترامب.
نقاط الاصطدام.. من “تويتر” إلى البيت الأبيض
إعادة ترامب لتويتر بعد حظرها له كانت مُذلّة له، بينما رأى ماسك فيها فرصة لتعزيز سلطته، وفى الانتخابات الأمريكية 2024 ، ماسك يلمح لدعم مرشحٍ غير ترامب مثل (ديسانتيس)، بينما ترامب يهاجم “تويتر” ويُهدد بمنصبه البديل.
المعارك القانونية:
اتهامات ترامب بـ”تسييس العدالة” قد تُستخدم ضد ماسك إذا تدخلت إدارات حكومية في أعماله (مثل Tesla أو SpaceX).
من الإهانات إلى التهديدات
معسكر ترامب قال “إن ماسك يدّعي أنه حرّ التفكير، لكنه يخاف من بايدن!” وقال ترامب في مقابلة مع فوكس نيوز، مُلمّحًا إلى تعاملات ماسك مع الإدارة الديمقراطية: “شراءه لتويتر كان خطأً.. المنصة أصبحت جثّة!” حسبما نقلت لورين بوبرت (نائبة جمهورية مقرّبة من ترامب).
وقال ماسك: “لو كان ترامب عبقريًّا كما يقول، لكان قد صنع صاروخًا بدل كلمات فارغة!” كان ذلك فى تغريدة لماسك حذفها لاحقًا (لكنها انتشرت كالنار)، وقال لاحقا: “لا نية لدي لدعم أي مرشح يرفض التكنولوجيا والعلم”
ماذا وراء الكواليس؟
سياسيا:
قال ديفيد أورين، محلل شؤون رئاسية في “CNN” : “ترامب يستفيد من مهاجمة ماسك.. فهو يريد إقناع جمهوره أن النخبة التكنوقراطية ضدهم”
اقتصاديا:
وفى تقرير لبلومبرج أشارت إلى أنه إذا دعم ماسك منافس ترامب (مثل ديسانتيس)، فقد يُجبره على الاختيار بين قاعدة ترامب الشعبوية ومستثمري وول ستريت”
وقال نيل فيرغسون، المؤرخ الإقتصادي: “صراعهم يعكس انقسام أمريكا الجديد.. قومية شعبوية ضد رأسمالية التكنو-عولمة”
نقاط الاشتعال المستقبلية
هل سيُعلن ماسك دعمه العلني لخصوم ترامب؟ وهل يفتح ترامب جبهة معركة قانونية، وتحقيقات الكونجرس الجديدة في “تويتر” قد تُستخدم كسلاح ضد ماسك.
ومن الذى أصبح متعارف عليه، أن في الولايات المتحدة، لا شيء يحدث في الظل إذا كان أحد أطرافه دونالد ترامب، والآخر إيلون ماسك، فالأول سياسيٌ لا يعترف بالقيود، والثاني ملياردير لا يعترف بالمستحيل، وبين غرور السلطة وجنون الابتكار، ينفجر صراع من نوعٍ جديد، لا يُدار في كواليس السياسة فحسب، بل يمتد إلى وادي السيليكون، وأسواق الأسهم، وحتى عقول الناخبين.
أدوات القوة: سياسة تغرد واقتصاد يُبرمج
ترامب يملك قاعدته الشعبوية، وحزبه الجمهوري، وجهازًا إعلاميًا ضخمًا يضعه دائمًا في مركز الضوء، بالإضافة إلى منصة “Truth Social” التي يستخدمها كسلاح سياسي، وفي المقابل، يمتلك ماسك أدوات أكثر تنوعًا: شركات عملاقة مثل تسلا وسبيس إكس، ومنصة إكس (تويتر سابقًا) التي أصبحت مختبرًا للأفكار وصندوق اقتراع للرأي العام، إلى جانب نفوذ مالي وتقني يمتد إلى أعمق طبقات البنية التحتية الأميركية.
لكن اللافت هو أن ماسك بدأ مؤخرًا يلعب بأوراق أقرب إلى السياسية، كدعوته المتكررة لحرية التعبير، ومواقفه من الهجرة، وظهوره في المؤتمرات الجمهورية، بل وتحريكه للرأي العام ضد توجهات يسارية أو ليبرالية، وهذا ما يثير قلق ترامب، الذي يرى أن ماسك يزاحمه في ملعبه، ويخاطب نفس الجمهور الذي كان يملكه وحده.
تأثير الصراع على الاقتصاد الأمريكي
أسواق المال تتنفس بقلق مع كل تصعيد بين ترامب وماسك، فكلما لمح ترامب إلى نية فرض ضرائب على الشركات الكبرى أو إعادة صياغة قوانين الإنترنت، تراجعت أسهم التكنولوجيا، وكلما اتخذ ماسك موقفًا متطرفًا أوغامضًا، تأثرت شركاته، لا سيما تسلا، التي تعتمد على ثقة المستثمرين.
المحللون يرون أن هذا الصراع له تأثير مزدوج، فهو يعكس هشاشة العلاقة بين السلطة والمال في أمريكا، ويهدد استقرار قطاعات حيوية مثل السيارات الكهربائية، والفضاء، والذكاء الاصطناعي.
ماسك تحت الضغط.. أم ماسك يضغط؟
رغم أن ماسك لا يخوض انتخابات، فإن تأثيره يكاد يوازي المرشحين السياسيين، فتغريدة منه قد ترفع أو تسقط سهمًا، أو تشعل جدلاً وطنيًا، وفي المقابل، بدأ ترامب يشكك في نوايا ماسك علنًا، واصفًا إياه تارة بـ”المحتال”، وتارة بـ”المتردد”. لكن ماسك يرد بلغة السوق والتكنولوجيا، ويبدو أنه يحشد لنفوذ جديد، لا يُقاس بعدد الأصوات، بل بعدد المستخدمين والمستثمرين.
قراءات الخبراء: ماذا لو استمر الصراع؟
يرى خبراء السياسة أن استمرار هذا الصراع قد يدفع الحزب الجمهوري إلى إعادة التفكير في علاقته بالوادي التكنولوجي، خصوصًا أن شريحة كبيرة من المحافظين بدأت ترى في ماسك شخصية مستقلة ومؤثرة، وفي المقابل، يعتبر خبراء الاقتصاد أن تكرار الاشتباك بين رأسي السلطة والمال بهذه الطريقة قد يزعزع ثقة المستثمرين الدوليين في بيئة الأعمال الأميركية، خاصة إذا دخلت الدولة في مواجهة تشريعية أو ضريبية مع شركات ماسك.
أكد الخبراء السياسيين القريبين من ترامب، أن تصاعد الأزمات داخل البيت الأبيض مع تزايد الانقسامات والخلافات العميقة، حيث يواجه دونالد ترامب اضطرابات غير مسبوقة تهدد مستقبل خططه الاقتصادية وحظوظه السياسية، ففقدانه دعم إيلون ماسك يضع قادة الحزب الجمهوري أمام اختبار حقيقي، مع توترات قد تعيد رسم ملامح المشهد الأمريكي وتعرقل مسيرة العودة إلى السلطة، فهل ستكون هذه الأزمة بداية النهاية لعرض ترامب، أم أنها مجرد هزة عابرة في مسيرة رجل السياسة المستعد دائمًا للتحدي؟
تأثير فقدان دعم إيلون ماسك على الخطط الاقتصادية
بعد الانفصال العلني، يتراجع دعم ماسك، مما يهدد تنفيذ خطط ترامب الاقتصادية التي تعتمد على دعم رجال الأعمال البارزين، ففقدان الحليف يؤثر على الثقة ويعزز التوترات السياسية الداخلية.
ملامح خطط ترامب الاقتصادية: الضرائب والإنفاق
يسعى ترامب إلى خفض الضرائب على الشركات، مع زيادة الإنفاق لتعزيز الاقتصاد الوطني، مما سيؤدي إلى عجز مالي كبير يتوقع أن يصل إلى تريليونات الدولارات خلال العقد القادم، وفقًا لدراسات مالية.
فرض التعريفات الجمركية وتأثيرها
اقترح ترامب فرض تعريفات بنسبة 10% على الواردات العامة و60% على واردات الصين، بهدف حماية الإنتاج الأمريكي، لكن، تشير التحليلات إلى أن ذلك قد يعرقل النمو الاقتصادي ويخفض الأجور بشكل كبير.
خطة خفض أسعار الطاقة والأهداف الطموحة
وعد ترامب بالخفض بنسبة تصل إلى 50% خلال سنة ونصف، بهدف تقليل أسعار البنزين، وتحفيز الاقتصاد، هذه السياسات تثير جدلاً حول تأثيرها على البيئة وأسواق الطاقة.
انتقادات ماسك وتداعياتها
انتقد ماسك خطط ترامب الاقتصادية بقوة، موجهًا تحذيرات من ركود محتمل، وصف السياسات بأنها غير مسؤولة، وأشار إلى ضرورة عزل ترامب سياسيًا واقتصاديًا.
رد ترامب وتهديدات إلغاء العقود
يهدد ترامب بإلغاء عقود حكومية مع شركات ماسك، خاصة SpaceX وTesla، التي قد تفقد مليارات الدولارات، هذه خطوة قد تؤدي إلى تبعات اقتصادية وسياسية ضخمة تهدد استقرار الشركات.
المستقبل غير واضح
فقدان دعم ماسك يضعف زخم خطط ترامب، مع تصاعد الانتقادات والانقسامات الداخلية، وتهديدات بإلغاء العقود، مما قد يؤثر على السياسات الاقتصادية والسياسة الداخلية بشكل كبير.
خسائر مالية فادحة لماسك
هبطت أسهم “تسلا” بنسبة 14% أمس الأول لتمحو أكثر من 150 مليار دولار من قيمتها السوقية، كما تضررت شركة “ديستني تك 100″، وهي صندوق استثمار مغلق يملك حصة كبيرة في “سبيس إكس”، إذ تراجعت أسهمها 13%، تُعد أسهم “تسلا” الآن في طريقها لتسجيل أسوأ أسبوع لها منذ أكثر من عام، كما أنها أصبحت الأسوأ أداءً منذ بداية العام بين مجموعة “العظماء السبعة” من شركات التكنولوجيا، وفق بيانات “بلومبرغ”.
وصف دان آيفز، المحلل لدى “ويدبوش”، الوضع بأنه “شجار من مستوى المدارس المتوسطة، حيث تحول أعز الأصدقاء إلى صديق وعدو في نفس الوقت”. وأضاف: “إنها حالة من عالم الخيال بالنسبة للمستثمرين، لأن آخر ما يريدونه هو أن يتحول ترمب من داعم كبير لماسك وتسلا إلى خصم لهما”.
تداعيات سياسية ومالية خطيرة
انسحب ماسك من دوره ضمن إدارة ترمب الأسبوع الماضي، استجابةً لدعوات من مساهمي “تسلا” بضرورة التراجع خطوة إلى الوراء، ولكن منذ خروجه، بات ينتقد مشروع القانون الذي يمثل محور سياسة ترمب الداخلية، واصفاً إياه بـ”العمل البغيض المثير للاشمئزاز”.
يزيد الطين بلة أن السياسات التي يتبناها ترمب والجمهوريون قد تُعرض مليارات الدولارات للخطر بالنسبة لـ”تسلا”، إذ يعني إقرار مشروع القانون إلغاء ائتمان ضريبي بقيمة تصل إلى 7500 دولار لمشتري بعض طرز “تسلا” من السيارات الكهربائية بحلول نهاية العام الجاري، ما قد يُكبد الشركة خسارة تصل إلى 1.2 مليار دولار سنوياً، وفق تقديرات “جيه بي مورغان”.
مستقبل غامض ومخاطر متزايدة
ارتفعت أسهم “تسلا” بنسبة 29% خلال الأسبوع الذي أعقب فوز ترمب في الانتخابات، لكنها لم تحقق سوى عائدات 4.3% منذ السادس من نوفمبر الماضي، وسط موجة تخارج من المستثمرين.
يرى بول ستانلي، الرئيس التنفيذي لـ”غرانيت باي ويلث مانجمنت”، أن الصدام العلني بين ترمب وماسك “يزيد من المخاطر السياسية والسمعة المحيطة بتسلا”، مشيراً إلى أن الجدل المستمر قد يقوض ثقة المستثمرين ويزيد من تقلبات السهم.
في المقابل، ترى إيرين تونكل، المحللة في “بي سي إيه ريسيرتش”، أن أسهم “تسلا” “مبالغ في تقييمها”، خاصة في ظل تباطؤ النمو والمنافسة الشرسة في سيارات الكهرباء.
محطة حاسمة مع إطلاق الروبوتاكسي
تأتي هذه التجاذبات في وقت حساس، إذ تستعد “تسلا” لإطلاق خدمة الروبوتاكسي في 12 يونيو الجاري، وهو حدث يُعتبر محورياً في تحول الشركة نحو تقنيات القيادة الذاتية.
ويعتقد محللون أن الإطلاق قد يمثل “بداية فصل جديد من النمو”، لكنهم حذروا المستثمرين من ضرورة التحلي بالصبر، وقال أحدهم: “ما زلت أعتقد أنهما ” ترامب وماسك” سيظلان صديقين، لكن هذه المرحلة بالتأكيد عصيبة على مستثمري تسلا”.
بينما تتكشف هذه الأحداث، يبقى مصير التحالف بين الرجلين، ومعه مستقبل “تسلا”، معلقاً بين السياسة والأسواق.
أمريكا بين التغريدة والتشريع
وبين ترامب الذي يطمح للعودة إلى البيت الأبيض، وماسك الذي يبني مستقبله في الفضاء والذكاء الاصطناعي، تقف أمريكا على مفترق طرق، فهل تستطيع الديمقراطية أن توازن بين الملياردير الطموح والسياسي الشعبوي؟ أم أن صراع الأنا سيفتح أبوابًا جديدة لتحولات جذرية في معادلة القوة؟ المؤكد أن ما يجري ليس مجرد شجار شخصي، بل اختبار صريح لما ستكون عليه السلطة في عالم يتحكم فيه رأس المال بالمنصات، وتتشكل فيه القرارات بتغريدة.