تزايدت المخاوف الدولية مؤخرًا من تداعيات استهداف المواقع النووية الإيرانية ضمن التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران،
في ظل تقارير متطابقة عن ضربات جوية شملت محيط منشآت نووية حساسة في نطنز وأصفهان. وبينما لم تؤكد طهران رسميًا تعرض منشآتها النووية لأضرار مباشرة، فإن عدة تقارير استخباراتية غربية أشارت إلى أن بعض الهجمات الأخيرة استهدفت محيط هذه المنشآت،
ما يثير القلق من احتمال وقوع تسرب إشعاعي في حال تكرار أو توسع العمليات. ووفقًا لوكالة “أسوشيتد برس”، فإن موقع نطنز يحتوي على مئات أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، وتعد منشأة تحت الأرض يصعب اختراقها، إلا أن الهجمات المتكررة قد تسبب أضرارًا غير مباشرة في البنية التحتية الحيوية.
المخاوف لا تتعلق فقط بالتأثيرات داخل إيران، بل تمتد إلى تهديد بيئي أوسع قد يطال الدول المجاورة، كما حذر تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2022، والذي شدد على أن أي هجوم على منشآت نووية نشطة يحمل مخاطر “غير قابلة للحصر”،
وقد يؤدي إلى تلوث إشعاعي طويل الأمد، يشبه إلى حد ما ما حدث في تشيرنوبيل أو فوكوشيما، وإن كان على نطاق أصغر.
وفي هذا السياق، قال المدير العام للوكالة رافائيل غروسي في تصريح لوكالة “رويترز” بتاريخ 15 أبريل 2024 إن “المنشآت النووية ليست ساحات قتال، واستهدافها هو سابقة خطيرة قد تهدد الأمن النووي العالمي”.
إسرائيل من جانبها لم تؤكد صراحة استهداف منشآت نووية، لكنها قالت على لسان وزير الدفاع يوآف غالانت، وفقًا لصحيفة “جيروزاليم بوست” في 12 يونيو 2025، إن “جميع مواقع تطوير الخطر الإيراني هي أهداف مشروعة”، في إشارة ضمنية إلى احتمال استهداف مواقع تخصيب أو إنتاج نووي.
هذا التصريح أعاد التذكير بالضربة الإسرائيلية لمفاعل تموز العراقي عام 1981، والتي لم تؤد آنذاك إلى كارثة إشعاعية لعدم احتواء المفاعل على مواد نووية نشطة، بعكس بعض المواقع الإيرانية اليوم.
أما من الناحية التقنية، فقد أشار خبراء نوويون تحدثوا إلى “بي بي سي” في تقرير بتاريخ 13 يونيو 2025 إلى أن منشآت مثل نطنز وفوردو رغم تحصينها، إلا أن القصف المتكرر لمنشآت الطاقة والتبريد قد يتسبب في انفجارات ثانوية تنثر المواد المشعة في الهواء، خاصة إذا لم تكن المخازن مؤمنة بشكل كافٍ.
وأوضح الدكتور مارك هيبورن، خبير الأمان النووي، أن “التهديد الحقيقي لا يكمن فقط في القصف المباشر، بل في احتمال انقطاع أنظمة التحكم والتبريد، ما قد يؤدي إلى ذوبان محلي للمواد”.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه التحذيرات، طالبت روسيا والصين في بيان مشترك نُشر عبر وكالة “شينخوا” يوم 12 يونيو بوقف جميع العمليات العسكرية بالقرب من المنشآت النووية، محذرين من “كارثة بيئية لا يمكن احتواؤها”.
كما دعت ألمانيا وفرنسا عبر بيان للخارجية الأوروبية إلى إجراء تحقيق مستقل بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تبقى احتمالات التسرب الإشعاعي واردة، وإن لم تُسجّل حتى الآن أية مؤشرات علنية على تسرّب فعلي وفق وكالة الطاقة الذرية.
لكن استمرار استهداف مواقع قريبة من المنشآت النووية في ظل التوتر الإقليمي، يجعل من سيناريو التسرب النووي مسألة وقت في حال عدم كبح التصعيد العسكري بين تل أبيب وطهران.