ما حدث في إيران فجر اليوم نسخة طبق الأصل مما حدث في لبنان قبل عدة أشهر، استهداف وتصفية كامل القيادة العسكرية والاستخباراتية للدولة بدقة مثيرة للدهشة، إيران مخترقة استخباراتيا حتى النخاع، هناك عملاء في مراكز القيادة والسيطرة والمعلومات، الهجوم الإسرائيلي الواسع كان واضحا أنه تحرك وفق معلومات تفصيلية دقيقة، من مصادر لا يرقى إليها الشك عندهم، كأنهم يقرأون في كتاب مفتوح، تماما كما حدث في بيروت، أعتقد أن هذه المواجهة هي نهاية النفوذ الإيراني في المنطقة لعقود طويلة مقبلة، وربما نهاية النظام الإيراني نفسه.
بعيدا عن التشنجات، النكاية في إيران وقادتها العسكريين المجرمين الملوثة أيديهم بدماء العرب في سوريا ولبنان والعراق واليمن، يشفي غليل شعوب عربية عدة عانت طويلا من جرائم إيران وأذرعها، لكن هزيمة إيران في المواجهة الحالية مع إسرائيل، وفي ظل حسابات اللحظة، ليس في صالح العرب، دولا وشعوبا، ودرس ما جرى بعد انهيار نظام صدام حسين ما زال حاضرا، السياسة لعبة توازنات، لذلك أعتقد أن الإدانات التي صدرت من دول الخليج العربي للعدوان الإسرائيلي على إيران ليست نفاقا، بل إدراك لتلك المعادلة الحساسة، إضعاف إيران مفيد، لكن كسرها الكامل ضار جدا.
المجرم القاتل، اللواء محمد باقري رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، الذي قتل اليوم في هجمات إسرائيلية، يتداول السوريون اليوم صوره عندما كان يقود كتائبه في حصار مدينة حلب السورية عام 2017 ويهدم بيوتها على رؤوس أطفالها ونسائها ويسحق ثورة شعبها نصرة للطاغية بشار الأسد، إيران الصفوية كانت خططها واستراتيجيتها الجوهرية هي للتمدد والهيمنة في عواصم العرب السنة، ولم تتجهز أبدا ولا تخطط لمواجهة “الإسرائيلي”، لذلك بدا باقري “قاتل الأطفال” أسدا على شعوبنا المستضعفة الباحثة عن الحرية والكرامة، ونعامة تافهة أمام العدو يصطادهم بسهولة اصطياد العصافير.
إسرائيل بلا جيش حقيقي، قوتها تنحصر تقريبا في سلاحها الجوي الأمريكي بنسخه الأكثر تطورا وتحديثا، فإذا صحت الأخبار عن نجاحها في تدمير منظومات الدفاع الجوي الإيرانية بالكامل في عموم البلاد، فستكون المعركة قد حسمت، وستصبح أرض إيران وسماؤها ساحة للمتعة والتنزه للطائرات الإسرائيلية، وقتما تشاء، وكيفما تشاء، أرجو أن لا يكون ذلك هو الذي حدث.
سهولة الهجوم وحجم الاختراق ودقة استهداف الشخصيات والمنشآت، كشف بوضوح أن إيران كانت نمرا من ورق، وتصريحات قادتها العسكريين أو السياسيين «هياط»، «جعجعة» ولا تساوي الحبر الذي كتبت به.