أطلق ائتلاف أسطول الحرية اسم “مادلين” على السفينة التي انطلقت من جزيرة صقلية الإيطالية لفك الحصار المفروض على قطاع غزة، فمن هي المرأة الغزيّة التي سميت السفينة تيمنًا بها؟.
مادلين كُلّاب
هي امرأة فلسطينية من قطاع غزة، وأم لأربعة أطفال وحامل بطفلها الخامس، احترفت صيد الأسماك منذ سن الثالثة عشرة لتعيل عائلتها بعد مرض والدها.
مهنة الصيد
ورثت “مادلين” مهنة الصيد في البحر عن أبيها، وكانت أول فتاة فلسطينية تمتهن الصيد في القطاع المحاصر.
في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فقدت مادلين والدها وقاربها وكل ما بنته مع عائلتها، ومع ذلك، واصلت الإبحار في بحرٍ محاصر بحثاً عن الكرامة، لا فقط عن الرزق.
تكريماً لصمودها، حملت السفينة الـ36 في تحالف أسطول الحرية اسم “مادلين” عرفانا وتقديرا لجهودها في إطعام أسرتها.
وتعرّف مادلين نفسها على أنها “صيّادة فلسطينية”، فقد كانت من النساء القلائل، إن لم تكن الوحيدة التي تمتهن صيد الأسماك في قطاع غزة قبل اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023.
ألهمت قصة مادلين ناشطين ما يُعرف بـ “ائتلاف أسطول الحرية”، ليطلقوا اسمها على السفينة رقم 36، التي حاولت الوصول إلى قطاع غزة، محملة بكمية رمزية من المساعدات، بهدف “كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة”، كما يقول الناشطون.
يشار إلى أن السفينة “مادلين” التي أبحرت مطلع يونيو الجاري من ميناء كاتانيا الإيطالي باتجاه غزة، وعلى متنها 12 ناشطاً من جنسيات مختلفة ومساعدات إنسانية، في محاولة جديدة لكسر الحصار المفروض منذ عام 2007.
أيقونة للعدالة
“مادلين” لم تعد مجرد اسم، بل أيقونة للعدالة والحرية، ورسالة بأن غزة رغم الحصار ليست وحدها، وأن الصيّادة الغزّاوية التي واجهت الحرب بيديها المملوئتين بملح البحر، أصبحت صوتاً للإنسانية في وجه الصمت العالمي.
مسار النزوح
روت “مادلين” معاناتها في النزوح لـ”بي بي سي” بقولها :” من بيتنا، إلى مستشفى الشفاء، ثم إلى خان يونس، ورفح، وإلى دير البلح، والنصيرات”.. هذه المناطق لا تسردها مادلين لتعرّفنا على جغرافيّة غزة، بل لتعطينا لمحة عن مسار نزوحها خلال الحرب.
بداية النزوح
وتصف مادلين الأيام الأولى من الحرب التي قلبت حياتها رأساً على عقب، فتقول: “كان الشغل الشاغل لنا في البداية أن نخزن القليل من المؤن، لم يكن يخطر في بالنا أننا سننزح، لكننا نزحنا للمرة الأولى بعد 10 أيام من بدء الحرب”.
تتابع مادلين: “لم أعد أبداً إلى بيتي، أو إلى المنطقة التي كنت أصطاد فيها، جعلَنا النزوحُ ننسى كل شيء، لم يعد لنا شيء، لم أحاول خلال الحرب الرجوع إلى البحر، فلم يعد لدينا شيء، لا مراكب ولا أحد”.
شعور بالفخر
روت “مادلين” قصة تسمية السفينة باسمها قائلة :” تواصل معي ناشط كندي، يعرفني كصيّادة أسماك، وأخبرني أنهم يريدون تسمية مركب منطلق إلى غزة تيمناً باسمي، لأنهم يرون أنّي كافحت في حياتي، وأنّي أمثّل قصة نجاح في مهنة تقتصر على الرجال، أخبروني أنه قارب سِلمي، يحمل فقط بعض المؤن والطعام لأهالي غزة”.
“جعلني ذلك أشعر بالفخر، لأن هناك من يهتم بقصتي ويهتم بي”، تقول مادلين، ثم تكمل في وصف شعورها تجاه رحلة السفينة: “كنا نتابع أخبار السفينة أولاً بأول، وكنا نتمنى أن تتمكن من الوصول إلى غزة، رغم معرفتنا أنه سيتم توقيفها في النهاية”.
“هم يعرفون بقصتي كصيّادة منذ عام 2012، ويعرفون كم عانيت في حياتي وكم كافحت، ويعرفون كم عانيت خلال الحرب رفقة أطفالي الأربعة، لذلك أرادوا تكريمي بتسمية السفينة باسمي”.
رسالة “مادلين”
“رسالتي هي أننا سلميون، نحن نجري من أجل لقمة عيشنا، كان كل همّنا قبل الحرب أن نوفر لأطفالنا الخبز والطعام، لا نريد سوى أن نعيش حياة كريمة، ولا نريد سوى الأمان والسلام، نريد أن يُرفع الحصار، وأن تنتهي الحرب، لا نستطيع الاستمرار في هذا الخوف والجوع، نحن أشخاص نريد أن نعيش”، كانت تلك إجابة مادلين حين سألناها عن الرسالة التي أرادت توجيهها عبر الموافقة على تسمية السفينة باسمها”.
ورغم أن السفينة “مادلين” لم تفلح في الوصول إلى قطاع غزة، فقد احتجزت القوات الإسرائيلية السفينة ومَن على متنها واقتادتهم نحو ميناء إسرائيلي، إلا أن رسالة النشطاء السياسيين قد لاقت صدى واسعا وتحدثت عنها كبريات الصحف والمواقع الإخبارية العالمية.
