في خضم التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأحد، أن الولايات المتحدة “ستواصل دعم إسرائيل في حقها في الدفاع عن نفسها”، وسط موجة من الضربات المتبادلة بينها وبين إيران، أثارت مخاوف من اتساع رقعة النزاع في المنطقة.
وفي تصريحات للصحفيين من أمام البيت الأبيض، شدد ترامب على أن “الأمل لا يزال قائماً في التوصل إلى اتفاق بين الطرفين”، لكنه أضاف بلهجة حاسمة: “أحيانًا، يتعين على المرء أن يكافح من أجل ذلك”، في إشارة إلى تعقيد الملف وتعدد أطرافه الإقليمية والدولية.
ورغم إلحاح الصحفيين، رفض الرئيس الأميركي الكشف عما إذا كانت واشنطن قد طلبت من إسرائيل وقف ضرباتها على الأراضي الإيرانية، ما يفتح باب التأويلات حول موقف الإدارة الأميركية من وتيرة التصعيد الحالي.
وساطة روسية محتملة
وفي تطور لافت على مستوى الجهود الدبلوماسية، كشف ترامب عن انفتاحه على دور وساطة محتمل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأزمة، مشيراً إلى أنه تلقى اتصالاً من بوتين السبت الماضي، تناول خلاله الطرفان بشكل موسّع التصعيد بين تل أبيب وطهران.
وقال ترامب لشبكة ABC News الأميركية:
“سأكون منفتحًا على ذلك. بوتين مستعد. لقد اتصل بي بهذا الشأن، وأجرينا محادثة طويلة، ليس فقط عن الموضوع، بل عن دوره في حله. أعتقد أنه سيتم التوصل إلى حل في النهاية”.
وأكدت الرئاسة الروسية (الكرملين)، من جانبها، أن بوتين عرض رسمياً القيام بدور الوسيط، في مكالمة هاتفية مع ترامب، وهو ما اعتبره مراقبون تطورًا دبلوماسيًا مثيرًا، بالنظر إلى أن موسكو تحتفظ بعلاقات استراتيجية وثيقة مع طهران، في مقابل توتر متزايد مع واشنطن منذ بداية الحرب في أوكرانيا.
تفاهم أميركي روسي نادر
ورغم الفجوة السياسية العميقة بين واشنطن وموسكو، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن اتصال ترامب – بوتين حمل نغمة غير معتادة من التفاهم حول الوضع في الشرق الأوسط. وكتب ترامب على منصة تروث سوشال:
“اتفقنا، أنا وبوتين، على أن القتال بين إيران وإسرائيل يجب أن ينتهي. العالم لا يستطيع تحمل المزيد من الحروب”.
يُشار إلى أن هذا التفاهم يأتي في وقت تُتهم فيه إيران بتقديم دعم عسكري مباشر لروسيا، لا سيما من خلال تزويدها بطائرات مسيرة من طراز شاهد، التي استخدمت على نطاق واسع في استهداف البنية التحتية الأوكرانية.
إيران بين الضغوط والعزلة
وتعاني إيران من عزلة دولية متزايدة، حيث تتعرض لعقوبات غربية مشددة بسبب برنامجها النووي، ودورها في الحرب الروسية – الأوكرانية، إضافة إلى دعمها فصائل مسلحة في المنطقة. ومع ذلك، لا تزال تحظى بدعم دبلوماسي وتعاون عسكري واسع من روسيا، وهو ما يمنح بوتين ورقة قوية في أي وساطة محتملة.
حالة من الذعر في تل أبيب
وعلى الأرض، تواصلت سلسلة الهجمات المتبادلة، ما تسبب في حالة ذعر كبيرة في المدن الإسرائيلية. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو تظهر السكان في تل أبيب يهرعون إلى الملاجئ، في ظل سقوط صواريخ إيرانية، بعضها تسبب في أضرار مباشرة بالمباني والمنشآت.
مراقبون: الوساطة صعبة لكنها ليست مستحيلة
ويرى محللون أن وساطة بوتين قد تبدو معقدة، لكنها ليست مستحيلة، خاصة إذا حظيت بدعم أميركي غير مباشر، وقد تشكل فرصة نادرة لتخفيف التصعيد، شريطة أن تبدي إسرائيل وإيران استعدادًا حقيقيًا للتفاوض. كما أشار بعض الخبراء إلى أن بوتين قد يسعى لاستخدام هذه الوساطة لتحسين صورته الدولية وسط العزلة التي يواجهها بسبب حربه في أوكرانيا.
في المحصلة، تظل التطورات مرهونة بالأيام القليلة القادمة، حيث يمكن لأي ضربة عسكرية جديدة، أو فشل في احتواء الردود المتبادلة، أن يُفشل أي جهود دبلوماسية، ويعيد المنطقة إلى حافة حرب إقليمية واسعة النطاق.